في يوم السبت 22 فبراير 2025، تحتفل المملكة العربية السعودية بذكرى يوم التأسيس، الذي يمثل محطة تاريخية بارزة في مسيرة الدولة، ويعيد إلى الأذهان الإرث العريق الذي استندت إليه المملكة منذ أكثر من ثلاثة قرون. يُعد هذا اليوم مناسبة وطنية لاستذكار الجذور الراسخة للدولة السعودية، والتأكيد على عمقها التاريخي والحضاري، حيث لم يكن تأسيسها مجرد حدث عابر، بل كان نقطة تحول جوهرية أسست لمنظومة حكم قائمة على العدل والاستقرار والوحدة السياسية. فمنذ نشأة الدولة السعودية الأولى، ثم الثانية، وصولًا إلى توحيد أرجاء البلاد في ظل الدولة السعودية الثالثة، ظل نهج القيادة متماسكًا في تعزيز الأمن، والاستقرار، والتنمية المستدامة. تأسست الدولة السعودية الأولى عام 1727م في الدرعية، عندما أرسى الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- الأسس السياسية والإدارية للدولة، مستندًا إلى مبادئ الإسلام وتعاليمه السمحة. كانت هذه المرحلة بداية التحول التاريخي، حيث نجحت الدولة الناشئة في توحيد العديد من الأقاليم تحت راية الحكم السعودي، مما ساهم في تحقيق الاستقرار ونشر العلم وتعزيز الأنشطة الاقتصادية والتجارية. بعد سقوط الدولة الأولى، واجهت المنطقة اضطرابات سياسية، إلا أن الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود -رحمه الله- استطاع عام 1824م إعادة تأسيس الدولة السعودية الثانية، وجعل الرياض عاصمتها الجديدة، مستكملًا مشروع الوحدة وتعزيز الاستقرار. ورغم التحديات الداخلية والخارجية التي واجهتها الدولة، فإنها ظلت صامدة بفضل اللحمة الوطنية والقيادة الرشيدة. بدأت ملامح الدولة السعودية الثالثة بالتشكل عندما نجح الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- في استعادة الرياض عام 1902م، لتبدأ مرحلة جديدة من العمل على توحيد البلاد وتأسيس المملكة العربية السعودية عام 1932م. وقد شهدت هذه الحقبة تحولات جوهرية على كافة المستويات، حيث أُرسيت دعائم التنمية، وبُنيت مؤسسات الدولة الحديثة، وانطلقت مسيرة النهضة في مختلف القطاعات. يأتي يوم التأسيس لعام 2025 والمملكة العربية السعودية تواصل تعزيز مكانتها كركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي والدولي، حيث أصبحت الرياض مركزًا للحوار والسلام، وهو ما تجلى في استقبالها لعدد من وزراء الخارجية وكبار المسؤولين من مختلف دول العالم، تأكيدًا لدورها الفاعل في إرساء دعائم الأمن والاستقرار. كما يعكس الاستقبال الدبلوماسي المكثف الثقة الدولية بالمملكة، وإدراك المجتمع الدولي لأهمية دورها في تعزيز التوازنات السياسية والاقتصادية على المستويين الإقليمي والعالمي. منذ تأسيسها عام 1727م، التزمت المملكة العربية السعودية بمبادئ العدالة، واحترام العهود والمواثيق الدولية، وحسن الجوار، والتعاون الإقليمي والدولي، مما جعلها نموذجًا في الاستقرار السياسي والاقتصادي، ومركزًا عالميًا في مجالات الطاقة والاقتصاد والتكنولوجيا. وبينما نحتفي بيوم التأسيس، فإن المملكة تمضي قدمًا وفق رؤية طموحة يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، مرتكزةً على إرث الأجداد، وطموح الأحفاد، ونهج القيادة الحكيمة، لمواصلة مسيرة التقدم والازدهار، وتعزيز موقعها كقوة اقتصادية وسياسية وثقافية على المستوى العالمي. كل عام وبلادنا شامخة، ورايتها خفاقة بين الأمم، ومستقبلها مشرقٌ بطموحات أبنائها ورؤى قيادتها. أ.د. عوض بن خزيم الأسمري