تحتفل المملكة العربية السعودية قيادةً وشعباً في اليوم الثاني والعشرين من شهر فبراير من كل عام بيوم التأسيس. وهذا اليوم المبارك المجيد يرمز إلى ذكرى يوم تأسيس كيان الدولة السعودية الأولى في وسط شبه الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر من الميلاد وتحديداً في سنة 1139ه الموافق عام 1727م على يد الإمام محمد بن سعود –رحمه الله–. ومن المهم أن نُشير إلى أن هذا الاحتفاء الميمون بهذا اليوم المبارك جاء استجابة وتنفيذاً للأمر الحكيم لمولاي قائد هذه البلاد المباركة وراعي نهضتها الحديثة والشاملة والدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –أيده الله– الابن الخامس والعشرون لجامع شمل ومؤسس وموحد الدولة السعودية الثالثة؛ جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود –طيب الله ثراه– (1876م – 1953م) حيث يعود له –طيب الله ثراه– الفضل الأول بعد فضل الله وتوفيقه في توحيد المملكة العربية السعودية في تاريخ 23 سبتمبر 1932م، وإرساء ركائز الأمن والاستقرار، وتعزيز اللحمة والوحدة الوطنية، وجمع الشمل وتوحيد الصف تحت راية التوحيد في هذه البلاد المباركة. وقد صدر هذا الأمر الحكيم المشار إليه آنفاً برقم أ/371 وتاريخ 24 /06 /1443 للهجرة، الموافق 27 /01 /2022م؛ ليكون يوم 22 من شهر فبراير من كل عام يوماً وطنياً متميزاً يحمل اسم يوم التأسيس. وُلِد الإمام العادل محمد بن سعود بن محمد بن مقرن في سنة 1090ه الموافق عام 1679م، وتوفي –رحمه الله– سنة 1179ه الموافق عام 1765م، ونشأ وكبر في بلدة الدرعية. ويعود الفضل بعد فضل الله وتوفيقه لهذا الإمام العادل في تأسيس الدولة السعودية الأولى كنواة للوحدة الوطنية وتأمين الاستقرار بكافة أشكاله في بلدة الدرعية وما جاورها من البلدان والقبائل في منطقة نجد، وذلك بعد أزمنة من الضعف والفرقة والاضطراب والتشتت والتناحر، منتهجاً –رحمه الله– في تصريف وإدارة إمارة هذه البلدة كتاب الله وسنة رسوله المطهرة. كما أن للملاحم البطولية التي قادها الأمير مانع بن ربيعة المريدي الحنفي –رحمه الله– (الجد الثاني عشر لجلالة الملك عبدالعزيز، والجد السابع للإمام محمد بن سعود –رحمهم الله–) في القرن الخامس عشر الميلادي (850 من الهجرة، 1446 ميلادي) الفضل بعد فضل الله في تأسيس كيان بلدة الدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى حيث كان أسلافه –رحمهم الله–. لقد أجمع المؤرخون في وصف مكارم شخصية وصفات الإمام محمد بن سعود –رحمه الله– بخصال حميدة كالكرم والحكمة والشجاعة والعدل فضلاً عن الحس الإداري الذي تميز به في تصريف إدارة شؤون البلاد والعباد. ومن أبرز إنجازات الإمام محمد بن سعود –رحمه الله– على سبيل الذكر لا الحصر أنه عمل على حماية وتأمين الطرق المؤدية إلى المشاعر المقدسة في الجزيرة العربية، فضلاً عن تأمين طرق قوافل التجارة وضمان سلامتها الأمنية، وتوحيد معظم مناطق نجد، وتبني مناصرة الدعوة الإصلاحية وحمايتها، وإرساء الاستقلال السياسي، وعدم التبعية لأي نفوذ أو حكم آخر، والتصدي للكثير من الحملات والهجمات الخارجية ضد إمارة منطقة الدرعية والذود عن هذا الكيان وحمايته؛ لتصبح بذلك بلدة الدرعية مركزاً حضرياً واقتصادياً ومنارة للعلم والثقافة والأمن في ذلك الزمن، ومكاناً آمناً تُشدُ إليه الرحال. إننا وإذ نحتفل بهذا اليوم العزيز على أنفسنا، نستحضر بكل الانتماء والوفاء والعرفان للقيادة وللوطن سيرة ومسيرة والدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –أيده الله– العامرة بالإنجازات الوطنية الاستثنائية العظيمة، حيث نشهد في وطننا الغالي في عهده الزاهر تحولات جذرية تصب في مصلحة الوطن والمواطن الكريم. والمقام هنا أقل شأناً من القدرة على حصر وذكر تلكم السيرة العطرة والعطاءات الضخمة المتواصلة، إلا أن التاريخ قد كفل ذلك وسُطِرت تلك المسيرة والسيرة العطرة بأحرف من ذهب بين طياته. وبفضل من الله ثم فضل سمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود –أيده الله– عرّاب رؤية المملكة 2030؛ تم إعادة توجيه اتجاه مؤشر بوصلة الريادة والتميز والقوة والحضور إلى القطب السعودي حتى تبوأت المملكة العربية السعودية مكاناً مؤثراً ومنزلةً مرموقة وفاعلة بين مصاف كبار الدول. إننا في يوم التأسيس نستشعر ونستذكر بالوفاء والعرفان لكل من أسهم في خدمة هذه البلاد المباركة أو شارك في ملاحمها البطولية من الأئمة والملوك والأعيان والمواطنين، ونعتز بالجذور الراسخة وبالعمق التاريخي لوطننا الغالي، وسلامة وحدة النسيج الاجتماعي، مستشعرين أيضاً إنجازات ومآثر كل الملوك أبناء المؤسس –طيب الله ثراه– في تعزيز الوحدة الوطنية وتقوية لحمتها وبناء هذه الدولة المباركة، وتطوير اقتصادها، والذود عنها، والسهر على حراستها وأمنها وأمن مواطنيها. أيضاً نفخر ونتباهى بمتانة أواصر وقيم الارتباط النبيلة والصادقة بين المواطن وولاة الأمر والانتماء والولاء لهم منذ فجر يوم التأسيس المبارك إلى يومنا هذا، وسيكون كذلك بإذن الله تعالى. نحن نفخر ونتفاخر بأنفة بماضينا المجيد وبإرثنا التاريخي العميق، ونعتز بشموخ بحاضرنا المشرف وتراثنا الغني، ونتطلع بعزم وثقة إلى بناء المستقبل بكل شغف وولاء وانتماء يداً بيد مع ولاة أمرنا -حفظهم الله-. نسأل المولى عزوجل أن يحفظ بلادنا وولاة أمرنا من كل مكروه، وأن يديم على بلادنا الأمن والأمان، والرخاء، والازدهار، والتطور. خالص التهاني لولاة أمرنا –وفقهم الله– ولأبناء وبنات وطننا الغالي بهذا اليوم المبارك.. يوم التأسيس.