قال سكان وعاملون بالقطاع الطبي إن قوات الدعم السريع السودانية هاجمت مخيم زمزم للنازحين الذي يعاني من المجاعة في وقت تحاول فيه القوات شبه العسكرية إحكام قبضتها على معقلها في دارفور مع تكبدها خسائر أمام الجيش في العاصمة الخرطوم. وأدى أحدث قتال إلى ترسيخ خطوط المواجهة بين الطرفين المتناحرين في صراع يهدد بتقسيم السودان بعد أن دفع نصف السكان إلى هاوية الجوع وشرّد أكثر من 20 بالمئة منهم منذ أبريل 2023. وذكر ثلاثة أشخاص في مخيم زمزم أن قوات الدعم السريع شنت هذا الأسبوع هجمات متعددة على سكان المخيم في إطار محاولتها تعزيز سيطرتها على أراضيها. وأكدت منظمة أطباء بلا حدود مقتل سبعة أشخاص نتيجة للعنف، بينما يقول السكان إن العشرات ربما يكونون قد لاقوا حتفهم. وقالت المنظمة إن المسعفين غير قادرين على إجراء عمليات جراحية داخل زمزم، كما أصبح السفر مستحيلا إلى المستشفى السعودي في الفاشر، وهو هدف متكرر لقوات الدعم السريع. وتحققت رويترز من مقطع فيديو يظهر أفرادا من قوات الدعم السريع داخل مخيم زمزم في وقت سابق الأسبوع الماضي وهم يدوسون على راية للطرف الثاني من الصراع مع تعرض مبنى للاحتراق في الخلفية. ويقع مخيم زمزم قرب مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور الأوسع. وتقول قوات الدعم السريع، التي لم ترد على طلب التعليق بعد، إن زمزم قاعدة للقوات المشتركة، وهي جماعات متمردة سابقة تقاتل الآن في صف الجيش. وقالت القوات المشتركة في بيان أمس الخميس إنها لم تكن في المخيم. وقالت الحكومة السودانية إن الجيش والقوات المشتركة ومتطوعين آخرين تمكنوا من صد قوات الدعم السريع في مخيم زمزم يوم الأربعاء. هجمات الحرق العمد بعد ما يقرب من 22 شهرا من اندلاع الحرب بسبب صراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع، تسيطر القوات شبه العسكرية على كل دارفور تقريبا في غرب السودان، ومعظم منطقة كردفان المجاورة، بينما يسيطر الجيش على شمال السودان وشرقه، وحقق في الآونة الأخيرة مكاسب كبيرة في الخرطوم. وقال السياسي إبراهيم الميرغني لرويترز إنه سيتم توقيع "ميثاق سياسي" لإنشاء حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع الأسبوع الحالي، مع الإعلان عن تشكيل الحكومة بعد ذلك بفترة وجيزة. ويؤيد الميرغني هذه الجهود. وذكر أحد السكان وأظهر مقطع فيديو نشره نشطاء أن قوات الدعم السريع تستهدف مخيم زمزم بالمدفعية منذ أشهر، مما دفع بعض الأشخاص إلى حفر جحور للاحتماء بها. وقال ذلك الساكن لرويترز إنهم يمارسون التخويف ويرتكبون السرقات والقتل داخل الأحياء، وإن الناس يختبئون في هذه الجحور عندما يطلقون النار أثناء المداهمات، لأنه لا يوجد مكان آخر يفرون إليه. وذكر مختبر الأبحاث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل أن قوات الدعم السريع واصلت أيضا تنفيذ المداهمات وهجمات الحرق العمد في القرى المحيطة بالفاشر في الأسابيع القليلة الماضية. وقال ناثانيال رايموند المدير التنفيذي للمختبر لرويترز إن المختبر خلص إلى أن أكثر من نصف المباني في السوق الرئيسة بزمزم دُمرت بطريقة تتسق مع هجمات الحرق العمد. وأظهر مقطع فيديو نشره مني مناوي حاكم دارفور الموالي للجيش أكشاكا محترقة وخضراوات متناثرة على الأرض. وقال رايموند إنه تم رصد حرائق متعمدة أيضا في منازل على طول المدخل الشمالي للمخيم. وقالت المنظمة الدولية للهجرة إن هذه الأحداث أدت إلى نزوح عشرات الألوف، ولجأ كثير منهم إلى مخيم زمزم، مما أدى إلى تضخم عدد سكان المخيم إلى مليون شخص. طرق الهروب "مقطوعة" قالت كليمنتاين نكويتا سلامي ممثلة الأممالمتحدة في السودان يوم الخميس إنها "صدمت من الهجمات على مخيم زمزم للنازحين وقطع طرق الهروب". وذكرت الأممالمتحدة وعمال إغاثة آخرون أن قوات الدعم السريع قيدت جهود الإغاثة في أنحاء إقليم دارفور، كما تأثرت الجهود بالتجميد المفروض على الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. وقالت ماريون رامستاين منسقة منظمة أطباء بلا حدود في شمال دارفور إن المنظمة اضطرت إلى وقف برنامج تغذية لنحو ستة آلاف طفل يعانون من سوء التغذية بعد الهجمات. وأطباء بلا حدود واحدة من المنظمات الإنسانية القليلة التي تنفذ عمليات في المنطقة. وفي أغسطس، خلصت لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن مخيم زمزم يعاني من المجاعة. وفي ديسمبر، أكدت اللجنة تفشي المجاعة في مخيمين آخرين في الفاشر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها وجدت أن نسبة أطفال المخيم الذين يعانون من سوء التغذية ارتفعت إلى 34 بالمئة، وهو مستوى مماثل للموجود في بلدة طويلة القريبة التي فر إليها كثيرون بسبب هجمات قوات الدعم السريع.