كانت رحلة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد المولود في سنة 1950م، حافلة بالعطاء، في كل منصب وعمل تولاه، مستمداً طاقاته من إرثه الفريد، المتمثل في جده الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ووالده الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – طيب الله ثراهم - حيث وُلد في مدينة الرياض وعاش في كنف والديه، حيث نهل من معينهم الذي لا ينضب، مكتسباً صفاتهم، وقدراتهم على تحمل المسؤولية، وعشق الأرض والوطن وأبنائه، مستلهماً من فلسفة العطاء منهجاً ومسيرة عمل تظل محفورة في سجل الإنجازات القيادية والإنسانية في أعلى معانيها وأسمى صفاتها. بدأت رحلته التعليمية التي رسمت وأثرت في شخصيته، بمعهد العاصمة النموذجي، قبل أن يكمل دراسته العليا في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية. شغل الأمير الراحل العديد من المناصب البارزة، من بينها مساعد نائب وزير الداخلية، قبل أن يتولى إمارة المنطقة الشرقية عام 1985م، وهو المنصب الذي شغله لمدة 28 عامًا، ساهم خلالها في تعزيز التنمية الإدارية والاقتصادية للمنطقة. كان أول منصب حكومي يتقلده، منصب مساعد نائب وزير الداخلية، وعمل في هذا المنصب حتى عيِّن بتاريخ 10 جمادى الثانية 1405ه، الموافق 1985م، أميراً للمنطقة الشرقية. ورسم لنفسه خطاً متفرداً بأعماله الخيرية والإنسانية، حيث أسس "مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية" لدعم المشاريع الخيرية، إلى جانب "برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب"، الذي يهدف إلى تأهيل الشباب السعودي وتمكينهم. كما أنشأ "جامعة الأمير محمد بن فهد" لتوفير تعليم نوعي يعزز من تنمية الكفاءات والكوادر الوطنية الشابة القادرة على تحمل المسؤولية وتبعاتها. تشمل اهتمامات الأمير محمد بن فهد العديد من القضايا الإنسانية والاجتماعية، إذ أطلق المبادرات والبرامج المتنوعة لخدمة مختلف شرائح المجتمع والإسهام في قضايا التنمية الإنسانية والاقتصادية داخل المملكة وخارجها . ومن بين هذه البرامج برنامج الأمير محمد بن فهد لتنمية الشباب الذي حصل على جائزة دبي- الأممالمتحدة العالمية لأفضل الممارسات في تحسين الظروف المعيشية في العام 2002م، وجائزة الشارقة للعمل التطوعي في العام 2007م. ولتوفير مظلة إدارية لكافة هذه البرامج والمبادرات، كما أطلق فكرة إنشاء جامعة خاصة بمواصفات عالمية في المنطقة الشرقية من المملكة، وقدم لها كل الدعم والإشراف والتوجيه، حتى أصبحت حقيقة على أرض الواقع. فتم إطلاق اسم سموه على الجامعة عرفاناً من أهالي المنطقة الشرقية بذلك. وبمناسبة مرور خمسة وعشرين عاماً على توليه إمارة المنطقة الشرقية، وتقديراً لما بذله من جهد لتطوير المنطقة وخدمة مواطنيها، أصدر أهالي المنطقة الشرقية كتابا خاصاً بعنوان الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز خمسة وعشرون عاماً من تاريخ المنطقة الشرقية، تناول رؤية الأمير محمد بن فهد لتنمية المنطقة الشرقية انطلاقاً من مسؤولياته كمسؤول حكومي، يقدم الرؤى الوطنية لتنفيذ خطط الدولة وقادتها – يحفظهم الله - ورؤيته في إطلاق مبادرات وإبداعات تعمل جنباً إلى جنب مع خطط الدولة، وتهدف إلى الارتقاء بالتنمية في المنطقة الشرقية. إلى جانب شغفه بالعمل المجتمعي، كما كان محبًا للصيد والرياضة، وقد ترك أثرًا عميقًا في مسيرة التنمية والخير في المملكة، نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، فقد حفظ الوطن في قلبه، حاملاً شعلة تقدمه وازدهاره، فأصبحت مسيرته مسجّلة في قلوب أهالي المنطقة الشرقية، وبادلوه حباً بحب، وتقديراً بولاء وانتماء للمملكة وقادتها.