تمضي السنون والعصور، وتختفي المدن، ويظل الفن باقياً خالداً، يحتفظ لنا بفن الآباء والأجداد، وبالتاريخ، واقفاً وشامخاً بقوة في وجه النسيان، شامخاً بصوره وتجلياته الفنية، يحمل في داخله اللغز والمعنى، ولا يبوح إلا بالقليل. فهذه آثار العلا وبيوتها الحجريّة ومنحوتات الطيور والحيوانات على الجبال ومنقوشاتها باقية حتى اليوم، تقاوم الريح والأمطار، تحكي معالمها تاريخ حضارات إنسانية قامت على أرض جزيرة العرب التي تشكل المملكة أكثر من ثلاثة أرباع مساحتها. وهذا أبو الهول، التمثال المنحوت من الحجر والرابض بالقرب من الهرم الأكبر، آخر ما تبقى من عجائب الدنيا السبع، يجسد مخلوقاً أسطورياً برأس إنسان وجسد أسد، بإشارة إلى قوة وسلطة الفراعنة في تلك الفترة، وقد مرت عليه الدهور والقرون، وما زال ينظر إلى كل من يزوره بعينين كالصقر، تملأ نظرته القلب بالرهبة، والعين بالجمال؛ كما أن المعارض للرواد من التشكيليين والفردية وتفعيل دور جسفت في مناطق ومحافظات المملكة وعقد الورش والملتقيات الفنية التشكيلية ومواسم مسك ومعهد مسك وورش العمل المصاحبة لها وبينالي الدرعية وبينالي الفنون الإسلامية وطويق للنحت والبرنامج الطموح الرياض آرت الذي يهدف لتحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح؛ كلها شواهد وصور واقعية للتطور الفني الذي يعم أنحاء المملكة، والدعم الكبير الذي تلقاه الفنون بمختلف مجالاتها، من القيادة الرشيدة -حفظها الله- ممثلة في وزارة الثقافة والتي أدت دورها على أكمل وجه، مما أسهم في ما نراه من تقدم وانتشار وازدهار. وأتمنى أن يصل الفن السعودي إلى العالم كله، ولا أرى ذلك صعباً أمام إبداعاتهم، وفنونهم التي ارتقت لمكانات عالمية مرموقة جداً، فأصبحنا نرى الأعمال التشكيلية والنحتية السعودية بالمتاحف والمزادات الأوروبية والعالمية، وصار الفنان السعودي صاحب رسالة، وسفيراً لبلاده يحمل ثقافتها إلى الآخرين، محتفظاً ببيئته ولغته المميزة وعقيدته الثابتة والوجه الحقيقي للإسلام.