من الصعب تجاوز وجه الشبه الذي يجمع الرئيس الأميركي السابق جروفر كليفلاند والرئيس دونالد ترمب بالرغم أن كلاً منهما ينتمي إلى حزب مختلف! من أهم القواسم المشتركة وأبرزها بين الرئيسين والتي ينفردان بها عن بقية زعماء الولاياتالمتحدة الأميركية هي أن كليهما حكم فترتين منقطعتين، وهذا يعد أمرًا في غاية الصعوبة! فكيف تمكّنا من تحقيق ذلك؟ من خلال رصد الأحداث التي صاحبت الفترة الزمنية بين فترتي الرئاسة نجد قواسم مشتركة بين القائدين أسهمت بشكل جليّ في إقصاء أي منافس والاستفراد بترشيح الحزب والعودة إلى البيت الأبيض في حالة فريدة وغير مسبوقة. تميز كلاهما بالقدرة الاستثنائية على الظهور الإعلامي والتحدث عن سياساته بشكل جاذب ومقنع للناخبين من كلا الجانبين، هذه القدرة صاحبها حراك اجتماعي وحضور دائم لكل المحافل والمناسبات التي أسهمت بشكل فعال في تعزيز شعبيتهما خلال فترة غيابهما عن البيت الأبيض. وفي هذا السياق قال دانييل كلينغهارد، أستاذ العلوم السياسية في كلية هولي كروس في ورسستر بولاية ماساتشوستس متحدثًا عن الرئيس الراحل جروفر كليفلاند: "إن هذا النموذج المتمثل في أن يكون الرئيس متحدثًا صريحًا وواضحًا عن السياسة التي تحرك الحزب، ساعد على إبقاء كليفلاند في أعين الجمهور خلال السنوات التي أعقبت فترة ولايته الأولى". على صعيد آخر، القائدان اهتما بدعم دماء جديدة من السياسيين خلال فترة رئاستهما الأولى، مما أثر في كسب شريحة واسعة من الولاءات داخل الحزب، وعلى وجه الخصوص داخل الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب. هذا النهج الفريد الذي يتطلب مهارات تواصل عالية وبصيرة حاذقة في اختيار الرجال كان له الفضل الكبير في انتزاع المكتب البيضاوي لفترة ثانية. كذلك تمكن الرئيسان من الهيمنة على الناشطين السياسيين المهرة، والأثرياء الداعمين من خلال صيغة توافقية كان أساسها المصالح المشتركة التي تم تأطيرها وتأمينها بواسطة سياسات ومشروعات تحقق الرخاء لجميع الأطراف، وفي هذا الشأن قال دانييل كلينغهارد كذلك: "الأثرياء الداعمون أمضوا الكثير من الوقت في الحفاظ على اسم كليفلاند أمام الناخبين، مثلما فعل حلفاء ترمب، الأمر الذي بدّد أي أمل في ظهور منافس". هذه العودة بعد انقطاع دام أربع سنوات أثر بشكل جذري على شخصية كلٍّ منهما، وكأن تلك الفترة كانت بمثابة فرصة ذهبية لمراجعة الأخطاء وتقييم التجربة، والأهم من هذا وذاك إعادة تنظيم صفوف القيادات داخل الإدارة بشكل يضمن فعالية تنفيذ المشاريع وتحقيق الأهداف. الفوز بفترة رئاسة ثانية فرصة للعمل دون قيود وتحفظ خوفًا على عدم الحصول على فرصة ثانية، وذلك لكون الدستور الأميركي وفق التعديل الثاني والعشرين يحظر على أي شخص تم انتخابه رئيسًا مرتين أن يُنتخب مرة أخرى؛ لذلك من المتوقع أن تكون إدارة ترمب جريئة بالقدر الذي كانت عليه إدارة الرئيس السابق جروفر كليفلاند في عام 1892.-