من قلب رؤية المملكة 2030، ينبثق برنامج تنمية القدرات البشرية كإحدى أهم المبادرات التي تهدف إلى بناء الإنسان السعودي كقاعدة أساسية للتنمية المستدامة. إنجازات البرنامج لعام 2023 تعكس نجاح المملكة في تمكين التعليم، التدريب، والابتكار، مما جعلها تخطو خطوات واثقة نحو العالمية. أظهرت نتائج 2023 تطورًا غير مسبوق في النظام التعليمي، حيث ارتفع أداء الطلاب السعوديين بمقدار 4 درجات في العلوم، و16 درجة في الرياضيات، و19 درجة في القراءة ضمن تقييم PIRLS الدولي، وفي مرحلة رياض الأطفال، تجاوز عدد الطلاب المسجلين 400 ألف، بنسبة نمو بلغت 34 % عن المستهدف. وقد أسهم إنشاء 20 ألف فصل دراسي جديد بالشراكة مع القطاع الخاص في تحقيق هذا الإنجاز. في مجال التدريب والتأهيل لسوق العمل، تم تدريب أكثر من 1.36 مليون سعودي وسعودية على المهارات التقنية والمهنية، وأسهمت هذه الجهود في توفير 34 ألف فرصة وظيفية مباشرة، وارتفاع نسبة التوطين في الوظائف عالية المهارات إلى 40 % مقارنة ب32 % في السنوات السابقة. من بين أبرز النجاحات، هناك قصة عبدالرحمن القحطاني، الذي استفاد من برامج التدريب ليحصل على فرصة عمل في إحدى الشركات العالمية بمجال الطاقة المتجددة، مما يعكس الأثر المباشر للبرنامج في تمكين الكفاءات الوطنية. أما برامج الابتعاث، فقد شهدت تطورًا كبيرًا مع إرسال 7,580 طالبًا وطالبة إلى أفضل 200 جامعة عالمية. ويعكس هذا الاستثمار التزام المملكة بتطوير رأس المال البشري لتحقيق التميز الأكاديمي والمهني. كما استحدثت المملكة التأشيرة التعليمية، التي استقطبت أكثر من 60 ألف طلب من طلاب يمثلون 115 جنسية، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة تعليمية عالمية. رغم هذه الإنجازات، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن سد الفجوة بين التعليم وسوق العمل؟ تعمل المملكة على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وتوسيع نطاق التدريب الميداني لتحقيق هذا الهدف. كما يواجه البرنامج تحديات متعلقة بضمان استدامة التطوير التعليمي والتقني في ظل التغيرات العالمية، إلا أن الجهود المبذولة تؤكد استعداد المملكة للتغلب على هذه العقبات. وفي كلمته عن رؤية 2030، أكد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء أن "الاستثمار في الإنسان هو أساس النجاح. نحن نبني للمستقبل، ونستثمر في الشباب السعودي ليكونوا قادة التغيير في العالم". برنامج تنمية القدرات البشرية ليس مجرد خطة آنية، بل استثمار طويل الأمد في الإنسان السعودي، الذي يُعد محور التنمية وأساسها. من التعليم إلى التدريب، ومن الابتكار إلى التمكين، تواصل المملكة بناء مستقبلها بعيون تملؤها الطموحات. هذه ليست مجرد أرقام، بل قصص نجاح تتحدث عن نفسها، وأجيال تحمل الراية لتحقيق رؤية وطن يحلم به الجميع.