منذ قرون والمرأة السعودية تُعتبر ركيزة أساسية في بناء المجتمع، فتاريخها مليء بالإنجازات والتحديات؛ حيث لعبت دوراً محورياً في مختلف مجالات الحياة، بدءاً من الأُسرة ووصولاً إلى المجتمع ككل؛ فقد ساهمت في نقل المعرفة والثقافة من جيل إلى آخر عبر أنشطة متنوعة كالتعليم والتجارة والحرف اليدوية ومع مرور الزمن، بدأت المرأة تتبوأ أدواراً أكثر تأثيراً في مجالات متعددة، بما في ذلك المكتبات والأرشيفات ومن بين المجالات التي شهدت تميزاً واضحاً، دورها في مجال المكتبات والحفاظ على التراث، وخصوصاً في المعارض الخاصة بالمخطوطات، وعند ذكر المعارض الخاصة بالمخطوطات يأتي المعرض الذي تنظمه هيئة المكتبات تحت شعار «حكايات تُروى لإرثٍ يبقى»، ويُسلط الضوء على أهمية الحفاظ على التاريخ. تُعد المخطوطات بمثابة أحد الكنوز الثقافية التي تحمل في طياتها قصص الأجداد وتجاربهم ومن خلال جهود المرأة في ترميم هذه المخطوطات، يُعاد إحياء هذه القصص؛ مما يساهم في تعزيز الوعي الثقافي لدى الأجيال الجديدة؛ حيث تأسست هيئة المكتبات في المملكة العربية السعودية عام 2020 من قبل وزارة الثقافة؛ بهدف تعزيز الثقافة والمعرفة في المجتمع. استضافت المملكة «معرض المخطوطات السعودي» في مدينة الرياض، والذي استمر من 28 نوفمبر إلى 7 ديسمبر ويعد هذا المعرض تجسيدًا للاهتمام الكبير الذي توليه المملكة للمخطوطات؛ حيث يعرض التراث الثقافي والحضاري المخطوط من جميع أنحاء العالم على مدى 1,200 عام وتعتبر المخطوطات حافظة للتاريخ والأحداث الإنسانية، وتوثق التطور الذي شهدته البشرية في مجالات متعددة. تبرز أهمية المخطوطات في كونها مرجعًا تاريخيًا وثقافيًا حيث تحتوي على معلومات قيمة عن الحضارات والثقافات المختلفة وتولي المملكة اهتمامًا بالغًا بالمخطوطات؛ حيث تعمل على جمعها وتحقيقها وترميمها وحفظها ضمن نظام متكامل لحماية التراث المخطوط كما تضم المؤسسات المعنية بالمخطوطات في المملكة أكثر من 27 % من المخطوطات في العالم العربي، مما يعكس التزام المملكة بالحفاظ على التراث الثقافي ويتميز المعرض بعرض مخطوطات نادرة محليًا ودوليًا، مع التركي على النسخ الفريدة. يتم تنظيم عدد من الندوات وورش العمل بمشاركة خبراء محليين ودوليين في مجال المخطوطات، مما يعزز من تبادل المعرفة والخبرات ويهدف المعرض إلى إبراز دور المملكة في حفظ التراث الثقافي، وتسليط الضوء على الخبرات المحلية في ترميم المخطوطات كما يسعى إلى تعزيز الوعي حول قيمة المخطوطات وتأريخها الثقافي، مما يجعلها تجربة غنية ومفيدة للزوار ويحتوي المعرض على مخطوطات في مجالات متعددة، مثل التاريخ، الجغرافيا، الفلسفة، العلوم التجريبية، علوم القرآن، واللغة العربية. كما يضم قسم خاص بالمخطوطات المصنفة، والذي يعرض نوادر على مدى 14 قرناً. و تمتلك المملكة خبرة كبيرة في تنظيم المعارض وتجهيز الكوادر المتخصصة في مجال المخطوطات، مما يعكس التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي للبشرية. إن استضافة مثل هذه المعارض تعزز من مكانة المملكة كمركز ثقافي في العالم العربي، وتساهم في نشر الوعي والمعرفة حول أهمية المخطوطات وأنها جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي، ولها دور مهم في تعزيز المعرفة والوعي الثقافي وتعكس الجهود المبذولة للحفاظ على هذا التراث وتقديمه للأجيال القادمة. ففي السنوات الأخيرة، أظهرت المرأة السعودية شغفاً كبيراً في مجال المكتبات، حيث أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الجهود الرامية إلى الحفاظ على التراث الثقافي حيث تصدرت النساء في معرض المخطوطات السعودي مشهد الترميم والحفظ، حيث يعملن على إعادة كتابة التاريخ من خلال العناية بالمخطوطات القديمة التي تحمل قصص الأجداد وتاريخ البلاد وتسهم المرأة السعودية في تعزيز مكانتها من خلال المساهمة الفعالة في حفظ التراث فتقوم بإعادة صياغة المخطوطات وتُعالجها، مما يُظهر قدراتهن الفنية والعلمية. هذه الأنشطة لا تعكس فقط مهاراتهن، بل تعبر أيضاً عن التزامهن بالحفاظ على الهوية الثقافية، وضمان استمرارها للأجيال القادمة حيث تجسد النساء في هذا السياق التلازم بين الماضي والحاضر فهن لا يقتصرن على استعادة التراث، بل يُضفن عليه لمسة حديثة تُحاكي العصر؛ من خلال استخدام التقنيات الحديثة في الترميم والحفظ وتُظهر المرأة السعودية قدرة على التكيف مع التغيرات، مما يعزز من مكانتها في المجتمع ، فإن في معرض المخطوطات تتجلى رؤية المملكة 2030 من خلال هذه المبادرات الفريدة التي تهدف إلى تعزيز مكانة المرأة ودورها الريادي في جميع المجالات. * الرئيس التنفيذي في مشروع الصناعة لرؤية 2030