العمل مع الآخرين للوصول إلى تحقيق أهداف محددة هو هدف الإشراف في ميادين كثيرة كالتعليم والصناعة والتجارة، فالمسؤولية الإشرافية وإن تعددت عليها شيء واحد، وهو الجهد الدائب لمساعدة العاملين على تحسين أدائهم. ومهمات الإشراف التربوي هي تحسين أداء المعلمين في كيف يعملون، بمعنى أن الغرض الأساسي واحد من الإشراف التربوي وهو تحسين التدريس الذي ينتج عنه رفع مستوى التحصيل عند الطلاب، سواء قام بهذا الدور مشرف داخل المدرسة كالمدير، أو معلم خبير بصفته مشرفاً مقيماً، أو كمشرف تربوي يقدم الدعم من خارجها. فالإشراف عملية أكثر من كونه مسمى وظيفيًا. والرحلة الإشرافية تتطلب مشرفًا تربويًّا يتمتع بأداء مهني عالي يمتلك رخصة مهنية لقيادة هذه الرحلة، فالممارسة الإشرافية لا تقل أهمية عن ممارسة مهنة التعليم التي أكدت وزارة التعليم أن الحصول على الرخصة المهنية شرطٌ لها، بل حتى المتقدمون للوظائف التعليمية يتطلب حصولهم عليها. فكما أننا نطلب من المعلمين أن تكون الرخص المهنية شرطًا لممارسة مهنة التعليم، فهذا يؤكد أهميتها لمن يقدم الدعم الإشرافي، فنحن أمام عقد تعليمي جديد يتطلب معايير ورخصًا مهنية لجميع شاغلي الوظائف التعليمية ومن أهمهم المشرف التربوي، إذ يجب أن يقوم بعملية الإشراف التربوي شخص مؤهل بمستوى يفوق ما هو مطلوب من المعلم، وهذا ما أكدته لائحة الوظائف التعليمية في المادة (19): أن يختار المشرف التربوي من أحد شاغلي رتبة معلم متقدم أو معلم خبير، مع تحقيق المعايير المهنية والشروط اللازمة. وهذا يؤكد حرص وزارة التعليم على التمهين في الممارسات التعليمية. وما ذكر في تعديلات الرخص المهنية في منح الأولوية في التشكيلات الإشرافية للحاصلين على الرخص المهنية يؤكد ذلك. هذا يدعونا أن يكون الحصول على الرخصة المهنية للمشرف التربوي شرطًا للممارسة الإشرافية، ماذا يعني هذا على مستوى الممارسات الإشرافية؟ يعني ذلك أن المشرف سيبذل جهدا في تطوير نفسه وتنميتها في عمله الإشرافي التربوي، كما يساهم ذلك في انتقاء الأمثل والأكثر مناسبة من المعلمين للعمل الإشرافي، من خلال توفر المعايير المهنية المطلوبة: في مجالات القيادة والإشراف، والتطوير المهني، ودعم التعليم والتعلم، والقيم وأخلاقيات المهنة ومهارات الاتصال. ماذا يعني توفر المعايير وكونها شرطاً للممارسة الإشرافية؟ يعني ذلك وجود قاعدة معرفية تقوم عليها الممارسات الإشرافية ولا تكون متروكة للاجتهادات الفردية والاعتماد الكلي على الخبرة الشخصية، ومن خلال هذه المعايير يمكن تقويم فاعلية الممارسات الإشرافية. عندما نقبل بمشرفين دون المستوى المطلوب ستنقص مصداقية الإشراف التربوي في نظر المعلمين ومديري المدارس، ويساهم في تدني مستوى خدمات الدعم التي تقدم للمدارس وللمعلمين. وفي ظل توجه وزارة التعليم لتمكين المدرسة تبرز أهمية الدور الإشرافي وعقد جديد لاستثمار واختيار من يملكون تلك المعايير لأن أثرهم كبير في رفع مستوى المدارس وتحسين الممارسات التدريسية لدى المعلمين، ومن ثم تحقيق مستهدفات وزارة التعليم بما يسهم في تحقيق رؤية المملكة 2030.