وصل مؤتمر الأطراف السادس عشر «كوب 16» الرياض، إلى اليوم الثامن المخصص للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وهو أحد أيام المحاور الخاصة التي خصصتها رئاسة المؤتمر لتعزيز جهود مكافحة تدهور الأراضي والتصحر والجفاف عالمياً، وتضمن جدول الأعمال العديد من الأنشطة، إلى جانب تنظيم مجموعة من الجلسات النقاشية والأحداث، تناول المشاركون فيها العديد من الموضوعات، كان أبرزها ضرورة الاستفادة من التغطية المتزايدة للأقمار الصناعية لمراقبة تدهور الأراضي، ودور الشركات الناشئة في تسريع استعادة الأراضي والقدرة على الصمود في مواجهة الجفاف. المركز الدولي لأبحاث المياه ضمن أجندة العمل، انطلق أسبوع الابتكار في الاستدامة في المنطقة الخضراء، حيث نجح في استقطاب الشركات الناشئة والمبتكرين والعلماء ورجال الأعمال، لتحفيز تضافر الجهود الرامية لتسريع تبني التقنيات المستدامة على مستوى العالم. واختارت المملكة العربية السعودية هذا اليوم للإعلان عن مبادرة مبتكرة لتأكيد التزامها إزاء مواجهة تحديات الجفاف حول العالم، وذلك بإطلاقها المركز الدولي لأبحاث المياه. وتعتبر هذه المبادرة ثمرة شراكة تجمع بين وزارة البيئة والمياه والزراعة في المملكة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، ويسعى المركز إلى إعادة تقديم تعريف مبتكر للنهج المتبع في مجال استدامة المياه. وطوال اليوم الثامن من المؤتمر، تم تنظيم عدد من الجلسات الحوارية رفيعة المستوى. كما أقيم حوار تفاعلي رفيع المستوى حول الآليات التي يمكن اتباعها لإعادة تأهيل الأرض بالاعتماد على العلم والمعلومات الذكية المتعلقة بالتربة، مع التركيز على توسيع نطاق استخدام العلم والبيانات لاستعادة حيوية الأرض. في كلمته الافتتاحية، قال معالي د. منير محمد الدسوقي، مساعد الوزير بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والرئيس المكلف لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية: «إننا نقف عند مفترق طرق مهم، حيث نواجه تحديات بيئية عميقة، لكننا نمتلك في الوقت ذاته فرصاً غير مسبوقة لإحداث التغيير المنشود. وفي هذا الصدد، لا ينبغي علينا التعامل مع العلم والتكنولوجيا على أنهما مجرد أدوات، بل يمكن الاعتماد عليهما كحليفين أساسيين في ضمان مستقبل مستدام». وفي الوقت نفسه، عقدت جلسة حوار مفتوحة لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر تم خلالها الاستماع إلى منظمات المجتمع المدني حول كيفية ترجمة العلم والبيانات إلى سياسات وأفعال، وتعزيز الشراكات بين أصحاب العلاقة البيئيين الرئيسيين، بما في ذلك صناع السياسات والعلماء والمجتمعات المتضررة. وأصدرت اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر في اليوم الثامن من المؤتمر تقريراً عن توسع الأراضي الجافة في جميع أنحاء العالم. ووجدت الدراسة التي شملت الأراضي شديدة الجفاف والجافة وشبه القاحلة، أن أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي شهدت مناخاً أكثر جفافاً في العقود الثلاثة التي سبقت العام 2020، مقارنة بالسنوات الثلاثين السابقة. واكتشفت الدراسة أيضاً أن عدد الأشخاص الذين يعيشون في الأراضي الجافة قد ارتفع بمعدل تجاوز الضعف، ليصل إلى 2.3 مليار في عام 2020، مقارنة ب 1.2 مليار قبل 30 عاماً. وتعقيباً على هذه النتائج، قال د. أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة ومستشار رئاسة مؤتمر الأممالمتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16» الرياض: «إن اتساع الأراضي الجافة يمثل اتجاهاً عالمياً مقلقاً، ويجب أن يكون هذا التقرير الصادر عن اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر بمثابة جرس إنذار للمجتمع الدولي، وحافزاً لنا جميعاً للبدء باتخاذ إجراءات قوية ودائمة بشأن تدهور الأراضي والتصحر والجفاف». واختتم د. فقيها حديثه بالقول: «يعتبر الابتكار عامل تمكين مهماً، ويمكن أن يساعد في دفع الكفاءات التي تقلل من الضغط على الموارد الأساسية، بدءاً من خفض استهلاك المياه والطاقة، وحتى الحفاظ على الأمن الغذائي. وبناءً عليه، بات من الضروري زيادة فرص الوصول إلى العلوم والتكنولوجيا والابتكار من قبل الجميع في كافة أنحاء العالم». يشار إلى أن تدهور الأراضي يؤثر على ما يقرب من 40% من مساحة الأرض، وتطال تأثيراته حياة أكثر من 3.2 مليار شخص، وفقاً لاتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، وتشير البيانات إلى أن هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، خاصة في ظل تفاقم القضايا الناجمة عن تدهور الأراضي والتصحر والجفاف. ففي كل عام، تتدهور مساحات تصل 100 مليون هكتار من الأراضي استناداً إلى نتائج اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة التصحر، كما زادت وتيرة الجفاف وشدته بنحو الثلث منذ العام 2000. ولا تزال مبادرات استعادة الأراضي والقدرة على مواجهة الجفاف تعاني من نقص كبير في التمويل، حيث من المقرر أن يعطي المؤتمر الأولوية لحشد التمويل من القطاعين العام والخاص لتسريع الإجراءات التصحيحية.