لطالما كان الدكتور الأمير عبدالعزيز بن عياف رمزا من رموز العمل التخطيطي العمراني، ولطالما كان قدوة يحتذى بها، ومصدر معلومات نستقي منه، عبدالعزيز بن عياف مدرسة أسطورية حية في التخطيط العمراني وفن إدارة المدن، صاحب مؤلفات وكتب ومساهمات عملية وعلمية يصعب حصرها، منذ توليه أمانة الرياض، أنسنة المدينة كانت بمثابة هدية لنا جميعا المختصين بهذا الشأن، تواصله في كل ما يتعلق بالرياض من شؤون مدنية وبلدية وعمرانية، لا يتردد بالإجابة وإعطاء الرأي، وتكريم قامة وطنية مثله أمر مستحق، لهذا كانت جائزة عبدالعزيز بن عياف لأنسنة المدن، فهي تكريم للدكتور الأمير، وبوابة لكل مبدع أن ينال فرصته. في جامعة الملك سعود، كان حفل تسليم جائز عبدالعزيز بن عياف، برعاية سموه المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله-، حيث اختتمت فعالية الجائزة في دورتها الثانية، في حفل بهيج متميز، حضره العديد من المختصين وكبار المسؤولين، برفقة رئيس جامعة الملك سعود المكلف سعادة الأستاذ الدكتور عبدالله بن سلمان السلمان، الحفل شهد الإعلان عن أسماء الفائزين وعددهم 15 فائزا وفائزة، وذلك بتغطية فروع الجائزة الأربعة، والتي أتت كلها من أعمال إبداعية في أنسنة المدن والابتكار البحثي المرافق للأنسنة، ومبدعي المشاريع العمرانية، وكذلك تكريم المشاركين في مبادرة استديو التصميم العمراني لأنسنة الأحياء السكنية، حيث وصل عدد المشاركين في هذه المبادرة إلى ما يزيد على 200 طالبة وطالب. مؤخرا وفي مقالة له سطر لنا الدكتور الأمير عبدالعزيز بن عياف مصطلح العمارة السلمانية، نسبة إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، ابن عياف أكثر من غيره من يعلم دور مولاي خادم الحرمين الشريفين في تطور العمران والتخطيط العمراني والبنية التحتية في المدن، خاصة إبان توليه -يحفظه الله- إمارة الرياض، فكل بقعة في الرياض الحبيبة تعرف سلمان ويعرفها سلمان، فما نحن عليه اليوم، وما سنكون عليه في المستقبل، إنما هو من وحي إرادة وطموحات سلمان أمير الرياض وفارسها قبل توليه أمانة الملك -أطال الله في عمره-. مقالة الدكتور الأمير ابن عياف في مصطلح العمارة السلمانية تحتاج إلى دراسة وتعمق وتوسع في البحث والتطوير، فهو لم يكن في مقالته واصفا لمفهوم العامرة السلمانية وحسب، بل هي دعوة أطلقها لتأطير هذا المفهوم ووضع الشكل والقواعد التأسيسية له، باختصار فإن مفهوم العمارة السلمانية يجمع بين الأصالة والموروث التاريخي، بين الحضارة والتطور البنياني، وأن العمارة السلمانية أساسها هو الإنسان، بحيث يصبح العمران كله مرتبطا بمفهوم أنسنة المدينة والعمارة فيها، العمارة السلمانية كما تحدث ابن عياف بين سطور مقالته، هي عمارة حية تسكن في الإنسان كما يسكنها، تتفاعل وتتجاوب مع كل تطور وتحديث، ليست حجارة خرسانية وحديدا جامدا، بل دمج لكل العناصر بحيث تصبح كأنها أنموذج حي يتفاعل مع المحيط ويستمر ويدوم، العمران المستدام هو العمران الناجح الذكي الذي يحقق الغاية من ورائه، يخدم الإنسان ويتوارثه من جيل لجيل. مبادرة رائعة أطلقها ابن عياف في العمارة السلمانية، وإشارة منه على شكل نداء لكل المهتمين من باحثين ومختصين، كما هي القلاع والحصون التاريخية اليوم التي نسعى للحفاظ عليها، فإن العمارة السلمانية تعني أن تبنى بكل مكونات الإبداع والتطور الحديث، ولكن بروح الأصالة الذي يدوم ويبقى ويستمر، ليصبح بعد قرون من الزمان، معالم أثرية لا تفنى ولا تزول، وبهذا التوجه وهذه المبادرة العمارة السلمانية، فإننا أيضا نعمل على تأصيل الهوية الوطنية السعودية الضاربة جذورها في التاريخ، وتوطين كل حديث ومعاصر ضمن هذه الأصالة، وأن العمارة السلمانية ليست مجرد منتج، بل منهج نعمل وفقه ومن خلاله. سيكون لنا في قادم الأيام الكثير من الوقفات العميقة حول مفهوم العمارة السلمانية، ومراجعة بحثية تخصصية مع صاحب المبادرة الدكتور الأمير ابن عياف، نلبي نداءه ونداء الوطن معه، وهذه تحتاج بداية إلى ندوات بحثية تسعى إلى وضع النظام التأسيسي لتأطير قواعد العمارة السلمانية، والمضي بها قدما نحو المستقبل، وعليه ننتظر من أمانة الرياض أن تضيء شعلة هذه المبادرة، وتبدأ العمل عليها بأسرع وقت ممكن.