توقعت الرئيس التنفيذي لشركة سوق الكربون الطوعي الإقليمية السعودية التابعة لصندوق الاستثمارات العامة ريهام الجيزي "أن تسهم مبادرة منصة تداول شهادات الكربون، التي تطلقها المملكة، من أجل توفير الدعم المطلوب لمشاريع الطاقة في المملكة. وأكدت الجيزي في حوارها مع "الرياض" "أن هذه المبادرة ما كان لها أن تبصر النور، لولا الدعم الذي تلقته من الأمير محمد بن سلمان ولي العهد لدعم مشاريع الطاقة، ودفعها إلى الأمام". واعتبرت الجيزي إقامة مزادين في المملكة، من أكبر مزادات في العالم، لبيع الكربون، خطوة نحو تعزيز دور المنصة، وتحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، مشيرة إلى مشاركة صندوق الاستثمارات ومجموعة تداول في إنشاء المنصة، يثقل من دورها، ويدعم مسيرتها. ولفتت الجيزي "أن المملكة لديها إمكانات طبيعية وفنية، تعزز من مشاريع الطاقة، وتخزينها، مشيرة إلى أن مشاركة 22 شركة من قطاعات مختلفة في المنصة، يدفعها إلى الأمام، ويوثق من إنجازاتها، شريطة تفعيل النزاهة والشفافية في عمل المنصة، خاصة في إصدار وتداول شهادات الكربون". ارتفاع إنتاج المملكة من الكربون إلى 3.6 ملايين طن * بداية هل تُطلعينا على تفاصيل منصة تداول أرصدة الكربون التي ستطلقها المملكة؟ * المنصة حدث مهم جداً، تقوم عليه المملكة، حيث أعلن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، عن نية المملكة إطلاق هذه المنصة، وذلك في سبتمبر من العام 2021، ونحن من جانبنا، نوفي بهذا الالتزام والإعلان، حيث قمنا في العامين الماضيين، بإطلاق مزادين من أكبر المزادات التي شهدها العالم؛ الأول بحجم 1.4 مليون طن، والثاني بحجم 2.2 مليون طن، ونجحت هذه المزادات بعمل نقلة كبرى في سوق الكربون بالعالم؛ أحد هذين المزادين أقيم في المملكة، والثاني في أفريقيا، بمشاركة شركات سعودية، مثل "أرامكو وسابك، وقطاعات أخرى تتسبب في انبعاث ثاني أكسيد الكربون". * ما دور المنصة والأهداف التي تعتزم تحقيقها؟ * إطلاق المنصة يساعد البائع والمشتري على التعرف على أسعار الكربون العالمية، ومن ثم اتخاذ قرار التداول فيه، وهذا التداول يساعد على تمويل مشاريع الطاقة المختلفة، وبجانب المنصة، سنطلق خدمات استشارية وتمويلية تعزز من مسيرة هذه المشاريع. * حدثينا عن آلية عمل المنصة وإصدار شهادات الكربون؟ * هذا السؤال مهم جداً، وأبسط تعريف، هو إصدار شهادة تداول لكل مليون طن من الكربون، تتم إزالته من الجو، مثال ذلك، عندما نزرع شجرة، نجد أنها تمتص ثاني أكسيد الكربون من الجو، وتختزنه بداخلها، وتخيل لو زرعنا مليون شجرة، فماذا ستكون النتيجة، ويتم قياس المشروع بنوع الأشجار وحجمها وقدرتها على امتصاص الكربون، ويتم إصدار شهادات عن كل طن كربون تتم إزالته، ويشتري المهتمون بالبيئة هذه الشهادات، والأمر نفسه في الكهرباء التي نستخدمها في منازلنا لتشغيل الأجهزة المختلفة، حيث يتم توليدها عن طريق محطات كهرباء تعمل بالمنتجات البترولية أو الفحم، ولكي تنتج المحطة كيلو وات من الكهرباء، فهي تستهلك كمية من المحروقات، ويمكن استبدال هذه المحروقات بطاقة نظيفة، تجنبنا إنتاج الكربون في الجو، وأيضاً لكل واحد طن من الكربون، تتم إزالته، تصدر شهادة كربون، لمطوري المشاريع، من أجل تمويل تلك المشاريع، ومن غير تلك الشهادات، لا نستطيع المضي قدماً في مشاريع الطاقة. * كيف يتم التعامل مع الكربون الذي تتم إزالته من الجو؟ * أعطي مثالاً على ذلك للتوضيح، بأن مشروع زراعة مليار شجرة، تتم تقييمه بتقنية الستالايت، عبر قياس حجم الأشجار، وقدرتها على امتصاص الكربون من الجو، ومن ثم يأتي دور لجان فنية من المراجعين والمدققين لمراجعة حجم الكربون الذي تمت إزالته، ومن ثم إصدار شهادات بكميات الكربون المزالة، ومن ثم تداول هذه الشهادات رقمياً، من قبل جهة ثالثة. * كيف لهذا المشروع أن يدعم طموح المملكة في ريادة الأعمال في مسار المناخ؟ وما دور صندوق الاستثمارات العامة بالشراكة مع تداول في دعم هذا المشروع؟ * بداية أعبر عن اعتزازي بجهود المملكة في هذا المجال، وما تتخذه من خطوات حثيثة تدعم مشاريع المناخ، ولا شك أن المملكة تُوفي بالتزاماتها في حماية المناخ في الداخل والخارج، بدليل اعتزامها الوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060، والتزامها بتعزيز الطاقة النظيفة في الكهرباء، وبالنسبة لصندوق الاستثمارات العامة، لا شك أن دوره كبير جداً في مشاريع البيئة، وأستطيع التأكيد على أن الصندوق بمثابة المحرّك للكثير من مبادرات الطاقة، مثل مشاريع الطاقة النظيفة، وغيرها، وبالنسبة إلى تداول السعودية، فنحن نعتبرها شريكاً استراتيجياً تساعدنا في إطلاق المنصة التي نخطط لها، وقد شهدنا مبادرات بيئية عدة، شاركت فيها تداول السعودية في العامين الماضيين، ونحن نُعتبر جزءاً من مبادرات تداول، لدعم المناخ في المملكة. * نجاح عمل المنصة يرتبط بقدرة المملكة على إنشاء مخازن لتخزين الكربون.. ما الجديد في هذا الشأن؟ * لا أبالغ في القول إذا أكدت أن المملكة دولة مباركة، تمتلك الكثير من الإمكانات التخزينية على مستوى العالم، ويكفي أن السعودية تعتبر ثاني أكبر سعة تخزينية للكربون الأزرق من البحار، وهو أحد مسارات امتصاص الكربون من الجو وإزالته، كما أنها تحتل المركز الثاني عالمياً في العُشب الأخضر من البحار، وتحديداً في البحر الأحمر، ولديها أيضاً شجر المانجروف، الذي يمتص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، بنسبة تفوق ما لدى غابات الأمازون، وهذه ميزة تختص بها المملكة، وتقوم شركة أرامكو بإنجاز مشاريع لتخزين الكربون، بسعة تخزينية كبيرة جداً، ويساعد على ذلك البنية التحتية التي اهتمت بها الشركة. إطلاق مزادين.. الأول بحجم 1.4 مليون طن والثاني بحجم 2.2 مليون طن * كم يبلغ إنتاج المملكة من الكربون؟ وما التحديات التي تواجه تعزيز هذا الشأن؟ * عندما بدأنا عملنا في إزالة الكربون، كان إنتاج المملكة من الكربون، "صفر" للعرض، و"صفر" للطلب على الكربون، وبعد ذلك زاد الإنتاج والطلب على الكربون، وبلغ إنتاج المملكة منه 3.6 ملايين طن، وعن التحديات التي تواجه السوق بشكل عام، نؤكد أنها تتركز في التدقيق والنزاهة، وهذا الأمر نشتغل عليه الآن لتعزيزه من خلال وجود فريقين يعمل كل منهما بشكل منفصل عن الآخر، مهمة كل فريق التدقيق في كل شهادة يتم إصدارها، ونستعين في هذا المسار بآليات عمل تصدرها بعض المؤسسات العالمية، وفق أعلى المعايير الدولية. * وكيف يتم تسعير بيع أطنان الكربون؟ * تسعير بيع الكربون، يتم تحديده بحسب حجم كل مشروع، وتكلفته، وأدواته الداخلة فيه، بمعنى أن المشاريع التي تعتمد على التقنية، التي هي مرتفعة الثمن، يكون التسعير فيها مرتفعاً، والعكس صحيح، فسعر طن الكربون الذي يأتي للسعودية من الشرق الأوسط، أعلى من سعر الطن الوارد من الدول الأخرى، لأن المشتري يميل إلى أن يكون من المنطقة التي تحتوي على الانبعاثات. وبالتالي أية مشاريع يتم إطلاقها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لها جاذبية وعليها طلب. * كيف يتم تطوير أسواق الكربون ومشاريعها؟ * تطوير أسواق الكربون، يتم عن طريق مبادرات جديدة لدعمها، مثل مبادرة المنصة التي أطلقتها المملكة، التي تصدر شهادات كربون، توفر التمويل المطلوب لمشاريع البيئة، وإيجاد مناخ ملائم لنجاح هذه المشاريع، مع تعزيزها بالنزاهة المطلوبة. * كم عدد الشركات المشاركة في منصة شهادات الكربون داخل المملكة؟ * لدينا حتى الآن 22 شركة مشاركة في المنصة، تتوزع على قطاعات النفط، مثل شركة أرامكو وسابك، وقطاع التعدين، مثل شركة "معادن"، وقطاع توليد الطاقة، ويمثله شركة الكهرباء السعودية، وقطاع السياحة مثل "الرد سي"، وقطاع البنوك ويمثله البنك الأهلي وغيره. الجيزي مع الزميل حازم بن حسين