برزت قضايا المرأة ودورها في تنمية المجتمع كأحد الموضوعات المحورية على مستوى العالم، حيث تولي المنظمات والمواثيق الدولية اهتماماً كبيراً بتمكين المرأة، باعتبارها جزءاً أساسياً من بنية المجتمع ومحركاً لتقدمه. وقد أكدت تقارير أممية ضرورة إشراك المرأة بشكل فاعل في عملية التنمية المجتمعية وتعزيز المسؤولية الاجتماعية، وذلك انطلاقاً من حقيقة أن نصف المجتمع يكمن في النساء، وحرمانهن من المشاركة يعد هدراً للطاقات البشرية وتثبيطاً لتقدم المجتمع. مع تزايد التوجهات العالمية نحو تعزيز دور المرأة في المجتمع، أصبح تمكينها محوراً رئيساً ضمن الاستراتيجيات الوطنية في المملكة. وتعتبر المسؤولية الاجتماعية أحد أهم الأطر التي تساهم من خلالها المرأة السعودية في دعم مسيرة التنمية المستدامة، بما يعكس التزامها ووعيها بأهمية العمل الجماعي لخدمة المجتمع وتنميته على كافة المستويات. فرص متكافئة يمثل تمكين المرأة جزءاً أساسياً من رؤية المملكة 2030، حيث ركزت هذه الرؤية على توفير فرص متكافئة للمرأة في مختلف القطاعات، وتعزيز مشاركتها في سوق العمل، وتمكينها من الإسهام في تطوير مجتمعها. وقد حددت الرؤية أهدافاً واضحة لتمكين المرأة من تحقيق ذاتها من خلال منحها الأدوات والإمكانات اللازمة للمشاركة الفاعلة في المجتمع، وتمكينها من أن تصبح عنصراً فاعلاً في الاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة. وتأتي المسؤولية الاجتماعية هنا كإطار تكاملي يجسد هذا التمكين؛ فالمسؤولية الاجتماعية تعني تكريس الجهود لخدمة المجتمع وتقديم الدعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي إحدى القيم الجوهرية التي تعكس روح الانتماء للمجتمع. وعلى الرغم من أن المسؤولية الاجتماعية تشمل كل أفراد المجتمع، فإن المرأة السعودية تلعب دوراً بارزاً في تعزيز هذه القيمة من خلال مبادرات متنوعة. فمن خلال المشاركة في المشاريع الخيرية، وتقديم الدعم للأسر المحتاجة، وتطوير المبادرات التعليمية والصحية، تُسهم المرأة السعودية بفعالية في تحسين جودة الحياة داخل المجتمع. توفير بيئة مناسبة من ناحية أخرى، عملت المملكة على توفير البيئة المناسبة لدعم المرأة وتمكينها من أداء دورها الاجتماعي، حيث أُسست العديد من المنظمات والجمعيات النسائية التي تهدف إلى تقديم الدعم للأسر والمجتمع بشكل عام. وتعتبر هذه الجمعيات جزءاً أساسياً من الجهود المبذولة لتعزيز مشاركة المرأة في المسؤولية الاجتماعية. كما أن الجهود الحكومية مستمرة في دعم المرأة السعودية من خلال برامج التدريب والتطوير، والتي تهدف إلى تأهيلها للعب دور رئيس في مختلف القطاعات. وقد أثمر هذا التوجه عن بروز نماذج نسائية سعودية تميزن في مجالات المسؤولية الاجتماعية، حيث شاركت المرأة في تقديم العون والمساعدة لمختلف فئات المجتمع، بدءاً من الأطفال والشباب وحتى كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة. ولعل هذا الدور الذي تؤديه المرأة السعودية في هذا الإطار يعكس قدرة المملكة على الاستفادة من طاقات جميع أفراد المجتمع، لتحقيق التنمية المستدامة والمساهمة في بناء مجتمع متماسك وقادر على مواجهة التحديات. مستويات متقدمة ومن خلال التعليم، حققت المرأة السعودية خطوات كبيرة نحو بناء قاعدة معرفية تساهم في تعزيز دورها الاجتماعي؛ إذ أتاحت الدولة فرص التعليم بمستويات متقدمة وخصصت برامج توعوية وتدريبية تركز على مفاهيم المسؤولية الاجتماعية. وقد انعكس ذلك على ارتفاع مستوى الوعي لدى المرأة السعودية بأهمية العمل الاجتماعي ودورها الفاعل في المبادرات التي تسهم في دعم الفئات المحتاجة وتوجيه الدعم للمجتمع بشكل أكبر. نشر الوعي البيئي ويضاف إلى ذلك أن تعزيز دور المرأة في المسؤولية الاجتماعية يتجلى في مجالات أخرى كالمبادرات البيئية، حيث ساهمت المرأة في جهود حماية البيئة ونشر الوعي البيئي بين الأجيال الجديدة، وكذلك في القطاع الصحي، حيث أسهمت النساء السعوديات العاملات في مجال الرعاية الصحية في تقديم الخدمات الطبية والمشاركة في الحملات الصحية الوطنية، الأمر الذي يعكس الروح التضامنية والتفاني في تقديم المساعدة للمجتمع. حلول مبتكرة ومن الملاحظ أيضاً أن المرأة السعودية حققت إنجازات ملموسة في مجال ريادة الأعمال الاجتماعية، حيث انطلقت العديد من المبادرات النسائية التي تهدف إلى تقديم حلول مبتكرة لمشكلات اجتماعية، مثل دعم الأسر المنتجة وتطوير المهارات المهنية، مما يعزز من دور المرأة كرائدة في المجتمع وكمساهم فاعل في تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية. في الختام، يُعد تمكين المرأة السعودية ومشاركتها في المسؤولية الاجتماعية إنجازاً كبيراً ينسجم مع رؤية المملكة 2030، ويعكس التزام السعودية بتطوير مجتمع متكامل يستفيد من إمكانات جميع أفراده.