وسط تنوع مسارات برامج رؤية 2030، لم تنس المملكة العربيه السعوديه أن تولي اهتماماً بالغاً ببرامج المسؤولية الاجتماعية، ونشر ثقافتها في الأوساط كافة، وصولاً إلى إيجاد قطاع خاص نموذجي، يقوم بواجباته تجاه المجتمع الذي انطلق منه، وتكون الحصيلة، مساهمة برامج المسؤولية الاجتماعية في الارتقاء بالاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال التزام شركات القطاع الخاص بواجباتها الاجتماعية على الوجه الأكمل. وأبسط تعريف ل»المسؤولية الاجتماعية»، وفق مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة، بأنها «الالتزام المستمر من قبل منظمات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، إضافة إلى المجتمع المحلي والمجتمع ككل». وقياسياً على ما سبق، لم تعد المسؤولية الاجتماعية خيارًا، يقبل عليه المجتمع أو يرفضه، بل ضرورة وركيزة أساسية للإدارة التنفيذية؛ لتعزز الميزة التنافسية، وتعطي آثارًا إيجابية للشركة وصورتها بين الموظفين والعملاء والمجتمع، إلى جانب أهمية أنسنة المدن والاهتمام بالاقتصاد المعرفي والبيانات لاتخاذ قرارات تخدم التنمية الاقتصادية الشاملة في البيئة المستدامة. هدف استراتيجي وتتقدم المملكة في مجال المسؤولية الاجتماعية بشكل متسارع، ولها في هذا المسار، قصة ملهمة للتحول والتمكين، حيث تعزز من التزامها ببرامج المسؤولية الاجتماعية، بجعلها هدفاً استراتيجياً ضمن رؤية 2030. وهذا الالتزام يظهر بوضوح من خلال السعي لتعزيز التزام الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية، وهو ما دفع إلى تطوير مبادرات رئيسية؛ منها إنشاء لجنة خاصة للمسؤولية الاجتماعية، ووضع استراتيجية وطنية، وإطلاق منصة وطنية لتعزيز الشفافية في تقارير المسؤولية الاجتماعية. علاوة على ذلك، أعلنت المملكة عن تحديد 23 مارس يوماً للمسؤولية الاجتماعية لعرض جهود القطاع الخاص، وأصدرت إرشادات للشركات، وطورت مؤشرًا للمسؤولية الاجتماعية لسوق السعودية، وعززت الهوية الوطنية المشتركة للمسؤولية الاجتماعية. وشهدت المملكة خلال سنوات الرؤية، زيادة كبيرة في المشاركة في المسؤولية الاجتماعية للشركات في جميع أنحاء البلاد، حيث قفزت مساهمات الإنفاق الاجتماعي من 1.19 % في عام 2019 إلى 4.15 % بنهاية عام 2023، بينما ارتفعت نسبة الشركات الكبيرة التي لديها برامج للمسؤولية الاجتماعية من 30 % إلى 65 % خلال نفس الفترة. ويظهر هذا التقدم في تحسين ترتيب المملكة الدولي، حيث قفزت إلى المرتبة ال16 في مؤشر المسؤولية الاجتماعية؛ وفقًا لتقرير التنافسية الدولية الصادر عن IMD لعام 2024، بعد أن كانت في المرتبة 41 في عام 2021، ويبدى الكثيرون ثقتهم بأن المملكة ستكون في مصاف الدول الأعلى تصنيفًا في المسؤولية الاجتماعية بحلول عام 2030. جودة الحياة أهمية برامج المسؤولية الاجتماعية باتت ضرورة ملحة في المجتمع السعودي، باعتبارها إحدى مستهدفات رؤية السعودية 2030، التي شجعت القطاع الخاص على الإسهام فيما يخدم الوطن، ويرفع من جودة الحياة، ويدعم ذك نظرة القيادة، إلى المسؤولية الاجتماعية، بوصفها ركنًا أساسيًّا في خارطة التنمية الوطنية المستدامة. ويتفق المتابعون لبرامج المسؤولية الاجتماعية، على أن تعزيز التقنيات الحديثة داخل الشركات والمصانع، يضيف قيمة من خلال تعزيز المسؤولية الاجتماعية، ويتم ذلك عبر توفير مصادر طاقة بديلة، تقلل الانبعاثات، وتحمي البيئة، بالإضافة إلى تدريب الموارد البشرية، ويرون أن التقارير الطوعية عن الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) مهمة في تعزيز الشفافية وزيادة الوعي بين المستثمرين، ويتم العمل على توجيه الاستثمارات نحو مشاريع الاستدامة والتنمية الاجتماعية، مما يعكس توجهًا متزايدًا لدى المستثمرين في المنطقة نحو المنتجات المستدامة. وتتطور المسؤولية الاجتماعية للشركات، حيث تتركز على الابتكار والرقمنة المستدامة والتحول الاستراتيجي وتسلط الضوء على الاتجاه المتزايد للشركات في دمج التقنيات، وإعادة التدوير ومبادئ الاقتصاد الدائري في عملياتها اليومية، بما في ذلك الاعتماد على الطاقة المتجددة لدعم الاستدامة البيئية، وتطوير الإنسان، والنمو المتوازن للمجتمع. خطط استراتيجية يتطلب الاستثمار في المسؤولية الاجتماعية خططًا استراتيجية للشركات؛ مما يسهم في ضمان تحقيق تلك المستهدفات والقضاء على التحديات مع أهمية المحافظة على قيم الشركة ومعاييرها الخاصة، واحترام ثقافة وأنظمة البلدان التي تعمل بها، وتعزيز الشراكات الدولية وابتكار نماذج جديدة للتعاون بين القطاعين العام والخاص في التنمية المستدامة. وللمسؤولية الاجتماعية في زمن الرؤية، اهتمام خاص، ينطلق من سعي الرؤية لبناء وطن طموح، وتعتمد هذه الرؤية على ثلاثة محاور أساسية، وهي المجتمع والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وكل محور من هذه المحاور تضمَّن عددًا من الالتزامات والأهداف التي تمثل نموذجًا للمسؤولية المجتمعية التي تهدف بدورها إلى تحقيق التنمية المستدامة . وتحفز برامج المسؤولية المجتمعية، الشركات على القيام بمسؤولياتها الاجتماعية، وتدفع القطاعات الثلاثة، إلى القيام بالمسؤولية الاجتماعية، وكذلك المسؤولية الاجتماعية والعمل الخيري، والمواصفة القياسية للشركات -دليل الشركات- وخدمات منصة المسؤولية الاجتماعية. القطاع الخاص لا شك أن هناك أهمية قصوى لاتخاذ خطوات بارزة في فهم الاستدامة والامتثال للقواعد والمعايير والمواصفات في المسؤولية الاجتماعية، لتشمل إضافة الممارسات إلى العمليات والأنشطة الأساسية، مما ينعكس على تطوير الخدمات والمنتجات للمجتمع، فضلًا عن الانتقال من الممارسات التقليدية إلى ممارسات حديثة، تعتمد على الابتكار والتقنيات ومعالجة التحديات التي تواجه المسؤولية الاجتماعية، ولتفعيل المسؤولية الاجتماعية بشكل أكبر، يحتاج القطاع الخاص إلى تعزيز التطوير والنمو للممارسات واستمرارية الأعمال، مما يتطلب نموذج أعمال يُمكن تطوير القدرات وتنفيذ التخطيط وقياس الأثر، إلى جانب توافر ووجود الحلول المالية والقدرات المناسبة، مما سينعكس بشكل إيجابي نحو تطوير الأدوات والتكامل في الممارسات لنمو المجتمع ورفاهيته. ولم يعد دور الشركات يقتصر على المبادرات المجتمعية، بل يتجاوزها للمشاركة ووضع المجتمع في مقدمة اهتماماتها، حيث إن وجود مساهمات لتطوير الاقتصاد المحلي يساعد على القضاء على الفجوة الحاصلة في التنمية المستدامة من الشركات؛ بسبب ضعف الممارسات من قبلها لتحقيق أثر أكبر وأعمق يشعر به المجتمع. يوم المسؤولية الاجتماعية ويؤكد يوم المسؤولية الاجتماعية الذي صدرت الموافقة الكريمة على أن يكون في يوم 23 مارس من كل عام، اهتمام المملكة بالتنمية المستدامة وفق مستهدفات رؤية المملكة 2030، ودعمها المستمر واللامحدود لشركات القطاع الخاص؛ لما تقدمه من أجل ازدهار المجتمع واستدامة موارده للأجيال القادمة، وذلك من خلال تأصيل العمل المجتمعي بإطار وأبحاث ودراسات علمية، إضافة لنشر الوعي العام حول قضايا المسؤولية الاجتماعية ورصد تجارب المسؤولية الاجتماعية لدى الجهات ذات العلاقة. ويرى المختصون أن المسؤولية الاجتماعية ممارسة حضارية في المجتمعات المتقدمة، تنبع من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وسد الاحتياج التنموي، منوهين أن تحديد يوم للمسؤولية الاجتماعية هو لرفع شأن برامج المسؤولية الاجتماعية، والارتقاء بمسؤولية مؤسسات وشركات القطاع الخاص في الوطن، تجاه المجتمع، والإسهام في حماية وتطور الإنسان، وحفظ التنوع البيئي والموارد الطبيعية، ونمو الاقتصاد وتنمية موارده. ملتقى المسؤولية وسعت رؤية 2030 إلى تعزيز المسؤولية الاجتماعية بحزمة من الأسس والبرامج، ومن هنا شهدت العاصمة الرياض في أكتوبر الماضي، فعاليات الملتقى الدولي للمسؤولية الاجتماعية 2024، الذي نظمته وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتناول الأنشطة والممارسات المختلفة للشركات وما تتطلبه من إذكاء الوعي بأهمية المسؤولية الاجتماعية، وتطوير الأدوات لتمكين القطاع الخاص للمشاركة في التنمية الشاملة، مما يجعلها تقوم بأدوار متعددة. التطور التقني سهل حضور القطاع الخاص لخدمة المجتمع مسؤولية الشركات المجتمعية مساندة للبحث العلمي برامج المسؤولية الاجتماعية ضرورة ملحة لمختلف المجتمعات