: فكيف يصبح انعكاسي ملغماً بالقبح؟ ترمز المرآة في العديد من الثقافات إلى أداة للتأمل الذاتي، حيث يقف الشخص مواجهةً لنفسه. لكن التعرض لها في عصرنا هذا، ولانعكاسنا، أصبح مبالغاً فيه. قد تُعدُّ المرآة أداةً في علم النفس للتحقق الذاتي، إذ تعكس صورة الفرد. لكن يكمن السؤال الأساسي: هل ما يراه الأشخاص هو ذاته ما هو موجود حقاً؟ لا يمكن إنكار أن المرآة والتعرض لرؤية أنفسنا بشكل إيجابي يعززان الوعي بالذات، لكنها قد تخلق نوعاً من الصراعات، خصوصاً للأشخاص الذين يعانون من مشكلات تقدير الذات. تظهر الدراسات أن التعرض المستمر للصور الشخصية (السيلفي) وغيرها، ومراجعة هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي طوال الوقت، ومقارنتها مع الآخرين، سيضعف الرضا عن المظهر ويزيد القلق بشأن صورة الأشخاص عن أجسادهم. وقد يؤدي هذا إلى إنشاء معايير جمال غير واقعية لدى الشخص. سيخلق النظر الطويل إلى المرآة لدى الأشخاص الأسوياء نظرة نقدية عن أنفسهم، أو حتى مراجعة دقيقة لصورهم. إذ إن المدة التي يقف بها الأشخاص أو يفحصون صورهم فيها تطول، وهذا يعني تدقيقاً على عيوب صغيرة قد لا تكون ملحوظة أو قد تكون عارضة. وهذا سيخلق تركيزاً عالياً على العيوب وإغفال الجوانب الإيجابية، ويخلق صراعاً بينه وبين نفسه في وضعها في مقارنات غير عادلة. والأمر يشبه النخر على الخشب، فتدريجياً سيبدأ تقدير الشخص عن نفسه في الانخفاض بصورة غير واضحة، وقد تتشوه مفاهيمه عن ذاته وصورته. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون أساساً من تشوه الانعكاس والقيمة الذاتية، فهم يعانون من مشكلات تقدير الذات التي تجعلهم يرون أنفسهم بصورة سلبية، وقد تكون أيضاً بشكل مبالغ فيه وغير واقعي. وما يرونه في المرآة هو انعكاس غير واقعي في الحقيقة، وهو اضطراب (Body Dysmorphic Disorder). أن الأبحاث في هذا الاضطراب تحديداً وجدت أن الأفراد الذين يقضون وقتاً طويلاً أمام المرآة قد يعانون من زيادة مشاعر القلق حول مظهرهم. والتعرض المستمر قد يؤدي إلى انخفاض في تقدير الذات أكثر مما هو عليه. أعتقد أنه من الأفضل للأشخاص تقليل هذا التعرض الشديد لرؤية انعكاسات أنفسهم في المرآة، والسعي لتطوير جوانب المعرفة، بالإضافة إلى السعي لتحسين الصحة النفسية والتوعية في هذا الجانب. ينبغي علينا رفع ثقافة تقدير الذات والعمل على تعزيز جوانب تساعد في تحسين نظرتنا إلى أنفسنا.