في عالم الأعمال اليوم، أصبح التسويق أحد أهم الأدوات التي تعتمد عليها المنظمات لتحقيق النجاح والتفوق في السوق. ولكن، يواجه هذا المجال تحديات كبيرة، يمكن وصفها بحالة من "الحيص بيص"، التي برزت من خلال تطفل الدخلاء في مجال التسويق وتخبط مساعيهم في فهم السوق واستهداف الجمهور، إضافة إلى سوء تعاطيهم مع التطورات التقنية الحديثة، فما هذه الحالة وكيف تؤثر على الجهود التسويقية؟ حيص بيص هو تعبير يقصد به حالة من الارتباك والفوضى، وهو ما نراه في مشهد التسويق الحالي بسبب التغيرات المتسارعة في السوق والتقنية واحتياجات ورغبات المستهلكين. فأصبحت المنظمات اليوم تواجه تحديات متزايدة في محاولتها لتلبية توقعات المستهلكين الذين باتوا أكثر وعيًا، بالإضافة إلى اشتداد المنافسة وظهور تقنيات تسويقية حديثة. التطورات السريعة في التقنية الرقمية أدت إلى تغييرات جذرية في كيفية استهداف المستهلكين، حيث أخرجت لنا أدوات تسويقية جديدة ترتبط بالذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الكبيرة، والتسويق عبر القنوات الإلكترونية المتعددة. هذه التغيرات المتتابعة تجبر المسوقين على التكيف وبسرعة مع التقنية، بالإضافة إلى ذلك تنوع الأسواق واحتياجات العملاء زاد أيضا من الصعوبة على المسوقين في توقع ما يريده العملاء وكيفية التواصل معهم بشكل فعال، مع الأخذ في الاعتبار احتياجات ورغبات المستهلكين التي تختلف بشكل متباين بين الثقافات والفئات العمرية وشرائح المجتمع، الذي يضيف مزيداً من التعقيد على استراتيجيات التسويق ويُصعب تحديد الاستراتيجية المثلى لها، ما قد يؤدي إلى ارتباك في تنفيذ حملات تسويقية فعالة تستهدف الجمهور المناسب. الدخلاء على مجال التسويق، بنظرتهم المحدودة من "طرف خفي" قاصر، غالبًا ما يختزلون التسويق على جانب جزئي صغير بمجال الإعلانات فقط، متجاهلين جوهره كعلم معتبر ذي أصل وأثر فعّال على المستهلكين والمجتمع وعلى المنظمات والاقتصاد العالمي. الجهود التسويقية الناجحة في أي منظمة تعتمد على جانب الابتكار والإبداع والاعتماد على تحليل دقيق لسلوك المستهلكين والبيانات المتعلقة بتفاعلهم مع المنتجات أو الخدمات والعمل على تحسين تجربة العميل، بالإضافة إلى الاطلاع على التجارب الناجحة المميزة لمختلف المنظمات المحلية والعالمية، أيضا تعلم الدروس من الكوارث التي تعرضت لها وكيف تجاوزتها، والأهم من ذلك مواكبة أحدث التطورات التقنية للاستفادة منها واستغلالها في الجهود التسويقية التي امتدت إلى قنوات متعددة ومتنوعة تشمل الإنترنت، وسائل التواصل الاجتماعي، التسويق عبر البريد الإلكتروني، والتسويق المباشر، هذا التعدد يخلق تحدياً جديداً في اختيار القنوات المناسبة والتكتيكات الأنسب لتحقيق أقصى تأثير، والذهاب إلى أبعد من ذلك في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحقيق استراتيجيات تسويقية ناجحة. أبو الفوارس، سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، لُقب بحيص بيص كونه أول من قالها "مالي أرى الناس في حيص بيص" وهو القائل أيضا في شعره "كلُّ إناءٍ بما فيه ينضح"، فالتسويق إذا عمل ممن ليسوا من أهل التسويق بعلم وخبر، فلن ينضح أو يخرج عملهم إلا بكوارث ونتائج سلبية على المنظمة إضافة إلى الجهد والتكلفة التي ستتكبدها فوق ذلك، نتيجة عيشهم في حالة من "حيص بيص" مع التقنية المتطورة والتغيرات المستمرة في احتياجات المستهلكين.