عاماً بعد آخر، يحقق معرض الرياض الدولي للكتاب أهداف رؤية 2030 وتطلعاتها بتطويع الثقافة لخدمة الاقتصاد، وتعزيز مكانة المملكة في العالم حتى تصبح مركزاً ثقافياً تنطلق منها حركات الإبداع الفكري بجميع مساراته، وتنتشر في ربوع المنطقة والعالم، إلى جانب الارتقاء بمكانة البلاد الثقافية والتاريخية، وهو ما رسخته نسخة المعرض للعام الجاري (2024) التي اختتمت فعالياتها أخيراً. نجاح المعرض هذا العام كان واضحاً للعيان، ولهذا النجاح علامات قوية أبرزها إقبال نحو مليون زائر من داخل المملكة وخارجها على فعالياته وأنشطته الثرية والمتنوعة، وقدرة الفعاليات على جمع صُناع الأدب والنشر والترجمة من مختلف أنحاء العالم وتبادل الحوارات الواعية بينهم، ما أسهم في تعزيز المكانة الثقافية للمملكة، ودعم مكانة المعرض العربية والدولية باعتباره واجهة ثقافية وطنية وعالمية، وتعزيز ثقافة القراءة العامة في المجتمع. ويُحسب لمعرض الرياض الدولي للكتاب أيضاً، نجاحه في تعزيز الوعي والارتقاء ببرامج جودة الحياة، وهو ما ينعكس على تفعيل جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة بتوفير بيئة حاضنة وداعمة للإبداع الثقافي، وتأسيس منصة دولية متكاملة للمثقفين والأدباء والمفكرين والمبدعين، وزيادة عمليات التبادل الثقافي والفكري والمعرفي مع دول العالم، الأمر الذي كان له أثر كبير في دعم الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها وزارة الثقافة بتعزيز الفرص في قطاع الثقافة عبر 16 قطاعًا، تُعول عليها في تحريك أهم الأحداث التي تُعنى في الثقافة والفنون. وتتجاوز إيجابيات معرض الرياض الدولي للكتاب الشأن الثقافي إلى ما هو أبعد من ذلك، بعدما تم تطويعه ليكون مساهماً رئيساً في نمو صناعة اقتصاد الثقافة والكتاب وصناعة النشر محليًا وعربيًا، ليحقق سنويًا أحد أعلى عوائد مبيعات الكتب على مستويات المعارض العربية والعالمية، وهو ما يعكس أهمية الكتاب والمكانة الاقتصادية المهمة للمعرض، ويكفي لتأكيد هذا المضمون ما حققته دور النشر المشاركة في نسخة هذا العام من مبيعات تجاوزت 28 مليون ريال. شكّل المعرض فرصة ثمينة للزوار للوصول إلى مؤلفات المبدعين من كل الدول العربية والعالم واستكشاف عوالم من المعرفة والفكر والأدب، لذا فهو منصة معرفية وثقافية رائدة تجاوزت تأثيراته الداخل السعودي، بعدما نجح في تعزيز بناء وتطوير العلاقات الثقافية والفكرية إقليماً ودولياً، والقدرة على تجسيد رؤية واهتمام القيادة الرشيدة الراسخ والمستمر بدعم المشهد الثقافي، واستثماره في إيجاد أجيال واعية تستشرف المستقبل وتتحمل دورها في دعم العمل الثقافي في المملكة.