في ظل قيادته الحكيمة صدرت قرارات في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، تصب في مصلحة الوطن والمواطن، وفي المجال النفطي الذي لا تخفى أهميته وأثره السياسي والاقتصادي، والذي يؤكد دوره وأهميته، بأن «إستراتيجية المملكة في قطاع النفط العالمي تقوم على دعم «استقرار وتوازن» السوق، وأن بلادنا تعمل جاهدة ضمن استراتيجيتها للطاقة، على دعم استقرار وتوازن أسواق النفط العالمية، بوصف البترول عنصراً مهماً في دعم نمو الاقتصاد العالمي». تمتلك المملكة مقومات وإمكانات عظيمة، وتتميز بعمقها الحضاري الذي يعود لأكثر من مليون سنة وتؤكد ذلك الشواهد الأثرية والتراثية، كما أنها تحظى بموقعها الجغرافي المميز الذي جعلها نقطة تقاطع لطرق التجارة الدولية عبر العصور، قوتها الاستثمارية الرائدة، قيادتها العظيمة، إمكانات متنامية ومتكاملة، مقومات جغرافية وحضارية واجتماعية وديموغرافية واقتصادية عديدة، عززت من مكانتها ورفعتها بين الدول القيادية على مستوى العالم. ومن أهم ما تشتهر به المملكة هي طاقتها البترولية كونها من أكبر مصادر النفط في العالم، وتمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط في العالم، حيث يعد النفط والغاز الطبيعي من أهم المصادر الطبيعية في المملكة. ركيزة أساسية وفي هذا السياق يؤكد د. عبدالعزيز التركي حاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكيمائية من جامعة كاليفورنيا، قائلاً: يعتبر النفط والغاز الطبيعي، إلى جانب قطاع التعدين ركيزة أساسية للاقتصاد السعودي والعالمي، حيث يمثلان مصدرا رئيسيا للطاقة والصناعات الكيمائية، وتعد السعودية من أكبر منتجي النفط في العالم، إذ تمتلك احتياطات هيدروكربونية ضخمة تبلغ حوالي 251.2 مليار برميل نفط مكافئ، تبلغ الطاقة القصوى الإنتاجية للمملكة حوالي 12 مليون برميل يومياً، مما يعزز دورها المحوري في تلبية الطلب العالمي على الطاقة. وتابع: وفي مجال الغاز الطبيعي، تحتل المملكة مكانة ريادية بقدرة معالجة يومية للغاز الخام تبلغ 19.1 مليار قدم مكعب في اليوم، واحتياطات تصل الى 207.5 تريليون قدم مكعب قياس، إلى جانب ذلك، تعد المملكة من أكبر الدول المنتجة للكيماويات المتكاملة، حيث تبلغ قدرتها التكريرية حوالي 4.1 ملايين برميل يومياً، وتصل طاقتها الإنتاجية من المواد الكيميائية الى 59.6 مليون طن سنوياً، تدعم هذه القدرة الإنتاجية الهائلة سلسلة توريد متكاملة تبدأ من إستخراج الموارد الطبيعية وتنتهي بتصنيع المنتجات النهائية وتسويقها على المستوى العالمي. وأشار د. التركي أنه بدأت المملكة رحلتها في مجال النفط عام 1933 بتوقيع اتفاقية امتياز النفط مع شركة ستاندرد اويل اوف كاليفورنيا، وانطلقت مسيرتها نحو الريادة العالمية في مجال الطاقة باكتشاف النفط في بئر الدمام رقم 7 عام 1938م، وبحلول عام 1988، أصبحت المملكة أكبر منتج للنفط في العالم، حيث تمتلك حاليا حوالي 100 حقل نفطي رئيسي، من بينها حقل الغوار، الذي يعد اكبر حقل نفطي في العالم بطاقة إنتاجية تصل الى خمسة ملايين برميل يومياً، كما تمتلك المملكة حقولا بحرية ضخمة، ابرزها حقل السفانية، الذي يعد اكبر حقل بحري في العالم بطاقة إنتاجية تصل إلى 1.3 مليون برميل يومياً، يتم تصدير النفط المنتج في المملكة عبر موانئ رئيسية مثل ميناء رأس تنورة في الخليج العربي بطاقة تصديرية تبلغ 6.5 ملايين برميل يومياً، وميناء ينبع على ساحل البحر الأحمر بطاقة تصل الى ثلاثة ملايين برميل يومياً. على صعيد آخر، تعد الطاقة المتجددة جزءا حيويا من الخطط المستقبلية للمملكة، حيث تسعى المملكة لتحقيق هدف طموح بتوليد 50 ٪ من طاقتها من مصادر متجددة بحلول عام 2030، تم طرح مشاريع للطاقة المتجددة بقدرة 22 جيجاوات بحلول عام 2023، تم تشغيل 2.8 جيجاوات منها، مما اسهم في تقليل 5.4 ملايين طن من انبعاثات الكربون سنوياً، وقد سجلت المملكة اقل تكلفة معيارية لشراء الكهرباء على مستوى العالم في مجال الطاقة المتجددة، حيث بلغت التكلفة المعيارية للطاقة الشمسية 1.04 سنت لكل كيلوواط ساعة، ولطاقة الرياح 1.56 سنت لكل كيلوواط ساعة، معززا من تنافسية الطاقة المتجددة كخيار اقتصادي مستدام. د. التركي: النفط والطاقة آفاق واسعة الغاز الطبيعي عنصر حيوي ويضيف د. عبدالعزيز، قائلا؛ يلعب النفط والغاز الطبيعي دوراً محورياً في تلبية إحتياجات الحياة اليومية، حيث يستخدمان في مجموعة واسعة من المنتجات والعمليات التي تدعم أسس الحياة الحديثة، حيث يعتبر الغاز الطبيعي عنصرا حيويا في ضمان الامن الغذائي، اذ يستخدم كمادة أولية لإنتاج مادة الأمونيا التي تعد أساسا لإنتاج الأسمدة الضرورية لزيادة انتاج المحاصيل الزراعية. وزاد: إلى جانب ذلك، يستخدم النفط كوقود في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بدءا من النقل وصولا إلى توليد الكهرباء. حيث بلغت السعة الإنتاجية الكهربائية لعام 2021 حوالي 83 جيجاوات عن طريق وحدات الغاز (17.6 جيجاوات) ووحدات البخار (22.3 جيجاوات) وتقنيات الدور المركبة (14.7 جيجاوات) فيما بلغ الإنتاج الكلي 358637 جيجاوات في الساعة لعام 2021، بالإضافة إلى الكهرباء، يتم تكرير حوالي 302 مليون برميل من النفط يومياً محليا لتحويلها إلى منتجات بترولية متعددة مثل الجازولين (وقود السيارات)، وقود الطائرات، والنافثا التي تستخدم كلقيم في صناعة البتروكيماويات للنافثا استخدامات متعددة، ابرزها كمصدر للوقود حيث يتم تحويلها الى جازولين، وأيضا كلقيم في الصناعات البتروكيماوية، حيث تحول إلى مواد مثل البوليستايرين والبوليستر، أو إلى اوليفينات مثل الايثيلين والبروبيلين لإنتاج أنواع متعددة من البلاستيكيات، حيث يلعب النفط والغاز دورا حيوياً ومحوريا في دعم البنية التحتية الصناعية والاقتصادية على مستوى العالم، في قطاع البناء، يعد النفط والغاز المصدر الرئيسي للوقود المستخدم في انتاج الاسمنت والصلب وتشغيل الات البناء، مما يمكن من تطوير المشاريع العمرانية والبنية التحتية بكفاءة، كما يعتمد قطاع النقل العالمي بشكل كبير على مشتقات النفط، حيث يستخدم كوقود رئيسي في السيارات والطائرات والسفن، ويدعم سلاسل التوريد الخاصة بصناعة السيارات التقليدية والكهربائية، مما يسهم في تحريك عجلة الاقتصاد العالمي. وفي قطاع الاتصالات والتكنولوجيا، ذكر د. التركي انه تستخدم الهيدروكربونات المشتقة من النفط في تصنيع كابلات البيانات والمكونات الالكترونية، مما يعزز من أداء الأجهزة الرقمية والبنية التحتية للشبكات العالمية. كما تستخدم في الصناعات المتقدمة التي تستخدم في التطبيقات الطبية والهندسية والبيئية، مما يعزز الابتكار التكنولوجي ويفتح افاقا جديدة لتحسين جودة الحياة. علاوة على ذلك، تعد البتروكيماويات المشتقة من النفط والغاز مواد أساسية في العديد من الصناعات الحيوية. في مجال الرعاية الصحية، تستخدم هذه الموارد في تصنيع الادوية والمعدات الطبية التي تسهم في تحسين جودة الحياة والعناية الصحية، كما تلعب دوراً بارزاً في صناعة النسيج، حيث تستخدم لإنتاج الالياف الاصطناعية والملابس، وفي مجال التصنيع، تستخدم البتروكيماويات لإنتاج البلاستيك، تمتد أهمية الغاز الطبيعي أيضا إلى القطاع الزراعي، حيث يستخدم في إنتاج الأسمدة مثل الامونيا واليوريا، التي تعزز من خصوبة التربة وتساهم في زيادة إنتاجية المحاصيل، مما يضمن الأمن الغذائي ويسهم في استدامة القطاع الزراعي على المدى الطويل. تبرز أهمية هذه الاستخدامات في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المستدامة على مستوى العالم، مما يرسخ الدور المحوري للنفط والغاز ليس فقط كمصدر للطاقة، ولكن أيضا كمكون أساسي في العديد من الصناعات الحيوية. النفط والطاقة.. آفاق واسعة وأضاف د. التركي: يسهم الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة وتقنيات النفط والغاز في فتح أفاق واسعة من الفرص الاقتصادية والاجتماعية الجديدة في المملكة، ورغم إستمرار المملكة في الاعتماد على النفط والغاز كمصادر رئيسية للطاقة الا أن رؤية 2030 تهدف إلى تحقيق تحول كبير في مزيج الطاقة الوطني، بحيث يصل الى مزيج 50 ٪ من الطاقة المتجددة و50 ٪ من الطاقة النظيفة باستخدام الغاز الطبيعي بحلول عام 2030، تتطلب هذه التحولات استثمارات ضخمة في البنية التحتية للطاقة المتجددة وتقنيات احتجاز الكربون، تسهم الاستثمارات في هذه المجالات في خلق مئات الالاف من الوظائف الجديدة، كما تعزز من الابتكار التكنولوجي، وتدعم الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل. وضمن جهود المملكة لتطوير البنية التحتية للطاقة المتجددة، أعلن صندوق الاستثمارات العامة مؤخراً عن توقيع ثلاث إتفاقيات استراتيجية تهدف إلى توطين تصنيع وتجميع توربينات الرياح والالواح الشمسية في المملكة، حيث تمثل هذه الاتفاقيات خطوة مهمة نحو تحقيق اهداف رؤية 2030، حيث تركز على تطوير سلسلة إمداد محلية قوية للطاقة المتجددة، بالإضافة الى الجهود المبذولة في قطاع الطاقة المتجددة، تلعب مشاريع تطوير الغاز الطبيعي دورا رئيسيا في استراتيجية المملكة لتحقيق أهدافها البيئية والاقتصادية. كما تمثل تقنيات التكسير الهيدروليكي والحفر الافقي أدوات حيوية لزيادة انتاج الغاز الطبيعي، حيث يتوقع ان يرتفع انتاج الغاز بنسبة 50 ٪ بحلول عام 2030 حقل الجافورة، على سبيل المثال، يعد احد اكبر المشاريع الواعدة ، حيث يتوقع ان يصل انتاجه الى مليارا قدم مكعب يومياً. لا يعتبر الغاز الطبيعي فقط مصدرا هاما لتوليد الكهرباء، بل يشكل أساساً لتطوير اقتصاد الهيدروجين. تهدف المملكة من خلال هذه المشاريع الى ان تصبح مركزا عالميا لتصدير التكنولوجيا المتجددة من خلال الاستثمار في التصنيع المحلي لمكونات الطاقة المتجددة وتصدير التقنيات المتطورة الى الأسواق العالمية، مما يدعم موقعها كلاعب رئيسي في سوق الطاقة العالمي المتغير. مبادرات واستراتيجيات وأكد د. التركي أن مستقبل الطاقة في المملكة يتجه نحو تحقيق توازن مستدام بين المصادر التقليدية للطاقة والطاقة المتجددة، تهدف المملكة الى تنويع مزيج الطاقة المستخدم في إنتاج الكهرباء، مع التركيز على تحقيق توازن مثالي بين الكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة، وزيادة حصة الطاقة المتجددة الى اقصى حد ممكن، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، تسعى المملكة أيضا الى استثمار موقعها الجغرافي والمناخي الفريد لتعزيز دور الطاقة كمحرك أساسي للاقتصاد، لتحقيق هذه الأهداف، تركز على التطوير المستدام لصناعات النفط والغاز والتعدين، مع استغلال مواردها لتحقيق أعلى قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، تهدف المملكة إلى الريادة العالمية في قطاع الطاقة من خلال مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات التي تعزز الاقتصاد الوطني وتدعم التنمية المستدامة، ترتكز هذه الجهود على تطوير سياسات وبرامج تعزز القيمة المضافة من قطاع الطاقة، مع الحفاظ على الثروة الوطنية وضمان استدامتها للأجيال القادمة، تشمل هذه السياسات الابتكار في مجال الطاقة، وتعزيز الكفاءة التشغيلية، وتمكين المجتمع، وتحقيق التميز البيئي. كما تركز على تنمية القدرات البشرية وتطوير المهارات، مع الالتزام بحماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية. وقال: بفضل بنيتها التحتية المتقدمة، تتمتع المملكة بإمكانات قوية في تطوير صناعة الهيدروجين الأزرق، مستفيدة من توافر عمليات انتاج النفط والغاز، والتكرير، والصناعات الكيمائية، بالإضافة الى القدرة على تخزين ثاني أكسيد الكربون في خزانات النفط غير المستخدمة. كما تمتلك المملكة موارد غنية من الطاقة الشمسية والرياح، مما يمكنها من انتاج كهرباء منخفضة التكلفة لاستخدامها في انتاج الهيدروجين الأخضر. في الشمال الغربي، تبرز منطقة «أوكساجون» في نيوم كمركز استراتيجي عالمي، حيث يمر عبرها 13 ٪ من التجارة العالمية. تمثل «أوكساجون» نموذجا للمستقبل في مجال الصناعات النظيفة والابتكار، حيث تجمع بين ميناء الي متطور وشبكة امداد ذكية لتعزيز فعالية الشحن وزيادة الإنتاجية. بالقرب من هذا الميناء، تقوم شركة نيوم للهيدروجين الأخضر بإنشاء اكبر منشأة في العالم لإنتاج الامونيا من الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة المتجددة بطاقة تصل إلى 4 جيجاوات. ستنتج هذه المنشأة ما يصل الى 600 طن من الهيدروجين النقي يوميا على شكل امونيا خضراء، مما يوفر حلا اقتصاديا للنقل العالمي. تعكس هذه الجهود الطموحات الوطنية للمملكة في إطار رؤية 2030، والالتزام بتحقيق الاستدامة البيئية والتحول الى اقتصاد يعتمد على الطاقة النظيفة، مما يعزز مكانة المملكة كقوة عالمية رائدة في هذا المجال. نموذج عالمي يحتذى به وأضاف د. التركي: أنه في إطار برنامج الطاقة المتجددة تسعى المملكة إلى تعزيز حصتها في إنتاج الطاقة المتجددة من خلال تبني حلول مبتكرة واستراتيجيات فعالة لتعزيز الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، يعد البرنامج الوطني للطاقة المتجددة جزءا محوريا من رؤية 2030 الطموحة، التي تهدف الى تحويل المملكة الى نموذج عالمي يحتذى به في انتاج الطاقة المتنوعة، مع تحقيق توازن مستدام وشامل في مزيج الطاقة الوطني، حيث يستهدف البرنامج تحقيق مزيج 50 ٪ من الطاقة المتجددة و50 ٪ من الطاقة النظيفة باستخدام الغاز الطبيعي بحلول عام 230. كما تسعى المملكة إلى أن تكون رائدة عالميا في إنتاج وتصدير الهيدروجين النظيف، من خلال إنتاج أربعة ملايين طن سنوياً من الهيدروجين النظيف بحلول عام 2030. كما تعمل المملكة على تطوير قدرات احتجاز الكربون، بهدف الوصول إلى إمكانية احتجاز تسعة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2027، تعزز هذه الجهود من مكانة المملكة كأحد اللاعبين الرئيسين في قطاع الطاقة العالمي، سواء في انتاج النفط والغاز أو في الطاقة المتجددة والنظيفة، مما يضمن استدامة اقتصادها ومرونته في مواجهة التغيرات العالمية. وفي إطار هذه الرؤية، تم تأسيس «الشركة الوطنية لخدمات كفاءة الطاقة» (ترشيد) كجزء من الجهود الوطنية إلى تحسين كفاءة استهلاك الطاقة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، وتعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل. وقد أثمرت هذه الجهود عن توفير ما يعادل اكثر من 492 ألف برميل نفط مكافئ في مجال استهلاك الطاقة. علاوة على ذلك، تأتي «مبادرة السعودية الخضراء» كخطوة رائدة لتعزيز التحول نحو استخدام الطاقة النظيفة وتقليل الانبعاثات الكربونية، مع التركيز على حماية البيئة ومكافحة التغير المناخي بشكل فعال. ضمن هذه المبادرات البارزة، تم انشاء برنامج «مزيج الطاقة الأمثل» الذي يهدف الى زيادة كفاءة انتاج الكهرباء وخفض التكاليف من خلال تنويع مصادر الطاقة. وفي اطار تعزيز استدامة الطلب على البترول، اطلق برنامج استدامة الطلب على الهيدروكربونات في عام 2020، بهدف تعزيز كفاءة استخدام الهيدروكربونات كمصدر طاقة تنافسي وضمان تحول مستدام ومتناغم في مزيج الطاقة الوطني. وفي مجال إدارة الكربون، تم اطلاق «البرنامج الوطني للاقتصاد الدائري للكربون»، الذي يهدف الى تطوير حلول شاملة ومتكاملة لإدارة الكربون وتعزيز الاستدامة البيئية. د. العنزي: قوة جيوسياسية واستدامة بيئية ويختتم قوله ؛ لتفعيل هذه الأهداف الطموحة، بدأت المملكة في ترسية مشاريع جديدة تعتمد على تقنية الدورة المركبة للغاز الطبيعي، وذلك لتحويل محطات الكهرباء القديمة التي تعتمد على الوقود السائل الى محطات تعمل بكفاءة اعلى باستخدام الغاز الطبيعي. تسهم هذه التحولات الاستراتيجية في تقليل الانبعاثات بشكل كبير وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، مع التأكيد على التزام المملكة بتحقيق اهداف خفض انبعاثات الكربون وفقا لأفضل المعايير البيئية الدولية. علاوة على ذلك، تركز رؤية 2030 على تعزيز الصناعات التحويلية وتقليل الاعتماد على تصدير المواد البتروكيماوية الخام. هذه المبادرات تظهر التزام المملكة بالابتكار والاستدامة، مع التركيز على تحقيق نمو اقتصادي مستدام يضمن رفاهية الأجيال القادمة. قوة جيوسياسية وفي هذا السياق قال م. عبدالمجيد العنزي، حاصل على ماجستير طاقة متجددة: تعتبر الطاقة من العناصر الأساسية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي والسياسات الدولية، النفط، على وجه الخصوص، يلعب دورا محوريا في تحريك عجلة الاقتصاد العالمي، فهو المصدر الأساسي للطاقة في العديد من الصناعات الأساسية مثل؛ النقل، والتصنيع، والصناعات الكيمائية، كما يعد النفط قوة جيوسياسية، حيث تسعى العديد من الدول الكبرى إلى تأمين مصادر مستقرة وموثوقة من النفط لتلبية احتياجاتها الطاقوية وضمان استقرارها الاقتصادي، تعتبر امدادات النفط أيضا عاملا رئيسيا في العلاقات الدولية والصراعات الجيوسياسية، حيث تؤثر القرارات المتعلقة بالإنتاج والتسعير على الاستقرار الاقتصادي العالمي، في المقابل، تكتسب الطاقة المتجددة أهمية متزايدة على الساحة الدولية بسبب الفوائد البيئية والاقتصادية التي توفرها، تعتبر مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، بديلا مستداما للطاقة التقليدية، حيث تسهم في تقليل الانبعاثات الضارة والتلوث الناتج عن استخدام الوقود الاحفوري، وهذا يقلل من تأثيرات التغير المناخي ويساهم في الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة، بالإضافة الى ذلك، توفر الطاقة المتجددة فرصا اقتصادية جديدة من خلال الابتكار وتطوير تقنيات جديدة، مما يعزز الاستدامة الاقتصادية ويقلل من الاعتماد على الموارد غير المتجددة. ويضيف، تمثل المملكة دورا كبيرا في سوق النفط العالمي، حيث تعتمد بشكل كبير على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات الاقتصادية. تعتبر السعودية واحدة من اكبر منتجي النفط في العالم، ولها تأثير كبير في تحديد أسعار النفط العالمية وتوجيه السياسات المتعلقة بالقطاع. هذا الاعتماد الكبير على النفط يجعل من الضروري أن تبحث المملكة عن طرق لتقليل الاعتماد على هذا المورد الوحيد وتطوير مصادر بديلة للطاقة، وفي السنوات الأخيرة، بدأت المملكة في التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة كجزء من استراتيجيتها المستقبلية. استثمار المملكة في مشاريع الطاقة المتجددة يعكس التزامها بتطوير مزيج طاقي متنوع يعزز الاستدامة. مؤكداً أن المشاريع الكبيرة مثل مشروع «نيوم» و «مجمع محمد بن سلمان للطاقة المتجددة» تمثل خطوات مهمة نحو تحقيق هذا الهدف، تسعى المملكة لزيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الوطني، وذلك لتقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الاستدامة البيئية. جذب الاستثمارات الأجنبية ويضيف، إن المملكة العربية السعودية تسعى بفعالية لجذب الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة المتجددة، وذلك كجزء من استراتيجيتها لتطوير هذا القطاع وتعزيز مكانتها كمركز عالمي في مجال الطاقة النظيفة. الاستثمارات الأجنبية لا تقتصر على التمويل المالي فحسب، بل تشمل أيضا نقل التكنولوجيا والخبرات الفنية التي تعزز من قدرة المملكة على تحقيق أهدافها في هذا المجال. من خلال إنشاء شراكات مع الشركات العالمية الرائدة في مجال الطاقة المتجددة، تستفيد المملكة من الابتكارات والتقنيات المتقدمة التي توفرها هذه الشراكات، مما يساعد في تسريع تنفيذ مشاريعها الطموحة في هذا القطاع. كما أن التعاون الدولي في مجال الطاقة المتجددة يلعب دورا حيويا في تحقيق اهداف الاستدامة العالمية. المملكة العربية السعودية تشارك بفاعلية في المبادرات الدولية المتعلقة بالطاقة النظيفة، مما يسهم في تبادل المعرفة والخبرات بين الدول، من خلال الانضمام الى تحالفات ومنظمات دولية تعمل على تطوير الطاقة المتجددة، وتساهم المملكة في تبادل الأفكار والممارسات المثلى التي تعزز من فعالية مشاريع الطاقة النظيفة. هذا التعاون الدولي لا يقتصر على الجانب الفني فقط، بل يشمل أيضا الابعاد البحثية والتشريعية التي تسهم في تحسين بيئة الاعمال والاستثمار في هذا القطاع. استدامة بيئية وتعزيز اقتصادي ويؤكد م. العنزي أن الاهتمام المتزايد بالطاقة المتجددة يعكس التزام المملكة بمكافحة التغير المناخي والحد من تأثيرات السلبية، حيث إنها تدرك أن التغير المناخي يمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم، ولذا فهي تبذل جهدا كبيرا في تطوير حلول طاقية جديدة تسهم في تقليل انبعاثات الكربون والحفاظ على البيئة، من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، تهدف المملكة إلى تقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري وتقليل الأثر البيئي الناتج عن استخدامه، هذا الالتزام ليس فقط جزءا من استراتيجيتها الوطنية، بل ينسجم أيضا مع الأهداف العالمية لمكافحة التغير المناخي. ومن أهم المشاريع، مشروع دومة الجندل لطاقة الرياح الذي يقع في شمال السعودية، ويعد من أكبر مشاريع الطاقة الرياحية في المنطقة، حيث يمتلك المشروع قدرة توليد تصل إلى 400 ميجاوات من طاقة الرياح، ما يجعله واحدا من المشاريع البارزة في مجال الطاقة المتجددة بالمملكة. ومشروع محطة سدير للطاقة الشمسية، إحدى المبادرات الكبيرة في قطاع الطاقة الشمسية بالمملكة. محطة سكاكا للطاقة الشمسية من المشاريع الرائدة في المملكة، حيث تمتلك قدرة توليد تصل إلى 300 ميجاوات من الطاقة الشمسية، ويمثل هذا المشروع خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030 في زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة. ويختتم قوله، مع إضافة هذه المشاريع «دومة الجندل، وسدير وسكاكا» يتوقع أن يتم زيادة القدرة الإجمالية للطاقة المتجددة في المملكة بنحو 3.3 جيجاوات، بالإضافة إلى ذلك، مع مشاريع الهيدروجين الأخضر في نيوم، من المتوقع أن تضاف قدرة إنتاجية إضافية غير مباشرة تدعم الجهود الوطنية في تقليل الاعتماد على النفط وتعزيز الاستدامة البيئية. مخازن النفط