على مدار تسعة أيام، يواصل «معرض الفن النقي» الاحتفاء بالإرث الفني الكبير للفنان التشكيلي السعودي الراحل خالد الصوينع، تحت عنوان: «مرايا الوجود: خالد الصوينع بين السريالية والواقعية»، حيث اشتهر الصانع بأسلوبه السريالي ذي الإيقاعات المميزة، والسمفونية المتناغمة مع الألوان والمشاعر، واستطاع أن يجمع بين خياله الواسع وواقعية الطبيعة الصحراوية لمدينته عنيزة. يستعرض المعرض أكثر من 62 عملاً فنياً للصوينع يجمع بين السريالية والواقعية، حيث تتجلى إبداعاته في عالم السريالية الذي تجاوز فيه حدود الخيال، إلى جانب دقته الواقعية التي جسدت الطبيعة الصحراوية لمدينته، التي كانت ملاذًا لروحه وعنوانًا لحبه العميق. يشكل الفنان الراحل خالد الصوينع، حالة خاصة في مجال الفن التشكيلي، فهو صاحب مخزون ثقافي كبير، وأفكار فنية مستنيرة، وتجربة متجددة في الفن السعودي، فهو صاحب المقولة الشهيرة: «على الفنان أن يجرب أنواع الفنون بحكمة وأمانة». وقد وُلد الفنان عام 1969 م في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم، وبرعت موهبته منذ الطفولة، وبدأ بمشاركاته الفنّية في المعارض الجماعيّة في عنيزة كما انضمّ لمجموعتها الفنّية، وأجاد العديد من المدارس الفنية بدءًا من الواقعيّة متأثرًا بالانطباعيّة ومرورًا بالسرياليّة التي اشتُهر بها، كما شارك في العديد من المعارض المحلية والعالمية في مختلف دول العالم. خلال مشواره حصل الفنان الراحل على العديد من الجوائز والمراكز الأولى في مجال الفنون التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي. وهو عضو مؤسس في الجمعية السعودية للفنون التشكيليّة (جسفت)، وقد تمّت طباعة عدد من أعماله في مختلف المناهج الدراسية. شخصية فنيّة أصيلة في حديثه عن الفنان الراحل يقول النحات أحمد الدحيم (مدير فرع جسفت وبيت فناني الدوادمي): «الحديث عن أخي خالد الصوينع -رحمه الله- يستدعي مشاعر كثيرة، وذكريات جميلة لشخصية فنيّة أصيلة تجلّى الذوق في أخلاقها النبيلة، وأعمالها التشكيلية الفريدة. فقد كان عضواً مميزاً من أعضاء فرع «جسفت»، وبيت فناني الدوادمي، وفناناً مميزاً شكّل إضافة قوية للفن والجمعية». وعن المعرض يقول: «هذا المعرض جدّد داخلي حنيناً لا ينقطع لصديق كريم، رافقني في كثيرٍ من الأسفار والمشاركات، والمعارض المحلية والدولية، وترك من بعده ذكريات طيبة، وإرثاً فنّياً عظيماً، وجديراً بالاستحضار دائماً. وهذا المعرض ما هو إلا تأكيد وتخليد لإبداعه المختلف، الذي تُعبّر عنه ببراعة أعماله التشكيلية المميزة، في الرسم والخط، وهو إبداع تقرؤه الذائقة الفنية مباشرةً وتقف إنصاتاً لمعانيه، كما أنه معرض فارِق بفكرته، وتنظيمه المميز، الذي جاء امتداداً لتميز شخصية وأعمال الفنان خالد الصوينع -رحمه الله-. خيال وجرأة هكذا يرى الفنان التشكيلي المؤلف أ. عبدالرحمن السليمان الفن التشكيلي الذي نسجه الصوينع -رحمه الله-، فيقول: امتلك الفنان الراحل أدواته الفنية، كما امتلك سعة خيال وجرأة، فكانت أعماله ملفتة في قدرته على المحاكاة، والخروج أحيانًا إلى مناطق فنية خلاف ما كان عليه عدد من زملائه. ويشير إلى أن الصوينع رسم الطبيعة والمكان ببساطة بالبداية، لكنه سرعان ما أجاد صياغتها ومعالجتها الفنية، فقد تحولت استلهاماته للطبيعة والمكان من رسم بسيط إلى تلوين تأثيري، يمنح اللون فيه قيمته التعبيرية مستفيدًا من اللمسة الانطباعية، وتجاور المجموعة اللونية وضربات الفرشاة وتراص البقع اللونية لتمنح تأثيرًا بالمقطع. كذلك كانت الصحراء كما تبدي أعماله اللاحقة مثيرًا أو ملهمًا لتكوين مواضيعه، وبعث إضافاته الخاصة، وهو يؤلف عناصره وفق رؤيته أو تأثير تلك العناصر وعلاقته بها. حيث تظهر في رسوماته كثبان رملية وأشجار ومياه راكدة ونباتات صحراوية، وأعشاش لطيور، وجذور أشجار وحتى وجوه تمتزج بالرمال، مثل تلك العناصر كانت أشبه بمعطيات يبعث من خلالها الفنان أفكاره العامة، أو فكرة لوحته وتوظيف أو استعارة ما كان قريبًا من إبصاراته أو مخزونه البصري، وذاكرته.