في بلدنا الغالي المملكة العربية السعودية، توجد عدة هيئات مسؤولة عن مراقبة وضمان الجودة في مختلف القطاعات، بما في ذلك الصناعة والتعليم والرعاية الصحية والخدمات الحكومية. تضع هذه الهيئات المعايير وتنفذ اللوائح وتعزز التحسين المستمر. هذه الهيئات حيوية لضمان تلبية قطاعات محددة للمعايير الدولية، لكن رؤية المملكة 2030 تدعو إلى بذل جهود أكثر شمولاً وتوحيداً وتزامناً لرفع مكانة بلدنا الغالي عالمية من حيث الأداء. ومن هذه الهيئات الرئيسة في بلدنا، الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة المسؤولة عن وضع معايير الجودة ومراقبة امتثال السلع والخدمات لمعايير الجودة الوطنية والدولية. والهيئة العامة للغذاء والدواء المسؤولة عن ضمان سلامة وفعالية وجودة الأغذية والأدوية والأجهزة الطبية ومستحضرات التجميل في المملكة العربية السعودية. وهيئة التقويم والتعليم العام المسؤولة عن تقويم التعليم الحكومي والاهلي وبناء المعايير التي تضمن جودة التعليم. والهيئة السعودية للتخصصات الصحية المسؤولة عن وضع المعايير المهنية لممارسي الرعاية الصحية والمركز السعودي لاعتماد المؤسسات الصحية المسؤول عن الاعتماد الوطنية للمؤسسات الصحية. والمركز الوطني لقياس الأداء والمسؤولة عن قياس وتحسين أداء مؤسسات القطاع العام. مع استمرار المملكة العربية السعودية في التحول السريع والتميز بمخرجات رؤية المملكة 2030، هناك حاجة ملحة إلى جهاز مركزي يضمن توحيد معايير معينة وتوحيد الجهود عبر القطاعات المختلفة. لن يراقب هذا الجهاز الأداء الخاص بالجودة فحسب، بل سيجمع أيضاً جميع الصناعات والخدمات تحت مظلة واحدة للحفاظ على مستوى ثابت من الجودة ليسهل قيادتها نحو التميز في جميع أنحاء المملكة. إن إنشاء جهاز مركزي إشرافي وتنسيقي له أسباب مهمه في هذه المرحلة وهي: تنسيق الجهود، في حين تلعب الهيئات الخاصة بالقطاعات مثل الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والهيئة العامة للغذاء والدواء والمركز السعودي لاعتماد المنشآت الصحية وأداء أدواراً حاسمة، فإن الجهاز المركزي سيضمن أن جميع المنظمات، سواء في التعليم أو الرعاية الصحية أو الصناعة وغيرها، تتبع مستوى موحد من معايير الجودة. وهذا من شأنه أن يساعد في سد الفجوات بين القطاعات وضمان نهج أكثر تنسيقاً واتساقاً للجودة في جميع أنحاء المملكة. توحيد مستويات الأداء، تعمل القطاعات حالياً وفقاً لمعايير مختلفة للجودة، مما يؤدي إلى اختلافات في الأداء. سيعمل الجهاز المركزي على إنشاء مستوى موحد من المعايير تنطبق على جميع القطاعات. وهذا من شأنه أن يضمن أن تكون الجودة في التعليم على قدم المساواة مع الجودة في الرعاية الصحية والصناعة، وبالتالي دفع الاتساق في الجودة في جميع أنحاء المملكة. القضاء على التكرار، يمكن أن تؤدي الهيئات المتعددة التي تعمل بشكل مستقل لهدف واحد إلى تكرار الجهود والموارد. ومن شأن الكيان التنسيقي المركزي أن يبسط العمليات، ويحسن كفاءة مراقبة معايير الجودة وإنفاذها. سيساعد هذا في توفير الوقت والجهد والموارد مع ضمان الإدارة الفعالة للجودة عبر القطاعات المختلفة. التوافق مع أهداف رؤية 2030، تؤكد رؤية 2030 على القدرة التنافسية العالمية للمملكة العربية السعودية، والتميز في الحوكمة، والتنمية المستدامة. ومن شأن الجهاز أن يسهل مواءمة جميع القطاعات مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية 2030. ومن شأنه أيضاً، أن يوجه المنظمات نحو تحقيق الجودة من خلال التركيز على التحسين المستمر، والابتكار، وخلق القيمة لأصحاب المصلحة، وهي عناصر أساسية للرؤية. تعزيز الابتكار وأفضل الممارسات، لن يعمل الجهاز على توحيد معايير الجودة بل توحيد مستوياتها، وستعزز أيضا الابتكار عبر جميع القطاعات. من خلال وضع معايير الابتكار، فإنه سيشجع القطاعات على متابعة الحلول المتطورة التي تدفع الأداء إلى ما هو أبعد من مجرد الامتثال. كما سيضمن مشاركة أفضل الممارسات مما يؤدي إلى نهج أكثر تعاوناً لتحسين الجودة وأدائها. ضمان الاستدامة، مع كون الاستدامة أحد ركائز رؤية 2030، فإن هذا الجهاز سيضمن أن المنظمات لا تلبي أهداف الجودة فحسب، بل إنها تدمج أيضاً أهداف الاستدامة طويلة الأجل في عملياتها. وهذا من شأنه أن يدفع جهود الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية عبر مختلف القطاعات، مما يساعد في استدامة تقدم المملكة. إن الأسباب لإنشاء الجهاز المركزي الإشرافي والتنسيقي التي تم ذكرها يوضح دوره بصورة واضحة والتي تتلخص بالتالي: 1. وضع معايير لتحديد مستوى الجودة يكون موحد، سيكون هذا الجهاز مسؤول عن تطوير وتوحيد مستوى المعايير لضمان الجودة، والتي يمكن تطبيقها عبر القطاعات بالتعاون مع الأجهزة المسؤولة عن ظمان الجودة في كل قطاع. وسوف تضمن هذه المعايير أن تكون متوافقة مع أفضل الممارسات العالمية ومصممة لتتناسب مع تطور السياق الوطني للمملكة العربية السعودية. 2. تنسيق الجهود القطاعية، سيعمل الجهاز بشكل وثيق مع السلطات القطاعية لضمان الجودة لتتوافق معايير الجودة الخاصة بالقطاع مع إطار التميز الوطني. 3. إجراء عمليات تدقيق وتقييم شاملة، سيتم إجراء عمليات تدقيق وتقييم منتظمة عبر القطاعات لضمان تلبية المنظمات لمعايير الجودة والتميز الموحدة باستمرار. سيقدم الجهاز أيضاً ملاحظات وتوجيهات لمساعدة المنظمات المعنية بجودة الأداء على تحسين أدائها باستمرار. 4. التقدير والحوافز، سيعترف الجهاز بالمنظمات التي تظهر أداءً متميزاً وابتكاراً من خلال الجوائز والشهادات الوطنية، وتعزيز ثقافة التميز. 5. بناء القدرات والتدريب، سيكون مسؤول عن تقديم برامج التدريب والموارد لمساعدة هذه المنظمات على فهم وتنفيذ التميز. إن التطور من الجودة إلى التميز يمثل تقدماً طبيعياً في رحلة المنظمة أو الأمة نحو تحقيق مستويات أعلى من الأداء والابتكار وخلق القيمة. وفي حين تهدف الجودة والتميز إلى تحسين النتائج، تركز الجودة عادةً على تلبية المعايير المحددة مسبقاً وضمان الاتساق، في حين يؤكد التميز على التحسين المستمر والابتكار وتجاوز التوقعات. ويعكس هذا التطور تحولاً من التفكير القائم على الامتثال إلى نهج شامل حيث تصبح قيمة أصحاب المصلحة والاستدامة والابتكار هي المحركات الرئيسية للنجاح، بل تدمج المنظمات التي تحركها التميز الابتكار كقيمة أساسية. فهي تشجع الإبداع وتبحث عن طرق جديدة للقيام بالمهام للبقاء في المقدمة في سوق متغيرة باستمرار. أن الوقت قد حان لتكوين جهاز مسؤول عن التميز وصانع له، كخطوة حيوية للمملكة العربية السعودية في سعيها لتحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030 والسعي لتحسين جودة الحياة ودعم التوجه المستقبلي الستراتيجي والتنافسية. لا شك أن رؤية 2030 تهدف إلى وضع المملكة كقائد عالمي في مختلف المجالات، وتعزيز الاقتصاد المتنوع، والخدمات العامة المميزة، والتنمية المستدامة. في العالم يوجد عدة نماذج لسعي لتميز وأهمها نموذج جائزة مالكولم بالدريج الوطنية للجودة (MBNQA) ونموذج مؤسسة إدارة الجودة الأوروبية (EFQM) إطارين لتحقيق التميز التنظيمي، ولكن هناك اختلافات بينهما في النهج والتطبيق. ويوجد نموذج آخر وهو النموذج الياباني ويمثل جائزة ديمنق وهو أقرب ليكون محكم لتميز وليس صانع لها. أما في الدول العربية ففي دولة مصر جائزة مصر للتميز الحكومي وخليجياً فيوجد نموذج جيد في دولة الإمارات العربية وهو برنامج الشيخ خليفة للتميز الحكومي. ودور هذا البرنامج تمكين المحفزات للجهة الحكومية من قيادة التغيير والتحول المستمر بمرونة عالية وتجعل من الابتكار والتجديد كأسلوب عمل دائم يدار بسالسة متناهية دون أي معوقات قد تحول من قدرة الجهة على تقديم القيمة المميزة، كما تضمن المحفزات جاهزية الجهة الحكومية للتغيير والقدرة على التكيف. وفي رآيي أن في مملكتنا الحبيبة لدينا جهاز قائم من 1420 ه، لم يُفعل حتى تاريخه بشكل مميز كتميز رؤية المملكة 2030 ليقوم بدور صانع لتميز في بلدنا الغالي ليحاكي تطور وإنجازات رؤية 2030. ويأسس المزيج الصحيح والفعال لتحفيز الجهات الحكومية وغير الحكومية للتميز في كل الأعمال ضمن منظومة العمل المتكاملة، وتبني المرونة في كل عمل تقوم به، وتتبنى الاستباقية دائماً في كل وقت حاضراً ومستقبلاً. إن جائزة الملك عبد العزيز للجودة تمثل أفضل خيار، خاصةً أنها تحمل أسم غالي على كل مواطن بل على كل مسلم وعربي وهو مؤسس المملكة العربية السعودية المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله وغفر له وجزاه المولى عنا وعن الامة الاسلامية والعربية خير. *قسم الإحصاء وبحوث العمليات – كلية العلوم – جامعة الملك سعود البريد الإلكتروني: [email protected]