تخيل قاعة محكمة حيث لا يتجول المحامي المقابل لك من خلال الملفات الورقية ولكن يستشير لوحة معلومات تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي حللت تحليلها للتو من خلال عشرة آلاف وثيقة قانونية في دقائق، وفقا لتقرير رادار حالة استخدام الذكاء الاصطناعي القانوني لعام 2024، اعتمد ما يقرب من 40 ٪ من الشركات القانونية في ألمانيا بالفعل الذكاء الاصطناعي لأتمتة الوثائق ويستخدمه 32 ٪ منها لتحليل العقود. لم يعد الذكاء الاصطناعي أداة مستقبلية إنها قوة حالية، تحول كل شيء من البحوث القانونية إلى مراقبة الامتثال، مما يوفر للشركات في المتوسط 30 ٪ من تكاليف الوقت المهدر على المهام المتكررة. على مدى عقود، اعتمدت مهنة المحاماة كثيرا على الأعمال اليدوية من الصياغة والمراجعة والبحث. الآن، يسرع الذكاء الاصطناعي من أتمتة هذه العمليات. تشير التقارير إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي تعزز بالفعل أتمتة الوثائق وتحليل العقود، حيث تسمح هذه الأدوات للمحامين تبسيط المهام المتكررة، مما يحرر الوقت للعمل ذي القيمة الأعلى، مثل الاستراتيجية إدارة العلاقة مع العملاء. لنأخذ على سبيل المثال تحليل العقود. يمكن لمنصات الذكاء الاصطناعي الآن مسح ومقارنة العقود بسرعة ودقة فائقة، مما يضمن أن البنود تلبي المعايير التنظيمية والإبلاغ عن المخاطر التي يمكن أن تفوت على المراجعين بسهولة. هذه التطورات هي جزء من اتجاه أوسع، مع تزايد مهارة الذكاء الاصطناعي في التعامل مع البيانات النصية، فإن دوره في مراقبة الامتثال يتوسع أيضا، في الصناعات الخاضعة للوائح المعقدة، يستخدم الذكاء الاصطناعي لضمان الالتزام بالقوانين واللوائح المتطورة آنيا. رغم الإنجازات التي ذكرت، لا يخلو الذكاء الاصطناعي من مزالقه. أحد المخاوف الرئيسة التي سلط الضوء عليها تقرير رادار حالة استخدام الذكاء الاصطناعي القانوني 2024 هو التداعيات الأخلاقية والقانونية للاعتماد الكبير على هذه التقنيات. قرارات الذكاء الاصطناعي ليست شفافة دائما، ويزيد القلق بسبب مشكلة "الصندوق الأسود"، حيث إن مطوري الذكاء الاصطناعي أحيانا يجدون أنفسهم عاجزين عن شرح الطريقة التي يتوصل بها لاستنتاجاته. هذا التعتيم مقلق خصوصا في السياقات القانونية. في قاعة المحكمة، يجب أن تكون القرارات التي تؤثر على حياة الأفراد مفهومة ومبررة، إذا قدمت أداة الذكاء الاصطناعي توصية قانونية، فيجب أن يكون المحامون والقضاة قادرين على التدقيق في المنطق وراءها، بدون هذه الشفافية، هناك خطر من أن الأخطاء في تفكير الذكاء الاصطناعي يمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد، مع عواقب وخيمة على الجميع. يعد تقرير رادار حالة استخدام الذكاء الاصطناعي القانوني لعام 2024 موردا مهما لتسليطه الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي في القانون محذرا من التبني الأعمى، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي، على القطاع القانوني التقدم في تطبيقاته بحذر. بذلك، يمكن تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي مع الحفاظ على أسس العدالة ثابتة.