نحلّق هذه الأيام في آفاق ذكرى عزيزة علينا، هي ذكرى اليوم الوطني ال94 الذي نحتفي فيه بالتطور والازدهار، بعد أن عزمتْ العقولُ على الارتقاء، والسواعدُ على البناء، والأبناءُ على الولاء، في ظل قيادة مضت في دعم مسيرة الإنجاز والعطاء. إنه يوم تضاف فيه كل عام صفحة مشرقة الى سجل حافل بالإنجازات، نستذكر معها تلكم الملاحم والبطولات التي دوَّنها التاريخ في صفحات المجد والتي تروي قصص توحيد هذا الكيان العظيم على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، ونتعايش بفخر مع رحلة التحول التي مرَّت بها بلادنا وصولاً إلى هذا العهد الزاهر للملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهم الله، الذي قدمت فيه بلادنا تجربة تنموية لامست مختلف النواحي، واستندت فيها على قيم إنسانية وحضارية غرست روح الانتماء، واستنهضت مشاعر الولاء في نفوس جميع المواطنين، وتعزَّزت معها مكانة بلادنا عربياً وإسلامياً وعالمياً. هذه التجربة الحضارية لرحلة التحول التنموية في بلادنا بكل تفاصيلها المذهلة استمدت قوتها من القيم الكبرى التي حدَّدت أبعادَها مكانة بلادنا الدينية وعمقُها العربي والإسلامي، وموقعُها الجغرافي، وثراؤها الاقتصادي، وهي مرتكزات قوية قامت عليها رؤية المملكة التنموية 2030 التي رسمت خارطة الطريق لمشروع بلادنا النهضوي، واضعة الإنسان (أولاً) في معادلتها، لينطلق معها قطار التحول الوطني بخطى ثابتة نحو بناء القدرات والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف الوطنية الكبرى من خلال أحد عشر برنامجاً، لامست مختلف تفاصيل التنمية. وقد حظي القطاع البيئي بعناية خاصة واحتل ركناً بارزاً في مستهدفات الرؤية التنموية، بهدف تعظيم أثره في دفع عجلة النمو والازدهار، فقدمت منظومة هذا القطاع مبادرات نوعية انطلقت من رؤية المملكة ومبادرة السعودية الخضراء والاستراتيجية الوطنية للبيئة، جسدت من خلالها جهود المملكة الإقليمية والعالمية في مجال الحفاظ على البيئة ومواجهة تحدياتها وصون مواردها وتعزيز استدامتها من خلال بناء مستقبل أخضر مستدام، عبر إيجاد التوازن بين تحقيق التنمية والمحافظة على الموارد الطبيعية. وقد برزت جهود المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية من خلال منظومة أهدافه النوعية المنطلقة من رؤيته الريادية في تحقيق: "حياة فطرية وتنوع أحيائي ونظم بيئية مزدهرة ومستدامة"، فقدّم المركز الذي يعتبر مظلة وطنية لقطاع الحياة الفطرية بالمملكة العديد من المبادرات النوعية لاستعادة الأنظمة البيئية وإثراء التنوع الأحيائي وصولاً الى تحقيق التوازن البيئي المستدام، من خلال مبادراته الرئيسة الثلاث المتمثلة في: التوسع والإدارة المتكاملة للمناطق المحمية، وإكثار وإعادة توطين الكائنات المهددة بالانقراض، وتقييم البيئات البحرية والساحلية وإعادة تأهيل المتضرر منها، إضافة إلى جهود المركز في تحقيق القيمة الاقتصادية للتنمية البيئية وتعظيم أثرها في تحقيق جودة الحياة من خلال تطوير السياحة البيئية في ظل ما تتمتع به بيئات المملكة من مقومات طبيعية وميزات تنافسية تساهم في تعزيز الجذب السياحي. لقد جاء شعار (نحلم ونحقق) في هوية اليوم الوطني هذا العام ليكون أيقونة لمسيرة بلادنا نحو الغد المشرق، الذي نتطلع من خلاله إلى أن تكون مملكتنا قبلة للعالم أجمع في شتى المجالات.