خلال فترة الابتعاث في بريطانيا، ومع قرب نهاية العام الدراسي الأول، اتفقت مع مجموعة من الطلبة على الاجتماع في الجامعة، وتنظيم مناقشة تجريبية. بحيث يقوم كل طالب بعرض مشروعه البحثي، ويتولى بقية الزملاء توجيه الأسئلة كما في المناقشة الحقيقة. وذلك من باب التدرّب والاستعداد للامتحان الرسمي والذي تقوم به لجنة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة. وفي اليوم المتّفق، صدف أن أمطرت السماء عند خروجي من المنزل، فاستقليت الحافلة، التي أوصلتني إلى موقف قريب من مدخل الجامعة، وتوجب أن أقطع المسافة المتبقية مشيا. لكن من حيث لا أدري جاءت سيارة مسرعة، وقامت برش المياه من الأرض على ملابسي وأوراقي. ولك أن تتخيل الفوضى في مظهري عند لقائي مع زملائي بعدها، والذين قدمت لهم اعتذاري عن المشاركة. الغرض من هذه القصة إبراز أهمية الاستعداد الجيّد للأمور المهمة في حياتنا، ولا أفضل من التدرب بشكل عملي. فلاعب الكرة مثلاً لن يستعد بمعرفة الخطة بشكل نظري فحسب، بل يجب عليه تطبيقها في الملعب مع زملائه أثناء التمارين حتى يتقنها. فائدة أخرى للاستعداد العملي، وهي كشف أمور قد نغفل عنها نظريا ولا تظهر إلا بعد التنفيذ. والمشاريع الكبرى قبل إطلاقها رسميا تقوم بافتتاح أو إطلاق تجريبي Soft Launch للوقوف على مشكلات التشغيل التي لم تكن في الحسبان أثناء التخطيط. وبذلك يتم التعامل معها وحلها قبل الافتتاح الرسمي. ومن أمثلة هذه المشاريع إطلاق طراز جديد من السيارات، أو نشر تحديث جديد لإحدى تطبيقات الهواتف الذكية. بالنسبة لي، فربما لم استفد من مناقشة زملائي لمشروعي البحثي، لكني أيقنت مما حصل ضرورة أخذ سيارة أجرة خاصة توصلني مباشرة إلى مقر الامتحان أو الاجتماع المهم. إذ غدا ذلك أهم ما تعلمته من الاستعداد "لمناقشة في يوم ممطر".