في خطوة مثيرة للاهتمام، أعلنت الحكومة الأسترالية عن قانون جديد يهدف إلى منع المراهقين من الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك في إطار جهودها لحماية الشباب من المخاطر المتزايدة التي قد تسببها هذه المنصات. يعتبر هذا القانون جزءا من استراتيجية أوسع لتحقيق التوازن بين استخدام التقنية والحفاظ على صحة الأطفال النفسية والاجتماعية، الهدف الرئيس من هذا القانون هو تشجيع الأطفال على قضاء المزيد من الوقت في الملاعب والأنشطة البدنية بديلا عن الانغماس في شاشات الأجهزة. إن قضاء الوقت في الهواء الطلق والمشاركة في الألعاب الرياضية يعزز من صحتهم الجسدية والنفسية، ويعطيهم الفرصة لخوض تجارب حقيقية مع أناس حقيقيين، مما يعزز من مهاراتهم الاجتماعية. عندما نرى الأطفال يتفاعلون مع بعضهم البعض في بيئات طبيعية، نلاحظ كيف تتشكل العلاقات الإنسانية القوية، وكيف يتعلمون مهارات التعاون والعمل الجماعي. هذه التجارب لا يمكن أن تعوضها التفاعلات الافتراضية التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي، والتي غالبا ما تكون مليئة بالتحديات السلبية مثل التنمر الإلكتروني، والضغط الاجتماعي، والمقارنة المستمرة مع الآخرين فضلا عن بعض السلوكيات غير الأخلاقية المحتملة. دائما ما تتم الإشارة إلى وسائل التواصل الاجتماعي على أنها "آفة" للأطفال، وهذا ليس نابعاً من فراغ فالدراسات تُظهر أن الاستخدام المفرط لهذه المنصات يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية مثل القلق والاكتئاب، بالإضافة إلى تأثيرات سلبية على التركيز والأداء الدراسي. لذلك، فإن اتخاذ خطوات للحد من وصول المراهقين إلى هذه المنصات هو وسيلة لحماية صحتهم النفسية وتعزيز جودة حياتهم. إن مثل هذا القانون يمثل دعوة للتفكير في كيفية استخدام التقنية بشكل مسؤول. بديلا من السماح للأطفال بالغرق في عالم افتراضي قد يكون ضارا، نحن بحاجة إلى توجيههم نحو تجارب إيجابية تعزز من تطورهم الشخصي والاجتماعي. نحتاج إلى مجتمع يدعم الأطفال في خوض تجارب حقيقية، حيث يمكنهم التعلم والنمو في بيئة آمنة ومشجعة. يمكن للمجتمعات الأخرى تبنى فكرة حماية الأطفال من مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي من خلال وضع قوانين واضحة تلزم منصات التواصل الاجتماعي بتطبيق آليات تحقق من سن المستخدمين لضمان عدم وصول المراهقين إلى المحتوى الضار ووضع معايير أمان أعلى، مما يجعل المنصات أكثر أمانا للأطفال ولأسرهم. كما يمكن تعزيز الوعي العام حول المخاطر المرتبطة بالاستخدام المفرط لهذه المنصات من خلال حملات توعوية تستهدف الأسر والمدارس لتعليم الأطفال كيفية استخدام التقنية بشكل مسؤول. من المهم أيضا تشجيع النقاشات المجتمعية حول الاستخدام الصحي للتكنولوجيا، مما يساعد على بناء ثقافة واعية حول كيفية تحقيق التوازن بين الفوائد والمخاطر. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن للمجتمعات أن تخلق بيئة أكثر أمانا وصحة للأطفال، ما يساعدهم على النمو والتطور بشكل إيجابي في عالم مليء بالتحديات. فهد الأحمري