إن التحول إلى جامعة معروفة بالقيادة العالمية أو الريادة العالمية يتطلب اتباع نهج استراتيجي يدمج وجهات النظر العالمية في كل جانب من جوانب المؤسسة التعليمية. وهذا ماتسعى اليه بعض الجامعات القيادية بالمملكة العربية السعودية، ويتضح ذلك جلياً من الرؤية التي قررتها هذه الجامعات. والسؤال هل بمجرد كتابت ذلك في رسالة أورؤية الجامعة يعني أمكانية تحقيقها! مؤكد لا شئ مستحيل لتحقيق الطموحات، ولكن التزام الجامعة بتعزيز نظرتها للقيادة العالمية يتطلب الكثير وأهمها موائمة جميع السياسات والبرامج والمبادرات لرؤية المنشودة. والجميع يعلم لن يتحقق ذلك بدون خطة أستراتيجية محكمة، ولنا في رؤية المملكة 2030 خير دليل. إن الأستشهاد برؤية المملكة 2030 مهم جدا في تصور مستقبل الجامعات، فأين كنا وأين نحن الأن، فنجد المملكة في مؤشرات عالمية كانت متأخرة جداً في السابق وألان في مصاف السابقون بل رياديون في بعض المؤشرات مثل مؤشر الأمن السيبراني حيث أشار التقرير السنوي للتنافسية العالمية لعام 2024 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بأن المملكة العربية السعودية تحتل المركز الأول عالمياً. جاء في دليل التخطيط الاستراتيجي في مؤسسات التعليم العالي الذي أعده مركز التطوير والريادة المؤسسية بجامعة نيوجرسي أن مستقبل مؤسسة التعليم العالي مرهون بالتخطيط الاستراتيجي، حيث يقدم منهجية مؤكدة تولد التفكير الاستراتيجي الذي يوجه المؤسسة في الاتجاه الابتكاري. وهناك ربط بين التقييم والتخطيط الاستراتيجي حيث يقود هذا الترابط إلى التغيير ويخلق ثقافة مؤسسية قائمة على التقييم المستمر والتحسين والتجديد. إن من أعمدة التخطيط الناجح لتحقيق هدف الريادة المؤسسية يكمن في إدارة التغيير ونستشهد بذلك في برنامج التحول الوطني، الذي أنطلق في عام 2016، حيث مثل هذا البرنامج نقطة إنطلاق الخطة التنفيذية لرؤية المملكة 2030. إن التوعية بالتغيير برنامج أساسي لنجاح أي خطة أستراتيجية طموحة، وذلك لتحقيق ثقافة التغيير المنشود والتي تضمن بأذن الله أن المؤسسة التعليميه بطاقمها الكامل تعمل لتحقيق هذا الطموح في جعل الرؤية واقع ملموس. الأتصال، الوعي بالتغيير وفهم التغيير عناصر ثلاث يجب تحقيقها في توعية التغيير. ثم يلي ذلك التوجه لتغيير والذي يجب فيه تحقيق الأنطباع الإجابي لهذا التغيير، للأستعداد لتنفيذ هذا التغيير الطموح لريادة. ولكي نتمكن من النجاح في إدارة التغيير، يجب الإلتزام في المؤسسة التعليمية الطموحة بالتغيير لتحقيق الريادة. وذلك بالتركيز على التبني ومأسسة التغيير وأخيراً وليس أخراً العولمة حيث أن تحقيق الأهداف سيكون في عالم معولم ويحتاج قيادة عالمية. في هذه المقالة لم نتكلم عن التخطيط الأستراتيجي الذي يحقق الريادة التي يطمح لها جامعات النخبة في بلدنا الغالي، بل تكلمنا عن ماأراه يمثل أهم عامل في التخطيط لريادة العالمية وهو إدارة التغيير. لتكتمل المقالة يجب أن نتطرق إلى إدراة التغير في ماذا؟ نعلم جميعاً أن جامعات النخبة تعتمد في نتاجها على ثلاث قواعد هي: البرامج الأكاديمية، البحث العلمي وخدمة المجتمع. أن التغير المستهدف في المناهج والبرامج الأكاديمية يشمل دمج وجهات النظر العالمية والقضايا العالمية ووجهات النظر عبر الثقافات في المناهج الدراسية في جميع التخصصات. ويمكن أن يشمل ذلك دورات في العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي والاتصال المتعدد الثقافات. وتقديم برامج متعددة التخصصات ويمكن تطوير برامج تمزج بين مجالات الدراسة المختلفة، مثل الصحة العالمية، أوالأعمال التجارية الدولية، أوالاستدامة البيئية، لإعداد الطلاب للتحديات العالمية المعقدة. وفي مجال البحث العلمي يجب ربط البحث والابتكار مع التأثير العالمي والتركيز على التحديات العالمية ويمكن ذلك في إعطاء الأولوية للبحوث التي تعالج القضايا العالمية الملحة مثل تغير المناخ والصحة العامة وعدم المساواة الاجتماعية. تشجيع البحث متعدد التخصصات الذي يجمع الخبراء من مجالات مختلفة لمعالجة هذه المشاكل المعقدة. ومن المهم تعزيز الابتكار وريادة الأعمال بواسطة إنشاء حاضنات ومراكز ابتكار تدعم الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في تطوير حلول للمشاكل العالمية. تشجيع التعاون مع الشركاء الدوليين لتوسيع نطاق الابتكارات عالمياً. وأفضل ماقيل في ذلك نحتاج حقن الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بفايرس أسمه الابتكار. إن الالتزام بالقيادة الأخلاقية والمسؤولية الاجتماعية أمر في غاية الأهمية، التركيز على تعزيز القيادة الأخلاقية في غرس قيم النزاهة والمساءلة والمسؤولية الاجتماعية في الطلاب. وتشجيعهم على النظر في التأثير الأوسع لقراراتهم على نطاق عالمي. دعم مبادرات التأثير الاجتماعي عن طريق تيسير المشاريع والشراكات التي تساهم في الصالح الاجتماعي العالمي، مثل تنمية المجتمع، والدعوة لحقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة. وأخير، يجب أن لا ننسى أمور ذات علاقة وجامعات النخبة تركز عليها في توجهها الى الريادة مثل القيادة الاستراتيجية والحوكمة، الصحة المالية القوية، الشراكات والتعاون الدولي، التعلم المستمر، بيئة الحرم الجامعي المتنوعة والشاملة، بيئة تعليمية تركز على الطالب، والاستدامة والقدرة على التكيف ومبادرات أخرى كثيرة تؤكد ريادة جامعات النخبة. *قسم الإحصاء وبحوث العمليات – كلية العلوم – جامعة الملك سعود البريد الإلكتروني: [email protected]