جاء في حديث لنبينا عليه الصلاة والسلام حديث: «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟»، وقال: «اتقوا النار ولو بشق تمرة»، وفي البداية إن مالك هو ما تملكه أنت ولا يحق لغيرك التصرف به ما دمت في قواك العقلية، ومال وارثك هو ما سيملكه أي من ورثتك بعد وفاتك من مالك الذي تركته، وقد أجاب على سؤال الرسول من كان حاضراً بقولهم قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه، وثم أكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "فإنّ مالَه ما قَدم، ومالَ وارثه ما أخَّر" يعني كما في الحديث الآخر "يقول ابن آدم: مالي، مالي، وليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأبقيت" وهذا هو مالك الذي صرفته بأحد تلك الاتجاهات الثلاثة، وما بقي بعد ذلك هو مال الورثة فهذا المال الذي جمعته أو زاد عن حاجاتك في الدنيا والآخرة وصار بعد وفاتك للورثة وقد يأتي أحد هؤلاء الورثة ويتصدق منه فيؤجر ولا تؤجر أنت، قد يدخل الجنة بهذا المال يبذله هنا وهنا في أعمال خيرية وما تعب فيه ويرتفع أعلى الدرجات في الجنة وأنت كنت ممسكاً لهذا المال كحارس أمين عليه ثم بعد ذلك يُفضي إلى غيرك فيتصرفون به، إن خيراً فالحمد لله وإن شراً فالأمر إلى الله، من هنا يتأكد أن ليس لنا من أموالنا إلا ما كان في هذه الوجوه الثلاثة والباقي نحن حراس له سيملكه من يرثنا، وفي حديث آخر قال رسول الله: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" بمعنى قدِّم ولو كان شيئاً يسيراً كشق أو جزء من التمرة، والمقصود أن تجعل بينك وبين النار وقاية بالبذل والعطاء والإنفاق والإحسان ولو كان ذلك قليلاً، فكيف بما هو أعظم من شق التمرة، كأن تقدم كسوة عيد لأيتام أو تدفع أجرة لمنزل فقير أو تسدد عنه ديناً كان عاجزاً عن سداده لقلة اليد، واليوم كما نرى هناك ممن هم بين ظهرانينا أو ممن لا يسألون الناس إلحافاً، ومن فضل الله نرى اليوم أن السؤال في المساجد وعلى أبواب التجار قلة، وإن التعفف موجود وأرى أن هناك من بهم الخير وقد تعودوا على التصدق سواء سراً أو جهراً ولكنهم غافلون بسبب انحسار وجود السائل، وأئمة المساجد ومؤذنوها قد يعرفون المحتاجين ممن يصلّون معهم، ولذا أقول يا أخي الكريم لا تحرم نفسك من الأجر ابحث عنه وأشعر إمامك أو مؤذنك عما إذا يعرف محتاجاً قبل أن يأتي يوم لا تجد من يأخذ الصدقة. وفقني الله وإياكم لطرق الخير، ونفعنا بأموالنا في الدنيا والآخرة، والحمد لله رب العالمين.