خرج محمد أبو القمصان من منزله في دير البلح في قطاع غزة لاستخراج شهادتي ميلاد لتوأميه المولودين السبت وعاد لتوديعهما في ثلاجة الموتى التي نقلا اليها مع والدتهما وجدتهما بعد قصف طال المنزل وقتلهم جميعا. ويقول أبو القمصان لوكالة فرانس برس "كنت ذاهبا لاستخراج شهادتي الميلاد. ولدا في 10 (آب) أغسطس 2024". ويضيف أبو القمصان من خيمة أوى اليها في منطقة المواصي "كانت شهادتا الميلاد في يدي، كانت زوجتي تريد أن تسميهما آسر (الصبي) وآيسل (البنت)، وكنت عائدا لأريها الوثيقتين". ويتابع وهو يحاول حبس دموعه "لكن قيل لي إنها في ثلاجة الموتى". وبحسب الأب المكلوم الذي تلقّى الخبر أثناء تواجده في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح "استُهدفوا في شقة في منطقة آمنة بتاريخ 13 (آب) أغسطس بعد ثلاثة أيام من ولادة الطفلين". وطالت غارة إسرائيلية الشقة التي كان يسكنها مع عائلته في الطابق الخامس من مبنى في دير البلح، وقد تحوّلت الى كومة من الركام. * "أحبّ الأطفال كثيرا" - ويقول أبو القمصان الذي انتشرت مقاطع فيديو وثّقت قصته بعد تلقيه نبأ مقتل توأمه وزوجته بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي "لم أتمكن من رؤية الجثث". وينظر بحزن وهو جالس أمام خيمته الزرقاء، الى شهادتي الميلاد وملابس التوأمين التي نجت من القصف والى كيس حفاضات. ويقول وهو يحمل ملابس زهرية، "هذه كانت لآيسل"، قبل أن يضع شهادتي الميلاد فوق ملابس أخرى صفراء زُيّنت بالأقحوان الأبيض. تزوّج أبو القمصان بجمانة عرفة في 20 تموز/يوليو 2023. ويقول "أحبّ الأطفال كثيرا". على حسابها على منصة "فيسبوك"، كانت جمانة عرفة في العاشر من آب/أغسطس، تردّ على التهاني التي انهالت عليها بولادة التوأم. وبينها تعليق من هالة جودة التي كتبت "الحمدلله على سلامتك ومبارك التوينز". أما جوانا ميرس فكتبت بالإنكليزية مهنئة "مبروك التوأم، لك ولزوجك، فليباركم الله". وإلى جانب زوجته وطفليه، قتلت في الغارة أيضا والدة عرفة. وكانت جمانة عرفة طبيبة لم تتوقف خلال حملها عن العمل، وفق ما يقول زوجها. ويضيف إنه كان يخشى عليها من التعرّض "لنزيف خلال فترة الحمل بسبب النزوح من مكان إلى مكان، لقد تعِبت كثيرا". لكنها "دكتورة، تخدم الناس والمرضى وتداويهم، كانت تذهب لخدمة الناس والمرضى، وتقدم استشارات". "كانت تساعد الناس" ويشرح أبو القمصان كيف كانت تقول له إنها تساعد الناس "كي يحمي الله لها ولديها". ويتساءل "أريد أن اعرف لماذا قُتلوا بهذا الشكل، لماذا تمّ استهداف البيت؟". ويضيف "البيت في منطقة آمنة، لا يوجد أي عمل عسكري أو لتنظيمات... ولم يحصل أي إنذار بعملية القصف". ويتابع بينما تقاطعه اتصالات تعزية "لا أنا ولا أحد له علاقة بالعمل العسكري، نحن مدنيون". واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم نفّذته حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، معظمهم من المدنيين، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وأسفرت الغارات والقصف والهجمات الإسرائيلية الانتقامية في غزة عن مقتل 39965 شخصا على الأقل، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس. وقتلت عائلات بكاملها. وبحسب أبو القمصان الذي يقول إنه فقد العديد من أفراد عائلته وأصدقائه "نُقلت والدتي وإخوتي للعلاج في مصر، لم يعد لديّ سوى شقيقتي في غزة". وينظر مجددا الى شهادتي الميلاد "في اليوم نفسه الذي استخرجت فيه هاتين الشهادتين، عدت وتقدمت بطلب للحصول على شهادات الوفاة".