ناقشت أستاذة الفلسفة والنقد والأدب العربي الدكتورة رانية العرضاوي، تأثير الذكاء الاصطناعي في الأدب والنقد، وما تقدمه هذه التقنية من فرص واعدة تساهم في تعزيز الابتكار والإبداع بمجالي الأدب والنقد، وذلك في ندوة بعنوان "مستقبل الدراسات الأدبية والنقدية في ظل تطبيقات الذكاء الاصطناعي"، ضمن فعاليات البرنامج الثقافي لمعرض المدينةالمنورة للكتاب 2024، والتي أدارتها الدكتورة فوزية الفهدية، الأستاذة المتعاونة مع قسم اللغة العربية في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان. وأشارت العرضاوي في حديثها، إلى أنه على الرغم من مساهمة برامج الذكاء الاصطناعي وفوائدها الكبيرة في تحسين الكتابة النقدية، إلا أنه من الممكن أن تصبح عامل تأخر إبداعيا، وقالت: "إن ما يطرحه معرض المدينةالمنورة للكتاب في نسخته الثالثة، من موضوع اليوم هو شاغلٌ عام للأدباء والباحثين، وشاغلٌ شخصي لدي، حيث كنت من أشد المعارضين لاستخدام هذه البرامج، واعتبرتها في مرحلة ما الساحق للابتكار والإبداع، والسالب للهوية البشرية. واليوم، أعتبرها من أهم التطورات الحديثة التي تساهم في خدمة الإنسان". وتابعت الدكتورة حديثها عن واقعية تلك البرامج وتغلغلها في طبيعة البشر اليومية ووصولها حتى إلى أدق التفاصيل بقولها: "إن الذكاء الاصطناعي أصبح واقعًا لا مفر منه، ولكن في ظل تلك الواقعية المفروضة يجب أن نسأل أنفسنا سؤالًا مهمًّا ماذا نريد تحديدًا من تطبيقات هذه التقنيات الذكية؟ وهل نريد منها القيام بكافة مهامنا كالتفكير والكتابة وغيرها؟". وشددت العرضاوي على خطورة توّلد تسميات جديدة، ومدى تقبلنا لتلك التسميات، والتدخلات الذكية في حياتنا، وخصوصًا في إنتاج الأدب الذكي المنسوب إلى الآلة، وتساءلت هل قبولنا للأدب الذكي يجعل من قبولنا للنقد الذكي أسهل، ويكون بوابة لظهور الفلسفة الذكية. وعن ماهية الإنتاج الذكي قالت العرضاوي: "الذكاء بشكله الحالي هو مُحاكٍ بحت للمدخلات المُقدمة، فلو كانت جميع المدخلات هي تحيزات عرقية، أو أخلاقية على سبيل المثال، فستكون كل الخوارزميات للمخرجات طبقًا لما تم إدخاله من معلومات، ففكرة الحصول على المحتوى الأدبي من برامج الذكاء الاصطناعي هي ما يجب أن تكون تحت المراجعة، فالآلة تحمل أيديولوجيا مُدخل تلك المدخلات، وهو ما سيطرح السؤال التالي: هل يحظى من يستعين بالذكاء الاصطناعي فكرةً أو تحريرًا بالحفاوة الخالصة التي يحظى بها المؤلف البشري؟". وعادت العرضاوي لتقول: "إن البشرية ستعاني من اضمحلال الخيال والأفكار، خصوصًا لدى الكاتب في ظل ما تقوم به تلك البرامج"، مؤكدةً بأن تسليمنا الكامل للآلة سُيفقد البشرية استخدام عقولها والخروج بإنتاجية مستمرة، واضعة أجهزة الجوال مثالًا لفقدّنا الحسّ البصري. واختتمت الدكتورة رانية العرضاوي حديثها باستعراض التحديات التي تواجه برامج الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الأدبي العربي، وأوضحت صعوبة اللغة العربية في تراكيبها على تلك البرامج لما تحتويه من بيانات ضخمة من التراكيب النحوية والصرفية مثل: الكناية والاستعارة والطباق وغيرها، وهو ما يجعل بعض مخرجات استخدام مثل هذه البرامج في وقتنا الحاضر تتسم بالضعف في التراكيب اللغوية والمصداقية.