هناك جهود تُحسب لحكومتنا بقيادة ولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان في إعادة ترتيب "البيت الاقتصادي السعودي"، وفق الصناعات المتقدمة، بما يضمن لبلادنا موطئ قدم بين الدول الصناعية المتقدمة، ولا نزعم أن الطريق إلى ذلك مفروش بالورود، بل سنواجه بالتأكيد تحديات، إلا أننا قادرون - بمشيئة الله - على تجاوزها بعقلية التطوير والبحث عن اكتشاف الفرص التي تزيد من متانة اقتصادنا الوطني.. علينا أن ندرك أن المملكة العربية السعودية، بدأت منذ أكثر من 8 سنوات، وتحديدًا من إطلاق رؤيتها 2030 في أبريل 2016 ببرامجها التنفيذية المختلفة، إعادة هيكلة اقتصادها الوطني، بما ينعكس على قدراتها وإمكاناتها المتعددة في القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتنطلق في هذه المسألة من خلال المتغيرات العالمية، لتحقيق قدراتها التوطينية الصناعية، كتمهيد لدخول الأسواق الصناعية المتقدمة بل ومنافستها. من تصريحات المسؤولين السعوديين، التي يجب الوقوف عندها والبحث في تداعياتها ما أعلن عنه وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، وإعلانه أن المملكة العربية السعودية، تبحث عن طرق لاستيراد الليثيوم ولاستثمار في صناعته بجمهورية بتشيلي ومعالجته محلياً، من خلال شركة منارة للاستثمار المعدني، وهي مشروع مشترك بين شركة التعدين العربية السعودية (معادن) وصندوق الاستثمارات العامة السعودي. ربما السؤال البارز الذي وجدته مُتكررًا بين حيثيات التعليقات المنتشرة بين حدود جغرافية منصة إكس (تويتر سابقًا) الافتراضية هنا وهناك، الاستفهام عن أهمية ما ذكره الوزير الخريف بالنسبة لبلادنا، والذي أعيد صياغته بتصرف على النحو الآتي: لماذا تتجه السعودية نحو صناعة الليثيوم؟، كون ذلك يُمثل جوهر المسألة. الإجابة عن التساؤل السابق، ينقلنا إلى مساحة مشتركة لمحاولة فهم العقلية الاقتصادية السعودية المستمرة في التحديث، ولكن قبل ذلك، وللعلم، فإن جمهورية "تشيلي" تُعد ثاني أكبر منتج لمعدن الليثيوم في العالم، وهو المعدن الرئيس المستخدم في تصنيع بطاريات المركبات الكهربائية، وفي هذا تزامن دقيق مع توجه المملكة في السنوات الأخيرة إلى التوسع في تصنيع هذا النوع من المركبات، والتي تمضي فيها بشهادة القاصي والداني بشكل متسارع؛ وذلك نتيجة للشراكات الاستراتيجية التي تم تنفيذها مع كبرى الشركات العالمية، إلى جانب مجهودات صندوق الاستثمارات العامة في هذا الاتجاه. ومن الأمور التي يعيها مجتمعنا الرسمي، هو أن عملية التحول إلى الطاقة النظيفة قد تصبح مستحيلة من دون الليثيوم، الذي يستخدم في تصنيع البطاريات التي تشغل السيارات الكهربائية وتختزن الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر متجددة، خاصة أن بلادنا تطمح إلى تجاوز الطاقة الإنتاجية ل 600 ألف مركبة كهربائية سنوياً بحلول 2035. وفقًا للقراءة الذاتية لنهج الاقتصاد السعودي القائم على التنوع الصناعي بشقيه المدني والعسكري، فإن "معدن الليثيوم"، يُعتبر مادة إستراتيجية في الصناعات النووية والعسكرية والفضائية والتكنولوجية، وصناعة الطائرات، كما يستخدم في صناعة الهواتف المحمولة ورقائق الحواسيب العملاقة وإنتاج الطاقة الشمسية، لكونه يتميز بخفة وزنه وصلابته ومقاومته العالية. وأتذكر قبل ثلاثة أعوام تقريبًا، صدور تقرير عن البنك الدولي، يُشير فيه صراحة إلى ضرورة مضاعفة إنتاج الليثيوم بنحو خمس مرات لتحقيق أهداف القضاء على الانبعاثات العالمية بحلول 2050، ويقع ذلك ضمن أهداف السعودية للمساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية، وهو ما تبلور في مبادرتي "السعودية الخضراء" و"الشرق الأوسط الأخضر"، لذلك لم تصبح الاستخدامات التجارية لليثيوم محصورة فيما ذكر سابقًا، بل إن عملية التحول إلى الطاقة النظيفة قد تصبح مستحيلة من دون هذا المعدن. بالفعل.. هناك جهود تُحسب لحكومتنا بقيادة ولي عهدنا الأمير محمد بن سلمان، في إعادة ترتيب "البيت الاقتصادي السعودي"، وفق الصناعات المتقدمة، بما يضمن لبلادنا موطئ قدم بين الدول الصناعية المتقدمة، ولا نزعم أن الطريق إلى ذلك مفروش بالورود، بل سنواجه بالتأكيد تحديات، إلا أننا قادرون - بمشيئة الله - على تجاوزها بعقلية التطوير والبحث عن اكتشاف الفرص التي تزيد من متانة اقتصادنا الوطني.. دمتم بخير.