ازدادَ مؤخرًا استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من التطبيقات والمهام، بما في ذلك النشر الأكاديمي؛ نتيجةً لتطوّر تقنياته التي قدّمت العديد من المزايا، مثل: الكفاءة والسرعة المحسنة من خلال أتمتة المهام الروتينية المتكررة، مثل: إدخال البيانات، وإدارة المراجع، والتنسيق، ما قلّلَ إلى حدّ كبير من الوقت الذي يقضيه الباحثون في هذه الأنشطة المزعجة أحيانًا. الفحص الأولي للبيانات الضخمة، ومدى تكاملها وملاءمتها، وإجراء تحليلات معقدة تشمل التنبؤ بالاتجاهات وتحليلها التي قد تستغرق وقتًا طويلًا. تحديد المشكلات المحتملة المتعلقة بالسرقة الأدبية، واكتشاف الأخطاء في القواعد النحوية بدقّة أكبر مما هي عليه في عمليات الفحص اليدوي، مع الحفاظ على الاتساق في المصطلحات والأسلوب في المقالات المنشورة. يمكن لأدوات الترجمة التي يدعمها الذكاء الاصطناعي أن تجعل الأبحاث في متناول الجمهور العالمي من خلال ترجمة المقالات إلى لغات متعددة بدقة وكفاءة. ولكن من جانب آخر، لنشر المقالات العلمية باستخدام الذكاء الاصطناعي سلبيات عديدة، أهمها ما يتعلق بالمخاوف الأخلاقية، مثل: إدامة التحيزات القائمة، بل وتفاقمها إذا ما دُرِّبت على البيانات المتحيزة، وتثير هذه القضية مخاوف مرتبطة بالعدالة والنزاهة في مجال البحث. أيضًا يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي في الكتابة وتحليل البيانات إلى طمس حدود التأليف والمساءلة، ومن هذا المنطلق أتساءل إلى مَن يُنسب الفضل، ومَن يتحمل مسؤولية المحتوى الذي ينشئه الذكاء الاصطناعي. هناك أيضًا خطر الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي الذي قد يؤدي إلى التكاسل عن العمل، والاستغناء عن بعض الأدوار. ومن سلبيات الذكاء الاصطناعي أيضًا افتقاره إلى الفهم الدقيق وقدرات التفكير النقدي التي يتمتع بها الباحثون البشريون، وهذا ما قد يؤدي إلى سهو وتفسيرات خاطئة تهدد جودة المقالات المنشورة وموثوقيتها. من جانب آخر، يثير استخدام الذكاء الاصطناعي في معالجة بيانات البحث وتحليلها مخاوف تتعلّق بخصوصية البيانات وأمانها ومدى الالتزام بالمعايير واللوائح الأخلاقية، وأيضًا فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي معرضة للقرصنة وتهديدات الأمن السيبراني الأخرى، ما قد يؤدي إلى اختراق البيانات وإساءة استخدام المعلومات الحساسة. خلاصة القول، مع أنّ استعمال الذكاء الاصطناعي في المقالات المنشورة يوفر مزايا كبيرة، إلا أنها تترافق مع بعض المخاوف والتهديدات، وتحقيق التوازن بين هذه الفوائد وتلك المخاوف يتطلب دراسة متأنية وتنفيذًا مسؤولًا؛ وهذا ما يتطلب بدوره عملًا مشتركًا بين الباحثين وصناع السياسات لضمان تطبيقه في النشر الأكاديمي على وجه يعزز المعرفة مع الحفاظ على أعلى معايير النزاهة والعدالة. *باحث في علوم وهندسة المواد د. بندر عبدالعزيز المنقور*