رافقت الإبلُ الإنسانَ العربي عبر رحلاتٍ تاريخيةٍ امتدت لآلاف السنين، أصبحت من خلالها جزءاً لا يتجزأ من حياته ومجتمعه، لتتجاوز بذلك دورَها كوسيلةِ نقلٍ يقطعون بها شاسع المسافات، ولتكون الصديقَ والرفيق الذي يُعايش بلا كللٍ أو مللٍ ما يُكنّه العربيُّ ابنُ الصحراء من هموم الترحال والبعد عن الوطن، فيُخفّف عنه قسوة الطريق ووحشة المكان. هذا التناغم بينهما جعل الإبل تستجيب لنداء صاحبها حتى على بعد مسافات طويلة،كما تنصاع لتوجيهاته عبر سماعها لما يعرف ب»الحُداء»، وهي الترانيم الموزونة والمسجوعة بإيقاعٍ ذي جرسٍ موسيقي، وتفهم الإبلُ من خلالها الحالةَ المزاجية والنفسية التي يعيشُها صاحبُها لِتُشارِكَهُ الفرحَ والبهجة أو الحزن أو الخوف والهلع. وحتى مع مرور السنوات وتطوُّرِ البلاد ووسائل النقل، إلا أن علاقة الود والفخر والحب والارتباط بين الأجيال الحديثة والإبل لا زالت وطيدة، سواءً في الجزيرة العربية بشكلٍ عام أو في المملكة على وجه الخصوص، لكونها لعبت دوراً مهماً في حياة الأجداد، وكانت وسيلتهم الرئيسية للتنقل والترحال، مُساهِمَةً في بلوغ مقاصدهم وإنجاح تجارتهم، وخِدمتِهم في حِلِّهم وترحالهم، إضافةً لكونها مصدرَ غذاءٍ مهم لا غنى عنه، وهو ما جعل وزارة الثقافة تطلق على عام 2024 مسمى «عام الإبل»، للاحتفاء بمكانتها وقيمتها الثقافية، وتعزيز حضورها المحلي والدولي، عبر أنشطة وفعاليات خاصة، تركز على إبراز القيمة التي تتمتع بها الإبل، وارتباطها الوثيق بالهوية السعودية. وللإبل العديد من المسميات الشعبية التي يطلقها أهل البادية عليها، والمشتقة من اللغة العربية الفصيحة، ومنها «البِل» وهي من الكلمات المحببة لدى ملاكها ومحبيها، وهي لا تدل على عدد معين، و»البوش» وهي الجماعة من الإبل التي تُساق في الرَّواح والغُدُوِّ لِرَعْيِهَا أو سقيها أو بيعها في الأسواق، وأيضا «الجيش» الذي يتضح من اسمها أنها مجموعة كبيرة من الإبل التي يُسار بها غالباً في الليل، وهذا الاسم يعني العسكر أو الجنود سواءً في الماضي أو الحاضر. ومن الأسماء أيضا «الزَّمْل» وهي ذكور الإبل التي تُستخدم سابقاً لحمل الظعائن (النساء)، والمفرد زامل أو زمال، فيما يُطلق لفظُ «الطَّرْش» على المجموعة الكبيرة جداً من الإبل، ومثلُها «القطيع» وجمعها «قُطعان»، أما «المعاويد» فهي الإبل التي تُستخدم لرفع الماء من الآبار العميقة بواسطة الدِّلاء والغروب. المعاويد الإبل التي ترفع الماء الجيش