الناقدة المصرية الدكتورة داليا همام رئيس ومؤسس مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي، شخصية ثقافية بارزة في مصر والعالم العربي وتهتم بالعمل النقدي المسرحي، ولها دور كبير في عالم الطفل وخاصة في المسرح. وترى أن الطفل في الوقت الحالي هو طفل العصر الحديث أصبح أكثر انفتاحا على العالم وتؤكد في حديث مع جريدة «الرياض» أن تطور المشهد الثقافي السعودي في جميع المجالات الإبداعية مسرح وسينما وأدب يؤكد على وجود جيل يري في الثقافة والإبداع قدرة على بناء الإنسان، فبالإنسان المتحضر المثقف تبنى الأمم ومن متابعتي للمشهد الثقافي والإبداعي السعودي أرى أنه ثمة رؤية ورغبة في التطور، والتواصل مع العالم العربي والعالم أجمع. * بداية حدثينا عن مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي القادم وما الجديد؟ * أقيمت الدورة الأولى من المهرجان والتي كانت تحمل اسم «النجم فؤاد المهندس» في الفترة من 20 إلى 23 نوفمبر 2023، وتكونت من مسابقة للمسرح والاستعراض والرسم والإلقاء تتنافس فيها المراحل العمرية المختلفة من طلبة المدارس، وفي الدورة الثانية هذا العام 2024 والتي ستقام في شهر نوفمبر وتتكون من خمسة أيام تنقسم المسابقات إلى: مسابقات مسرح المدارس، ومسابقات مسرح يقدمه الكبار للأطفال، ومسابقات مسرح ذوى الهمم، وتستمر مسابقات الرسم والإلقاء والاستعراض، هذا إلى جوار مسابقة تأليف النصوص المسرحية والقصة القصيرة ومسابقة الرسم ويتم الاستقبال فيها خلال شهر 6 وعلى الإنترنت وهي للطلبة والمعلمين والمعلمات، ومن الجدير بالذكر أن المهرجان تقيمه جمعية الفن والثقافة بتاح بالتعاون مع إدارة الموهوبين والتعلم الذكي مديرية التربية والتعليم بالقاهرة. * الكثير يردد أن ثمّة تقصير في عالم مسرح الطفل من جميع النواحي؟ ما رأيك؟ * يوجد بعض من التقصير ينبع من كون طفل العصر الحديث أصبح أكثر انفتاحا على العالم، وقد ساعدته الأجهزة التكنولوجية على ذلك وأصبحت ألعابه واهتماماته تقنية بالأساس، ومن هنا قد تنقطع قنوات التواصل بين الكبار القائمين على مسرح الطفل، وعالمهم الذى يرى الطفل من منظور طفل الأمس الأكثر هدوءا وانضباطا وبالتالي تصبح الأفكار والقضايا المطروحة مبتعدة بشكل كبير عن طفل أصبح في يده العالم عبر الأجهزة التي يستخدمها بشكل فائق الذكاء يتجاوز بشكل واضح عدد هائل من الكبار المشتغلين على مسرح الطفل. * في رأيك هل ما زال المسرح له تأثيره في المجتمعات العربية؟ * نعم له تأثير فهو البداية دائما للاتجاه إلى الفن، فالطفل في المدرسة يبدأ تواصله مع الفن من خلال المسرح وهو قادر على تشكيل الوعى، فإذا نظرنا الآن إلى الكثير من الشباب في الوطن العربي نجد أن بداية اشتغالهم في الفن هي المسرح، لأنه الفن القادر على صناعة الفنان بحق، أما على المستوى الجماهيري يجب أن يحظى بدعاية ودعم مادى كالفنون الأخرى وينقل عبر الوسيط التليفزيوني ليصل إلى الناس بشكل أوسع، فمهما كانت سعة مكان العرض المسرحي لن تستقبل سوى عدد محدود على مدار أيام العرض ولذلك علينا أن نغطيه إعلاميا بشكل أفضل ونصل به إلى الناس في البيوت. * كيف ترين واقع المسرح العربي اليوم؟ وخاصة مسرح الطفل؟ * واقع المسرح لا يحظى بالدعم والرعاية الواجبة وفنانيه الكبار الذين لم يحالفهم الحظ بأن يعملوا في الوسائط الأخرى من الفن أحوالهم المادية والنفسية غير جيدة لذلك من الواجب على القائمين على الثقافة والمسرح الاهتمام بهذه الشريحة، بجانب تخصيص الدعم الكافي للإنتاج المسرحي الجيد وتحديث إمكانات المسرح ليتواكب مع العصر، كل ذلك ينطبق على مسرح الطفل إلى جوار التأكيد على عناصر الجدة والابتكار والتطور التكنولوجي وطرح قضايا تخص الطفل وإتاحة الفرصة لعدد أكبر من الأطفال في جميع المناطق المختلفة هذا إلى جانب الاهتمام بالمسرح داخل المدارس فمنه يبدأ الوعى. * من خلال مشاهداتك لعروض مسرحية سعودية متفرقة كيف رأيتيها؟ وكيف ترين المسرح في المملكة؟ * أري في العروض محاولات جادة لرصد النفس الإنسانية وتداخلاتها، وطرح القضايا المتنوعة، وأرى أن الشباب له حظ وافر في المساهمة في هذه العروض، والكثير من العروض التي رأيتها تعتمد على العنصر البشرى أكثر من اعتمادها على امتلاء الفراغ المسرحي بالديكور وهذا في رأيي أمر جيد جدا وجدير بالاهتمام. المسرح في المملكة في حراك مستمر وهو ما ينتج عنه جيل من الشباب قادر على تقديم مسرح بشكل جيد واستمرار التجديد في جميع عناصره الكتابة والإخراج والتمثيل وجميع العناصر الأخرى، يصنع نوعا من الثراء. * تشهد المملكة تطوراً في كل المجالات ومنها الجانب الثقافي والمسرحي. كيف وجدتِ هذا التطور؟ * التطور والتغيير سمة الحياة وهو أمر محمود، وأي تطور في الثقافة والمسرح بالضرورة سيعود على المملكة ذاتها بعقول مفكرة وقادرة على الإبداع والتفرد. وتطور المشهد الثقافي السعودي في جميع المجالات الإبداعية مسرح وسينما وأدب يؤكد على وجود جيل يرى في الثقافة والإبداع قدرة على بناء الإنسان، وبالإنسان المتحضر المثقف تبنى الأمم ومن متابعتي للمشهد الثقافي والإبداعي السعودي أرى أنه ثمة رؤية ورغبة في التطور، والتواصل مع العالم العربي والعالم أجمع، وذلك التواصل من شأنه أن يفيد الحالة الثقافية بشكل عام في السعودية وفي الوطن العربي، بوصف العالم العربي كل متكامل، ومن اللافت للنظر تطور السعودية ورؤيتها التي تحتفي وتحترم رموز الثقافة والفنون الحاضرين، وتقدّر رموز الفن والإبداع والثقافة الراحلين على اختلاف بلادهم العربية، كل التقدير للجهد المبذول في الفن والإبداع والثقافة من قبل المملكة العربية السعودية، ونتمنى التوفيق للقائمين على الثقافة والإبداع والفن في السعودية. * هناك مسرحيون من المملكة في لجنة التحكيم؟ كيف ترين ذلك؟ * أقدر تماما وجود مسرحيين من الجانب السعودي في لجان التحكيم ونحن الآن نعمل على مسابقات التأليف، ويسعدني جدا وجود الكاتب والمفكر الكبير فهد ردة الحارثي ضمن لجنة تحكيم النصوص، فهو إضافة كبيرة جدا للمسابقة وللمهرجان عموما، وأمتن لعمله الجاد واهتمامه البالغ بالتفاصيل وأرائه الوازنة. * يقال هناك هبوط في مستوى العروض المسرحية العربية ما رأيك وما السبب؟ * عن أي عروض نتحدث إذا تحدثنا عن العروض التجارية الكثير منها دون المستوى لأنها تستهدف في المقام الأول الربح السريع ، بينما العروض التي تدعمها الدول ذاتها الغالبية العظمى منها جيدة للغاية وتستحق المشاهدة وتترك أثر حقيقي في نفوس المتلقين ولدينا في مصر شاهد على ذلك في تنوع الإنتاج واختلافه وجديته. * لماذا لا يكون مهرجانات لمسرح الطفل أكبر وأقوى في المهرجانات الدولية؟ * جميع المهرجانات تحتاج إلى الاهتمام والدعم والرعاية حتى تكون قادرة على الاستمرار، وفي مهرجان القاهرة الدولي للطفل العربي نسعى إلى أن يكون من أهم المهرجانات الدولية ونجتهد في ذلك ونعمل بكل جد ونرجو من الله التوفيق، والمهرجان اليوم في دورته الثانية يتوسع في مسابقاته ومساراته وهكذا سنعمل على الدوام خطوة تلو الأخرى إلى أن نصل لما نتمنى بإذن الله. * هل أنت مع النصوص المترجمة؟ أم النص المحلي فيما يخص الطفل؟ * النصوص المترجمة مهمة للتعرف على ثقافات الآخر، لكن في مسرح الطفل تحديدا نحتاج دائما إلى ما يهم ويخص أطفالنا نحن وليس أطفال الآخر، فما المانع أن يكون الكاتب محليا أو عربيا ويطرح قضايا عالمية ويوصلها إلى طفلنا العربي، ولذلك نطرح في مسابقاتنا فرعا للمؤلفين المدرسين والمدرسات وقد نستعين بنصوصهم في الدورات القادمة لتقديمها كعروض. * قلتِ في لقاء إن الشباب يمثل مستقبلا مختلفا للمسرح كيف ذلك؟ * الشباب دائما هم مستقبل المسرح فهم الطاقة والنشاط والأمل والقادرين بصدق على العمل بكامل طاقتهم وبالانفتاح على العالم، والكبار لهم مكانتهم ويسلمون الشباب والأطفال أيضا سيستلمون من الشباب حين يصبحون هم الشباب وهكذا، من الضروري التأكيد على أن كل منا يهتم بمن بعده حتى نضمن الاستمرار. * ماذا نحتاج في العالم العربي لتطور مسرح الطفل؟ * التفكير خارج الصندوق وتوفير الدعم المادي والاعتماد على التكنولوجيا وتقديم محتوى يهم الطفل ويؤثر فيه. * ما دور المسرح في تنميه خيال الطفل، وتشكيل شخصيته؟ * المسرح بالأساس يتوسل بالخيال لتوصيل أفكاره مما يجعله الأقرب إلى الطفل، وهو قادر على تعليم الطفل مهارات التواصل والثقة بالنفس والتفكير الفردي والجماعي والمشاركة وبذلك فهو يشكل شخصية الطفل. * ما علاقة المسرح والدراما في تعليم الطفل؟ * الدراما قائمة على اللعب ومن خلال اللعب يتعلم الطفل. * في عالم يتطور بشكل جنوني وخاصة في الجانب التكنولوجيا كيف نستطيع مواجهة ذلك عبر مسرح الطفل؟ * أن نستخدم التكنولوجيا وآلياتها في مسرح الطفل، لنستغلها في دعم مسرح الطفل ذاته. * ما فكرة كتابك رحلة النص إلى العرض؟ * أعتمد في الكتاب على نصوص روائية وشعرية عالمية تحولت إلى عروض مسرحية اتخذت من فنون الأداء وسيلة أساسية لتوصيل رؤيتها. وأحلل النصوص موضع البحث في ظروف إنتاجها إلى جوار الاعتماد على منهج علمي في تحليل النصوص وبنائها والبحث في جميع عناصرها، ثم تحول هذه النصوص عبر الإعداد من جنس الرواية وجنس الشعر إلى نصوص مسرحية تتطلب بناء يختلف تماما عن بناء الرواية والشعر تمهيدا لتحولها الأخير في صورة عروض مرئية على خشبة المسرح تعتمد بشكل أساسي على الحوار والرقص والموسيقى وفنون الأكروبات واستخدام عرائس القفاز واختزال الزمن. د. داليا وكلمة خلال الدورة الأولى للمهرجان الناقدة مع عدد من المسرحيين