تشهد المملكة العربية السعودية حالياً موجة من الابتكار والإبداع في مختلف القطاعات، لاسيما في قطاع التصميم والفنون والتكنولوجيا والإعلام والترفيه، لتتيح بذلك فرصاً مثالية للمواهب السعودية الشابة لاستكشاف وتطوير قدراتهم وثقل مهاراتهم الإبداعية. فخلال السنوات الأخيرة الماضية، شهد قطاع التسويق الإبداعي تطورًا ملحوظاً فاق كل التوقعات، ليصبح واحداً من القطاعات الأكثر حيوية، والذي يساهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتنويع الاقتصادي في رحلة التحول الشاملة تزامناً مع رؤية السعودية 2030. وفي هذا الإطار، سيكون على المبدعين من المؤسسات والأفراد في قطاع التسويق الإبداعي تفعيل وتوظيف قدراتهم وإمكانياتهم للمساهمة في تحقيق هذه الأهداف، وتمهيد الطريق لمستقبل طموح ومزدهر. يتجه قطاع التسويق الإبداعي في المملكة نحو الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار في استراتيجيات التسويق، إذ حدث تطور مذهل يتيح الاستفادة من التقنيات الرقمية، وأصبحت الشركات تستخدم تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز والواقع الافتراضي للتفاعل مع الجمهور بشكل مبتكر وفعال. فعلى سبيل المثال، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي وسيلة حيوية للتسويق في المملكة، حيث يستخدم المسوقون منصات مثل إكس، وإنستجرام، وسناب شات، ولينكد إن لبناء علاماتهم التجارية وتعزيز الوعي والتفاعل مع الجمهور المستهدف. وفي هذا الإطار، يتم تطوير وتفعيل استراتيجيات المحتوى المبتكرة لجذب الانتباه وتعزيز المشاركة من خلال قصص مؤثرة. ومن جانب آخر، يتوجه القطاع بشكل أكبر إلى تعزيز تجربة المستخدم، إذ يتطلع خبراء التسويق الإبداعي إلى تقديم تجارب فريدة ومميزة، يركزون من خلالها على تصميم تجارب تفاعلية وشخصية تلبي احتياجات ورغبات الجمهور المستهدف، مما يسهم في بناء علاقات تفاعلية قوية وزيادة معدلات التحول والولاء. علاوة على ذلك، تتجه المؤسسات السعودية للتعاون وبناء شراكات مع علامات تجارية أخرى، مما يتيح فرصة تبادل المعرفة والخبرات والموارد للوصول إلى جمهور أوسع وزيادة الوعي بالعلامة التجارية. وعلى مدى السنوات الأخيرة الماضية تزايد اهتمام المؤسسات بالاستدامة والمسؤولية المجتمعية، وتعاظمت جهودهم لدمجها في استراتيجيتهم وأنشطتهم التسويقية الإبداعية. ويتم تسليط الضوء على القضايا البيئية والاجتماعية المهمة، مما يساهم في بناء صورة إيجابية للعلامة التجارية. وعلى الرغم من التطور المذهل الذي يحققه قطاع التسويق الإبداعي، ما زال هناك تحديات يتوجب التعامل معها، ومن أهمها القيود الثقافية واللغوية، والتي تشكل تحدياً يتمثل في وضع استراتيجيات تسويقية تتوافق مع القيم والتوجهات المحلية، وتراعي الحساسيات الثقافية. كذلك تواجه بعض المؤسسات تحديات تقنية فيما يتعلق بتنفيذ استراتيجيات التسويق الإبداعي، وذلك لقلة معرفتهم بكيفية استخدام هذه التقنيات المتطورة بشكل مثالي، مما يتوجب عليهم مواكبة آخر التطورات لتعزيز معرفتهم وتحسين كفاءة استخدامها في استراتيجياتهم التسويقية. وفي ظل تواجد العديد من كبريات المؤسسات المحلية والعالمية التي تسعى للوصول إلى الجمهور المستهدف بالطريقة المثلى، يرتفع مستوى المنافسة بشكل غير مسبوق. وعلى الرغم من أن ذلك يشكل تحدياً للشركات، إلا أنه يسهم في نهاية الأمر بتطوير القدرات الإبداعية في القطاع. إجمالاً، نجد أن قطاع التسويق الإبداعي في المملكة يشهد حالياً نمواً كبيراً وملحوظاً مع تفعيل برامج ومبادرات للارتقاء بالقطاع. ومن المبادرات المهمة التي شهدناها مؤخراً، الإعلان عن النسخة الثانية من مهرجان "أثر"، أكبر تجمع لصناعة التسويق الإبداعي في المملكة، والذي سيقام هذا العام في كراون بلازا آر دي سي الرياض يومي 5 و6 نوفمبر المقبل، بحضور الخبراء وصنّاع القرار من جميع أنحاء العالم للاحتفاء بقوة التسويق الإبداعي باعتباره ممكن ومسرّع للاقتصاد المستدام والمزدهر في المملكة العربية السعودية. وسيختتم المهرجان بحفل توزيع جوائز "أثر" يوم 6 نوفمبر للاحتفاء بأبرز المساهمات في القطاع. تشمل جوائز "أثر" للعام الحالي 24 جائزة تهدف إلى تشجيع تقديم الحملات الترويجية المبدعة في المنطقة، من القطاعات الحكومية، والخاصة، والوكالات، ورجال الأعمال، والأفراد. وتدعم الجوائز أهداف رؤية السعودية 2030 من خلال رعاية وتعزيز الإبداع بوصفه دافعاً رئيساً للنمو الاقتصادي، وتسلّط الضوء على منظومة التسويق الإبداعي، وتكرّم الأعمال المتميزة التي تدعم التعليم، والاستدامة، والابتكار. وفي الواقع، لا تعد جوائز "أثر" مجرد تكريم للمبدعين فحسب، بل هي نقطة انطلاق للمواهب الشابة ومنصة فاعلة لإبراز وتقدير جهود الأعمال الإبداعية. د. عبيد بن سعد العبدلي، الرئيس التنفيذي لشركة مزيج للاستشارات التسويقية، وعضو لجنة تحكيم جوائز "أثر" 2024