خلال خمس سنوات مضت، وبالتحديد من 2018- 2023، حققت المملكة أسرع نمو عالمي في البيئة الاستثمارية في تطور البيئة التنظيمية والأساسية الجاذبة للاستثمارات، وتقدماً كبيراً في التقييم العالمي لمخاطر الاستثمار في قطاع التعدين، الصادر عن MineHutte بالتعاون مع مايننغ جورنال، بداية من تطوير البنية التشريعية واللوائح التنظيمية للقطاع، حتى أصبحت المملكة "وجهة مفضلة" للاستثمار في قطاع التعدين الواعد، خاصة في مؤشر التراخيص التعدينية، وأضحت أفضل ثاني دولة في بيئة منح التراخيص في العالم. إن صدور نظام الاستثمار التعديني الجديد ولائحته التنفيذية وإطلاق مشروع المسح الجيولوجي لمنطقة الدرع العربي الأكبر من نوعه عالميًا، ومبادرة الاستكشاف المسرع، المتزامن مع الخطة الاستراتيجية لرؤية المملكة 2023، إضافة للمبادرات التي ساهمت في تطوير القطاع الحيوي، جعل المملكة الدولة الرائدة في صناعة التعدين عالمياً، ومن ثم ظهرت الفرص الاستثمارية الجاذبة، لتعزيز سياسة المملكة الجادة في تنويع مصادر الاقتصاد، إلى جانب النفط والغاز، ووضعت على هذا الأساس برامج ومبادرات ضمن خطة التحول لتطوير قطاع التعدين؛ ليُصبح الركيزة الثالثة للصناعة الوطنية. لقد منّ الله على هذا الوطن بثروات معدنية، من الذهب والفوسفات والنحاس والزنك والعناصر الأرضية النادرة، تقدّر ب9.3 تريليونات ريال؛ نتيجة إلى تطوير البنية التحتية والتشريعية، وعمليات الاستكشاف المستمرة والطلب المحلي وموقعها الاستراتيجي، والعمل على النهوض بالصناعات التعدينية، من خلال نظام الاستثمار التعديني، الذي يساهم في تحقيق حوكمة القطاع وتقديم الحوافز للمستثمرين، جنباً إلى جنب مع تعزيز الشفافية ومبادئ الاستدامة، وزيادة ثقة المستثمرين بالقطاع، والعمل على التحول الرقمي للقطاع، من خلال إطلاق منصة تعدين لمنح الرخص التعدينية، وتطوير قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية التي تضم حصيلة 80 عامًا من البيانات الجيولوجية ومعلومات الاستكشاف الخاصة بالمملكة، وخاصة منطقة الدرع العربي. الحديث عن تطوير قطاع التعدين، يعني بالضرورة تعظيم القيمة من تلك الثروة الوطنية صناعة واستثماراً، وجذباً للكيانات الكبرى؛ لتتخذ من الرياض العاصمة مقرات إقليمية لها، ليصبح القطاع من أهم روافد الاقتصاد السعودي، والتنمية البشرية، وخلق آفاق جديدة من الدراسات العلمية والأبحاث، واستغلال العقول الوطنية في تطوير وتنمية قطاع رائد يستحق الاهتمام والثقة، في ظل قيادة حكيمة تعي جيداً قيمة الوطن ومقدراته وقدرات أبنائه، وما تفرزه الجامعات السعودية من عقول نابهة. لم تعد وتيرة الإنجاز في وزارة الصناعة والثروة المعدنية، تعتمد على الخطط المستوردة، بل لديها من الأفكار المبتكرة والخطط الاستراتيجية، ما يجعلها في مقدمة الكيانات الرائدة على مستوى العالم، وشاهدنا فيما سبق تعاوناً بينها مع وزارة الاستثمار؛ ومن ثم الإعلان عن حزمة حوافز تتضمن تسهيلات مالية للشركات والمستثمرين الراغبين في الاستثمار في أنشطة استكشاف الموارد المعدنية في المملكة؛ لدعم الشركات الحاصلة على رخص كشف سارية لأقل من 5 سنوات بقيمة تصل إلى 7.5 ملايين ريال كحد أقصى لكل رخصة، وإضافة لهذا الفكر يقدم صندوق التنمية الصناعية السعودي ما يصل إلى 75% من تكاليف مشاريع الاستكشاف والتعدين المؤهلة. وإذا كان مؤتمر التعدين الدولي، الذي شهد في نسخه الثلاث السابقة مشاركة أكثر من 75 دولة في الاجتماع الوزاري الدولي، و14 ألف مشارك وزائر من كبار المتحدثين الدوليين، لمناقشة مستقبل صناعة التعدين والمعادن، وجذب الاستثمارات لمنطقة التعدين الكبرى الممتدة من أفريقيا إلى غرب ووسط آسيا، وتحويل الحوار إلى أفعال وخطط تنفيذية قابلة للتطبيق على أرض الواقع، والعمل على مواجهة التحديات، خاصة في ظل الطلب المتزايد على المعادن الاستراتيجية اللازمة لتحقيق التحول نحو الطاقة النظيفة وتلبية مستهدفات الحياد الكربوني، فإن المملكة على موعد مع النسخة الرابعة من المؤتمر العالمي – مطلع العام القادم - الذي تنظمه وزارة الصناعة والثروة المعدنية، وتعد له العدة مبكراً؛ ليكون من أكبر النوافذ الاستثمارية في تاريخ المملكة.