هل غلبتك الحياة أم ما زلت تغلبها؟ هل زارك الفرح على حين غرة من نهار في عميق انهيارك؟ لابد وأنك قرعت باب أحد السؤالين السابقين ربما بصلابة وأخرى بإحباط، وفي كلا الحالتين تعتد بسلاح رغبة المواجهة تبصراً للتغيير الإيجابي. وترى أنك ضيف عجول في كرنفال الفرح، وهذه هي سجية السعداء إقداماً إلى الفرح وانتصاراً على الحزن. ولطالما كانت السعادة قضية فلسفية أزلية شغلت فكر الفلاسفة والباحثين بالتنقيب عن مناجمها والبحث عن مصادرها، فلم يتحدوا في إيجاد مفهوم موحد لها فأرسطو يعلنها من بين أبحاثه باعتبارها متصلة بالفضيلة، بينما يلوح سقراط برؤيته في أنها تكمن في السيطرة العقلية على الرغبات مما يحدث الهدوء الداخلي، فهي نسبية تختلف من مجتمع لآخر ومن فرد لنظيره. فالمغترب يرسمها في أول خطوة يطؤها على أرض وطنه وهلما جرا. وقد يتبادر إليك عزيزي القارئ أني سأقدم إليك الفانوس السحري لتحقيق السعادة، فيما أنت تملكها بين ثنايا روحك والفرقان في هذا الأمر هو ما تنبلج به فجر ابتسامتك ويطمئن لأجله وجدانك فهنا تكمن سعادتك. والسعادة هي غاية الكمال البشري الذي ننشده جميعاً، وتكون بين أيدينا إلا أن انفلات عقد الإنعام من عنق زماننا هو ما أضاع بريق هذه البهجة الهانئة. فهو الشعور الداخلي الذي يتسم بالانبساط والسرور والرضا العميق، فحيثما أدركت هذا الإحساس فاقتنص فرصة الحظ وأخرج من قوقعتك الرتيبة وأفرد جناحيك في سماء الأنس دون أن تزنه بمعايير مادية أو موقفية (فقط استمتع بلحظتك)؛ إذ إنك المسؤول الأول عن صناعة الهوية المشرقة التي تمكنك من العبور على تاريخك رافعاً راية العظماء لا حاملاً رفات الضحايا. ولتصنع لنفسك وشاحاً من التفاؤل للتعافي من تلك الهموم الذي أثقلت كاهلك وكفت بصيرتك عن بساتين الأمل، مبتدئاً بتعويد ملامحك على البسمة فالنفس تعتاد ما يؤنسها عائداً إلى صياغة الحوار الداخلي وذلك برفع استحقاقك للسرور، فالتغيير يبدأ من الداخل إلى الخارج. كما يرى علم النفس الإيجابي بأهمية تطوير الصفات الحسنة ونقاط القوة لدى الفرد كنقطة انطلاق إلى قوة الذات ورفع مستوى الاستقرار النفسي بتحقيق الطمأنينة والسلام الداخلي، (ابحث عن نقاط قوتك) وأهمية تقبل الواقع بهدوء تام بالإضافة إلى إشعال روح المبادرة بخلق الفرحة في محيطك الصغير ثم الذي يليه بكلمة/فكرة /حدث. ينبغي أن تتقن فن السبعين عذراً لأخيك المسلم مغادراً بذلك مطار سوء الظنون مبتعداً عن إطلاق الأحكام الفردية على الآخرين من مملكتك الخاصة. تنعّم بمبدأ التغافل عما يقتلع جذور السلام في حياتك وعظّم من روح الانتماء لكل ما يحيط بك وكن عاشقاً للنور في كل ما يضيء زمانك، فارساً لا يشق له غبار في نزال أحزانك. وأخيراً حافظ على روحك البهية كقطعة أثرية لا يقترب منها إلا من يدرك قيمتها.