تعتبر المناظرة بين الرئيس الأمريكي الحالي بايدن والرئيس الأمريكي السابق ترمب في سباقهما بالانتخابات الأمريكية 2024، حدثا إعلاميا مهما اعتبره خبراء الإعلام «الإنقاذ» لشبكة CNN العريقة بعمرها الذي تجاوز ال»40»عاماً، وبدأت بالتأرجح مع المنافسة الكبيرة من القنوات التلفزيونية الأخرى، وانخفاض شعبية التلفزيون التقليدي مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي. أجمل وصف إعلامي لموضوع المناظرة وعلاقتها مع CNN أنها بالمعايير الإعلامية التلفزيونية «انقلاب إعلامي وتسويقي»، وفوز نادر لها بالتقييمات مع القنوات الأخرى، كون أكثر من 51.3 مليون شاهد المناظرة الرئاسية، وتم بثها عبر أكثر من اثنتي عشرة شبكة، حيث احتلت CNN المرتبة الأولى بين شبكات البث والكابل بحوالي 9.5 ملايين مشاهد، بينما اجتذبت قناة Fox News حوالي 9.3 ملايين مشاهد، وحصلت ABC News على 9.2 ملايين مشاهد وشاهدت MSNBC 4.1 مليون مشاهد. وحسب تقارير القناة والملفت بهذا الأمر من ناحية المتابعة التلفزيونية التي لازالت تعيش فترات ازدهارها، إن حوالي 34.1 مليون شخص - أو 64%- كانوا فوق سن 55 عاماً، مقارنة ب4.1 ملايين شخص فقط تتراوح أعمارهم بين 18 و 34 عاماً و 10.9 ملايين شخص تتراوح أعمارهم بين 35 و 54 عاماً، أي ان كبار السن فوق 55 عاماً لازالوا متمسكين بثقتهم بالتلفزيون التقليدي، عكس الشباب من المواطنين الأمريكيين المتأثرين بالوسائل الإعلامية الحديثة الذين لم يتجاوز عددهم 4 ملايين شخص فقط.! بالفعل ما تم يعتبر انقلاب تسويقي لمعايير متعددة من أهمها أنه لأول مرة وبهذا الحجم الكبير تقوم قناة تلفزيونية بتنظيم هذا الحدث الهام عالمياً، ولمدة ثلاث ساعات، وبشعاره وببرتوكول خاص بها ويطبق لأول مرة، مثل اعتماد «القرعة» من خلال النقود المعدنية لتحديد مواقع كل رئيس، وأيضا عدم حضور الجمهور، والميكرفونات الصامتة، وإدارة مذيعي القناة للمناظرة، والأهم المجال المفتوح لأسوأ الالفاظ بين ترمب وبايدن في اتهام بعضهما البعض. وإعلانيا فإن مناظرة الأسبوع الماضي هي الأولى في التاريخ التي يتم مقاطعتها بالإعلانات التجارية، التي تتجاوز قيمة الدقيقة الإعلانية أكثر من 1.5 مليون دولار حسب باقة تسويقية، حيث كلف كل إعلان مدته 30 ثانية ما بين 334 ألف دولار و500 ألف دولار. وحسب وكالة (Ad Age (للأبحاث، هذا المبلغ الكبير يعادل سعر الإعلان خلال برنامج Friday Night Football، أو برنامج Grey›s Anatomy في عام 2009، عندما كان أغلى عرض تلفزيوني، وهذا المبلغ حسب موقع «سيما4» أكثر من ضعف التكلفة التي فرضتها شبكة CNN على المعلنين المحتملين مقابل إعلان تم بثه قبل أو بعد مناظرات عام 2016 بين ترمب ووزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. المناظرة باختصار أعادت التوهج للتلفزيون التقليدي، وحققت القناة ذات الأربعين عاما نفوذا إعلاميا كعادتها بالمحيط السياسي، وبعبارة أبلغ، غيرت قواعد اللعبة، وأكدت أن الإعلام شريك رئيسي ولاعب مهم في العملية السياسية، وقدمت دروسا جديدة في عمليات التنظيم للفعاليات الكبرى والتعاطي الإعلامي والاستفادة من الحدث بصورة جعلت ال30 ثانية بقيمة تتجاوز المليون ريال.!