لم تعد السياحة في السعودية مجرد صناعة رمزية، بل إنها موردِ لا ينضب، ومحوراً أساسيًا في رؤية 2030، بإيرادات متنامية ومساهمة أكبر في إجمالي الناتج المحلي نحو مستقبل أكثر ازدهاراً. هكذا تؤثر صناعة السياحة على الاقتصاد المحلي إيجاباً وتدر دخلاً لمجموعة من الأعمال المتنوعة مباشرة وغير مباشرة، وتخلق نطاقًا واسعًا من فرص العمل. كما إن السياحة الداخلية تحافظ على ثقافة وتقاليد البلد من خلال ما يتم تقديمه للمسافرين وردة فعلهم الإيجابية بتكرار التجربة. إن تعزيز جاذبية السياحة يترتب عليه تحسينات المرافق والبنية التحتية، من طرق وسكك حديدية ومطارات واتصالات، مما يحسن من تجربة الزائرين، بل أنه أيضًا يحسن نوعية الحياة للسكان المحليين. أما على المستوى العالمي، فينظر إليها على أنها واحدة من أكبر الصناعات المستدامة وأسرعها نموًا في العالم. وفي الوقت، الذي يستفيد الاقتصاد السعودي من قطاع النفط، تسعى المملكة إلى تنمية وتنويع القطاعات غير النفطية من خلال استراتيجيات طويلة الأجل ورؤية المملكة 2030، والذي يزيد من مرونة الاقتصاد في مواجهة الصدمات الاقتصادية ويعزز نموه تراكمياً. لهذا أصبح قطاع السياحة في مقدمة هذه القطاعات، حيث تستهدف المملكة رفع مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10% أو 80 مليار دولار بحلول عام 2030، كما خصصت أكثر من 800 مليار دولار للاستثمار في هذا القطاع، بحسب تقديرات وزير السياحة السعودي. وقد ساهم صندوق التنمية السياحي بما يزيد عن 40 مليار ريال في تمكين أكثر من 100 مشروع سياحي، منذ انطلاقته في 2020 حتى 2023. وحققت المملكة إنجازات متلاحقة ومتقدمة في مجال السياحة، حيث تجاوز عدد السياح المستهدف 100 مليون سائحاً في 2023، مما دفعها لرفع العدد المستهدف إلى 150 مليون سائحاً سنوياً بحلول عام 2030، وذلك بتوجيه من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كما شهد قطاع السياحة نمواً غير مسبوق، حيث نما من 3% في 2019 إلى 32% في 2023، لتصل مساهمته الى 11.5% أو 444.3 مليار ريال في إجمالي الناتج المحلي، وإضافة 436 ألف وظيفة لتصل إلى أكثر من 2.5 مليون وظيفة، وفقاً لدراسة المجلس العالمي للسفر والسياحة (WTTC) لعام 2024. كما توقع المجلس أن تصل مساهمة السياحة إلى 498 مليار ريال في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، في حين ستزداد الوظائف بأكثر من 158 ألف وظيفة لتصل إلى ما يقرب من 2.7 مليون وظيفة. وهنا نصل الى الهدف والمضاعف الاقتصادي المنشود لرؤية 2030، حيث من المتوقع أن يساهم قطاع السياحة بنحو 836.1 مليار ريال في إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2034، أي ما يقرب من 16% من إجمالي الناتج المحل، وسيوظف أكثر من 3.6 ملايين شخص في جميع أنحاء المملكة، مع عمل واحد من كل خمسة أشخاص في هذا القطاع خلال 10 سنوات، حسب تقديرات المجلس العالمي للسفر والسياحة. وهذا يؤكد أيضاً أهمية استثمارات القطاع الخاص في السياحة السعودية لاسيما في توفير المنتجعات والفنادق وأماكن جذب السياحة المكانية، بعد أن سهلت الدولة حصول الزوار على التأشيرة السياحية وإمكانية وصولهم والإقامة، وتوفر وسائل الراحة والأنشطة والمعالم السياحية. وفي نفس الوقت، تسعى المملكة إلى تحسين بنيتها التحتية بإنشاء وتوسعة المطارات وزيادة المسارات الجوية إليها.