الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    مظلات الشحناء والتلاسن    دول الخليج.. حرص على بناء سورية الجديدة    لحظات رياضية سعودية لا تُنسى    بين عمان والبحرين كأس وذهب.. من عريس الخليج؟    تعزيز الرقابة على أداء القضاء بأعلى معايير الشفافية.. تقليل مدد التقاضي    الحازمي يروي سيرة كفاح في كتابه «من القهوة إلى قوقل»    كيف تتجنب ويلات الاحتراق النفسي وتهرب من دوامة الإرهاق؟    لتعزيز سعادتك وتحسين صحتك.. اعمل من المنزل    5 أخطاء شائعة في تناول البروتين    الفنان راشد الفارس يقدم أولى حفلاته للعام 2025 في موسم الرياض    كيف ستنعكس تعديلات أسعار اللقيم والوقود على الشركات المدرجة؟    الدكتور عبدالله الأسمري: نتعلم اللغة الصينية اقتصاديًا والإسبانية رياضيًا والفرنسية ثقافيًا    الغضراف    قاتل الشتاء الصامت!    ذلك اليوم.. تلك السنة    خشونة الركبة.. إحدى أكثر الحالات شيوعاً لدى البالغين    الفلسطينيون في وضع مأساوي    الصراعات الممتدة حول العالم.. أزمات بلا حلول دائمة    سوق العمل السعودي الأكثر جاذبية    «العلا».. مقصد الباحثين وهوى السائحين وقبلة المغامرين    عام جديد بروح متجددة وخطط عميقة لتحقيق النجاح    محمد الفنتوخ.. الهمّة والقناعة    عبير أبو سليمان سفيرة التراث السعودي وقصة نجاح بدأت من جدة التاريخية    ترمب أمام تحدي تعديل السلوك السياسي الإسرائيلي    لبنى العمير: أول مبارزة سعودية تكتب فصول الإلهام    تعفن الدماغ .. عندما تصبح أدمغتنا ضحية التكنولوجيا    ابتسم أو برطم!    سُلْطةُ الحُبِّ لا تسلّط الحرب    لماذا لا تزال الكثيرات تعيسات؟    المرأة والطفل والجائزة    دروس من سوريا    1.3 مليون خدمة توثيقية.. عدالة رقمية تصنع الفارق    المسحل والمسؤولية المقنعة!    الهلال يعلن غياب "نيمار" وعودة "نيفيز" قبل مواجهة الاتحاد في كأس الملك    بايرن يشهد عودة أربعة من لاعبيه للتدريبات الجماعية    نائب أمير تبوك يستقبل مدير الجوازات بالمنطقة    الأمير سعود بن نهار يفتتح مشروعين تعليميين في الطائف    وزارة الثقافة تُدشِّن مبادرة "عام الحرف اليدوية 2025"    الدفاع المدني يؤكد أهمية اتباع إجراءات السلامة عند استخدام وسائل التدفئة    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يعقد اللقاء الأول للجمعيات التعاونية في المنطقة لعام ٢٠٢٥    السعودية تأسف لحادثة إطلاق النار التي وقعت في مدينة سيتينيي بالجبل الأسود    قرية "إرث" بالواجهة البحرية بجازان.. وجهة سياحية وترفيهية وثقافية في موسم شتاء جازان 2025    كونسيساو: الإصابات ليست عذراً في السوبر الإيطالي.. وموتا: التفاصيل الصغيرة ستحسم التأهل    استقبله نائب أمير مكة.. رئيس التشيك يصل جدة    19,914 قرارًا إداريًا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الثالثة لمساعدة الشعب السوري    محافظ محايل يلتقي مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    منذ 14 عاماً.. الذهب ينهي 2024 بأفضل أداء سنوي    حماية التوحيد منذ فجر التأسيس إلى العهد المجيد    الملك عبدالعزيز وفلسفة التوفيق    أحسن إلى نفسك    صندوق تنمية الموارد: توظيف 169 ألف مواطن خلال 3 أشهر    أمين الرياض يطلق مشروعات تنموية في الدلم والحوطة والحريق    أبو منذر وباحويرث وبن سلمان يحتفلون بزواج محمد وطلال    المملكة تنظم دورة للأئمة والخطباء في نيجيريا    جازان: نجاح أول عملية كي للعصب الكلوي    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الرياض» في جامع البخاري بأوزبكستان
نشر في الرياض يوم 12 - 06 - 2024

«بخارى» الأوزبكية مدينة تجمع بين الحياة والهدوء، والجولة في طرقاتها، تعد تدريباً يغمر الحواس في أجواء من التأمل والانبهار، الذي يفصلك عن واقعك تماماً.
وصلت لها قادماً من سمرقند الأوزبكية، بعد أن قطعت حوالي 276 كلم بالقطار باتجاه الغرب، وهي إحدى مدن بلاد ما وراء النهر، التي تعرف اليوم بآسيا الوسطى، حيث تعد أحد أكبر المراكز الاقتصادية بها، بالإضافة لكونها مركزاً للدراسة والثقافة وعلوم الدين.
وبخارى تشغل نحو 32 % من مساحة جمهورية أوزبكستان، ويعيش فيها نحو 8.2 % من سكانها.
«النشأة والتاريخ»
يقال إن أول من بنى بخارى هو القائد سياوش، ابن الملك كيكاوس ملك فارس، حين ترك أباه غاضباً، واتجه إلى ملك الترك أفراسياب، فأكرم وفادته وزوجه من ابنته، وأقطعه هذه الأرض التي تعرف اليوم ببخارى، فبنى بها مدينة، ثم انقلب عليه أفراسياب بسعي الوشاة وقتله، وكتبت فيه بعدها المراثي، والتي لا تزال تردد في بخارى حتى اليوم.
وصلت باكراً للمدينة المعروفة بكثرة حيوانات الصيد، والتي تكونت من فياضانات نهر الصغد، الذي يفيض بعد ذوبان الثلوج في أعالي الجبال، فيجرف الطمي الذي يخصب الأرض، فقصدها الناس لخصوبتها وطيب هوائها، وعمروها وأمروا عليهم أميرا.
«مسجد بولو هاوز»
بدأت جولتي دون تخطيط مسبق، لكني توقفت عند معلم شامخ تراه من بعيد، يلفت الأنظار من كل الجهات، دخلت ساحته فوجدت لافتة مكتوبٌ عليها بعدة لغات «مسجد بولو هاوز» تجولت في فنائه ذي الأعمدة الشامخة، حتى التقيت المرشدة السياحية المعتمدة من قبل الجهات المعنية في بخارى، واسمها نيلوفر، عرفتها بنفسي وطلبت منها نبذة عن هذا المبنى ومرافقه وتاريخه، فقالت: هو رمز ومعلم تاريخي في مدينتنا، ويعود بنائه إلى العام 1712، وهو مصمم بشكل مختلف عن المباني الأخرى من حوله، إذ يجمع في تفاصيله بين الطرازين الأندلسي والهندي، وهذه التفاصيل جعلته فريداً، وأحد أكثر المواقع زيارة من قبل السياح. ولا تزال تقام فيه الصلوات والجمعة والأعياد حتى الآن.
وكنت كلما اقترب منه تشدني واجهته الضخمة، بأعمدتها الخشبية المزخرفة العتيقة، لتضفي على المكان جمالاً لا يوصف، فضلاً عن قاعة الصلاة، التي تحمل مجموعة من الزخارف الإسلامية، الغاية في الدقة والروعة.
«قلعة الأرك»
هي قلعة تسمى حصن (الأرك) أو السفينة، وكانت مقر حكام بخارى الأوائل، الذين بنوا هذه القلعة الشاهقة، فوق هضبة تشرف على المدينة، في بدايات القرن الرابع قبل الميلاد.
وقد بنيت بارتفاع 20 متراً عن مستوى سطح الأرض، لمنع الغزاة من اقتحامها والدخول إليها.
وتعرضت القلعة بحسب ما أفاد السكان على مدى تاريخها، لفترات من البناء والتخريب والحرق، ثم الترميم والإضافة.
بينما بنيت أجزاؤها العليا في عهد آخر أمرائها من عائلة «الخانات» وأما الجزء الخشبي من القلعة، فقد دمره حريق هائل نشب فيها عام 1920م. ويذكر بعض سكان المدينة الذين التقيتهم، أساطير كثيرة حول هذه القلعة، منها، أنه لم يهاجمها شخص إلا وهلك عند أسوارها، وأنها لم تهدم أساساتها منذ أنشأت، ولم ينهزم فيها ملك، كما لم يمت فيها أحد أيضاً من ملوكهم.
وعند قراءتي عنها، تبين أن أول من بناها هو «سياوش بن كيكاوس» وفضلاً عن أهميتها الدينية بالنسبة لأهالي البلدة، فقد كان في داخلها إلى جانب القصر الملكي، الدواوين الرسمية للدولة، كالمالية والخزائن، وسكن الأميرات والسجن.
كما يوجد بداخلها طرقات، وزعت عليها منازل الأقارب والمسؤولين، والوزراء والقادة وكبار رجال الدولة.
وبها إدارة للشرطة، وإسطبلات الخيل ومخازن الكنوز والمؤن والسجاد، ومعامل الأواني وورش الجواهرجية، بالإضافة إلى المسجد، وعدد من الأضرحة.
»جامع الإمام البخاري»
شهدت أوزباكستان ميلاد ونشأة العشرات من أشهر علماء وأئمة الإسلام، وكان يسميها البعض في العصور الوسطى «أرض الهداة»، ومن بين أشهر هؤلاء الإمام البخاري، والترمذي، والزمخشري، والماتردي، وابن سينا، والخوارزمي، والبيرونى، والسمرقندي، والشاشي، والعديد من المحدثين والعلماء الآخرين، الذين قدموا إسهامات كبرى سواء في علم الحديث، أو الفقه وأصول الدين، أو الفلك والطب وغيرها من العلوم الأخرى.
فقد كتب الإمام البخاري وحده أربعة وعشرين مصنفاً، في مجالات التاريخ والحديث والعقيدة والتفسير والفقه، ومن أشهر هذه المؤلفات «صحيح البخاري».
هذه كانت مقدماً يسيرة، عما أريد الحديث عنه خلال زيارتي لمدينة بخارى، حيث صليت بحمد الله في هذا الجامع صلاة الظهر، وبعد أن فرغنا التقيت الإمام الشيخ جمال، والذي أعطاني بدوره بعض المعلومات عن المسجد، حيث قال: إن الناس هنا يسمونه «كَلان» ويعني بالفارسية المسجد الكبير، وهو ثاني أضخم مسجد في آسيا الوسطى، حيث يتسع لقرابة 12000 مصل، بعد مسجد "بيبي خانُم" في سمرقند.
وأضاف، لقد تعرض الجامع للحرق عندما حاصره جنكيز خان، ولم يسلم منه إلا منارته، ليتم بعدها إعادة بنائه وترميمه عدة مرات، كان أهمها، في بداية حكم الشيبانيين المغول، في القرن 16م، في عهد السلطان عبيدالله، في العام 1514م وقد تم استخدام الطوب المحروق، والخشب والحجارة والجبس والرخام في عملية البناء.
والمسجد ذو أروقة مسقوفة، ويتوسطه فناء مكشوف واسع، وترتفع فوق المسجد 288 قبة، وله سبعة أبواب رئيسية.
أما المئذنة فمبنية على شكل برج دائري، يبلغ قطرها عند القاعدة 9م، وتضيق كلما ارتفعت حتى تبلغ 6م، ويصل ارتفاعها إلى 45.6م، وفي أعلاها غرفة دائرية لها 16 نافذة مقوسة، والمنارة مزينة بالمقرنصات والأشكال الهندسية الجميلة، على الطراز السلجوقي، وعليها كتابات عربية بالخط الكوفي، أما الواجهة الأمامية للمسجد فمزخرفة بالفسيفساء، والطوب المغطى بالزجاج الملون.
ولا تتوقف حدود الجمال والراحة عند هذا المشهد وحسب، حيث إن المكان الذي يحيط بالمسجد، به العديد من المطاعم، التي تقوم بإعداد أشهى وأطيب الأطباق الأوزبكية التقليدية، وكذلك الكثير من المقاهي والأسواق الشعبية، وعربات الباعة والحرفيين.
الزميل عبدالعزيز الشهري في فناء مسجد بولو هاوز
مسجد بولو هاوز ذو الأعمدة الخشبية الشامخة
مدرسة تتبع جامع البخاري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.