ماذا لو تيقّنت من مقولات تتردّد مفادها أن الفرد (الإنسان) المعاصر هو أخطر الموجودات على هذا الكوكب بسبب أفعاله أو سوء إدارته وإهماله. إذ من أجل هذا الفرد -على سبيل المثال- (كما كشفت أحدث بيانات منظمة الأغذية والزراعة) وصل عدد الحيوانات التي تتم تربيتها تمهيدًا لذبحها لاستهلاك البشر أعلى رقم في التاريخ. إذ تم عام 2023 مثلا تربية وذبح نحو 92.2 مليار حيوان لتدخل في النظام الغذائي العالمي. ومع هذا فما برح حوالي 2.3 مليار شخص (29.6 ٪ من سكان العالم) لا يحصلون على الغذاء الكافي، وتشكّل النساء والفتيات ما يقرب من 60 % من سكان العالم الجائعين. ومن المتوقع بحلول عام 2030، أن يكون هناك 9 بين كل 10 أشخاص يعيشون في فقر مدقع في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. ولا بد هنا من ذكر حقيقة مرّة أخرى تقول إن حوالي 3 ملايين طفل يموتون كل عام بسبب سوء التغذية، وستصدمك حقيقة معاكسة أخرى إذ عرفت منها أن قرابة ملياري إنسان يعانون من فرط السمنة. وفي مجال الثروة يستحوذ أغنى 1 ٪ من الأشخاص على 63 ٪ من إجمالي الثروة الجديدة منذ عام 2020 ومع هذا ففي جميع أنحاء العالم، تأتي فقط أربعة سنتات من كل دولار ضريبي من الضرائب على الثروة. والمؤلم هنا هو وصول عدد الأشخاص (في جميع أنحاء العالم) العاطلين عن العمل قرابة نصف مليار شخص. وحتى المحظوظين من الناس ممن يعملون يوجد بينهم قرابة ملياري شخص لا يحصلون على أجور عالية لمواكبة التضخم. وبخصوص الأمن والأمان يكشف مؤشر الجريمة المنظمة لعام 2023 عن الارتفاع المستمر للجريمة المنظمة على مستوى العالم، حيث يعيش 83٪ من سكان العالم في ظروف ترتفع فيها معدلات الإجرام. وفي الجانب الصحي لم يستطع الإنسان المتحضر مساعدة الشعوب الأقل حظا لرفع مستوى الصحة إذ يموت طفل كل 20 ثانية من مرض كان يمكن الوقاية منه عن طريق اللقاحات. أضف إلى ذلك أن أمراضا مثل الإيدز والسل والملاريا ما برحت تقتل ما يقرب من 7000 شخص كل يوم نتيجة انعدام الوعي الرعاية الكافية. وهذا الإنسان على كوكبه مسؤول عن قتل ما يقرب من مليار إنسان في حروب وصراعات ونشر أسلحة فتاكة عبر تاريخه. ولم يكتفِ (الإنسان) بإيذاء كوكبه والكائنات الأخرى بل هو أيضًا أكبر مؤذ لنفسه إذ يعد الانتحار السبب الرئيس الرابع للوفاة بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 - 29. وتقول الإحصائيات إن كل عام ينتحر 7030000 شخص، وهناك مثلهم في العدد يحاولون فيفشلون، أو يتم إنقاذهم، وبكل أسف تَحدُث 77 في المئة من حالات الانتحار العالمية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ولهذا فإن فكرة أن البشر هم الأكثر خطورة على الكوكب حقيقة تدعمها وقائع وأدلة ومن أوضحها التدهور البيئي وما جلب من تغير المناخ وإزالة الغابات وتلوث الهواء والماء والتربة وفقدان التنوع البيولوجي، فضلاً على إشعال الحروب والصراعات، وليس آخرها العبث بالنظام القيمي والأسري عن طريق فوضى التلاعب بالنوع الجندري باسم الحرية. * قال ومضى: لا تعبث بمستقبلي وأنت تتغنّى بجمال ماضينا المشترك.