هذا هو نيوم راكز في الوجود وتشكلت معالمه من الصفر وتتجلى بوضوح وبتنوع يشمل كل الأبعاد المختلفة لمستقبل تقني زاهر مبهر، هذا المشروع الكبير تبرز فيه أهداف المملكة الطموحة، ليس على مستوى المنطقة العربية بل على مستوى العالم بأسره، وهذا المشروع العملاق يخرج من رحم الرؤية ليعتني بحياة الإنسان بشكل رقمي دقيق وينفسح على اقتصاد متنوع وفق رؤية واضحة تنتهجها المملكة لتعزيز الاقتصاد وتنوعه في مختلف المجالات، واليوم أضحى نيوم يستشرف آفاق المستقبل ويعاجل الزمن ليضم مراكز ترفيه مختلفة تحفل بحياة الإنسان بتقنيات حديثة ومتقدمة والتي ستسهم في بناء البعد الحضاري المتقدم للإنسان ورفاهيته وإسعاده، الأمر الذي سيشكل النقلة النوعية بكل أوجهها في جوانب متعددة ومنها الاقتصاد الحديث أو ما يعرف باقتصاد المعرفة، فالاقتصاد السابق كان مبنيٌ على الإنتاج التقليدي أما اليوم مع المشروع الكبير لنيوم سوف يحل محل الاقتصاد القديم، فعالم الغد في المملكة العربية السعودية مغاير تماما، حيث لا بد من أن تتوافر فيه تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكار والرقمنة بكل أبعدها الفنية والتقنية، وبالتالي سينعم الإنسان من خلال نظم التقنيات الجديدة بحياة مختلفة تماما عن رتابة الحياة التقليدية المعتادة، حيث يضم هذا المشروع تنوعا ضخما وتنضوي تحت لوائه كبرى الشركات العالمية ليتشكل مزيج مدهش اسمه نيوم على أرض المملكة وتحديدا في الشمال الغربي على ضفاف البحر الأحمر بمد جغرافي كبير، وعلى إطلالة من جبال شاهقة الارتفاع وهذا التنوع بحد ذاته مغنٍ، فالتباينات الجغرافية وتغيرات الطقس بين الاعتدال والحرارة والبرودة طوال فصول السنة كفيلة لإيجاد بيئة مناسبة لأضخم المدن العصرية تستثمر فيها الطاقة البديلة غير الناضبة ونظم المستقبل الأخرى، ما يعنى أن المستقبل الجديد للعالم تتبناه السعودية أو على الأقل تسهم فيه بشكل مباشر وتهدف إلى أن يكون نيوم أحد أهم العواصم الاقتصادية والترفيهية والعلمية العالمية، ومن هنا تشرئب أنظار العالم نحو المملكة لترقب الرواد المفعمين بشغف التقدم والتطور ومحبي الحياة النقية الفارهة المواكبة للتقنية الحديثة وعالم الوسائط المتعددة للمشاركة في صنع الحضارة الرقمية الجديدة ونظرا لما تهدف إليه المملكة من أهداف إستراتيجية في النواحي التنموية والاقتصادية من خلال نظرة إستراتيجية واعدة وبعيدة المدى في الاتجاهين، البعد الزمني وكذا البعد الجغرافي، حيث إن هذين البعدين لهما تداعيات اقتصادية وتنموية على مدى قصير وبعيد للمنطقة والعالم، والمملكة قفزت بتوثب بعد أن رسمت خططا منهجية لمدى بعيد لتفعيل الاقتصاد الجديد، فخلال مرحلة التحول بحثت عن بيئات مناسبة للتنمية الاقتصادية واليوم ها هي في الصدارة لإدراج برنامجها الضخم من خلال مركز نيوم، حيث لا يقتصر نشاطه الاقتصادي على المملكة بل سيطال كل العالم وهذا ليس لجذب المستثمرين فحسب بل إن ما سيقام من مشاريع ستسهم بشكل مباشر ومغاير في التنمية العالمية، فالذي ترمي إليه المملكة هي أن تكون منارة إشعاع في الجوانب التنموية والاقتصادية مستغلة بذلك موقعها الحيوي كمتوسطة بين القارات ووفرة رؤوس الأموال إلى جانب الروح الشبابية المتوثبة كعامل مهم في الاقتصاد الجديد، حيث يشكل رأس المال البشري الثروة الحقيقية للتنمية فإذا أُخذ في الحسبان أن نسبة الشباب هي الغالبية لسكان المملكة فإن ذلك يعطي دافعاً نحو المضي قدما لهذا المشروع الجبار على أقل تقدير في الثلاثة العقود القادمة وهذا هو ما يشكل البعد الزمني لتنمية مستدامة، ولذا تقاطرت كبريات الشركات العالمية للإسهام مع المملكة في صنع وبرمجة حياة العالم الجديدة من خلال الرؤية الطموحة لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -يحفظه الله-، وفيما يتعلق بالبعد الجغرافي وبجدواه الاقتصادية والتنموية كموقع استراتيجي على تخوم البحر الأحمر فإن نيوم سيسهم بشكل مباشر من خلال مراحله المختلفة بدءاً بوضع البنى التحية وحتى بعد استمراره وعلى مر مرحلة الإنتاجية، حيث سيستقطب المشرع أعدادا كبيرة من الأيادي العاملة بمستوياتها المختلفة من فنيين ومهندسين وأطباء وخبراء وتتعدد مهامهم إلى غير ذلك من الإستقطابات وعوامل الجذب، وسيمكن شريحة كبيرة من سكان الدول المجاورة الالتحاق بمشروع نيوم وهذا لا شك سوف يحقق جوانب تنموية واقتصادية في بلدانهم قد لا يراها إلا من ينظر بعين اقتصادية فاحصة، فإذا اعتبرنا أن مشروع نيوم ذو طابع عالمي فإن دول الجوار سوف يطالها جوانب اقتصادية متعددة وفتح مناطق استثمار وحتما هذا التوجه سوف ينعكس بشكل مباشر على تلك البلدان العربية الشقيقة، حيث يتجه إلى خلق نموذج فريد لشرق أوسط جديد كما ينشده ولي العهد، وهذا من شأنه أن يسهم في انخفاض الأسعار نظراً لكسر حاجز الاحتكار واستغلال حاجات الناس الاستهلاكية المرتبطة بوجود صنف واحد أثناء التوزيع الداخلي في تلك البلدان فضلا عن الربط الكهربائي وتصدير فائض الطاقة المتولدة عن عوامل الطبيعية المختلفة لا سيما أن غالب الدول العربية تعاني من كلفة أسعار توليد الطاقة الكهربائية الأمر الذي لا يسمح باستمرار التيار الكهربائي مدار الأربع والعشرين ساعة دون انقطاع وهذا يعني أن الاستثمار في الطاقة البديلة سيحقق منافع جمة ومنها تصدير الفائض بأقل كلفة وربما لاحقا وفي مستقبل قريب سوف تنال دول حوض البحر المتوسط نصيبا وافرا في كل من القارة الإفريقية والقارة الأوروبية من خلال شراكة اقتصادية والتبادل البيني على كافة الصعد، نظرا لقرب الموقع وسهولة الوصول إلى المنتج بسرعة فائقة كما خطط للمشرع العملاق الذي يستحق وبكل جداره وسم (الشرق الأوسط الكبير) وسيعود بعائدات جيدة لتوطين التقنية والتبادل التجاري. أخيراً هذا المشروع سيوسم بعلامة نائرة في جبين العالم وسوف يشكل وميضاً بارقاً في الحضارة الإنسانية التي تتطلع إليها المملكة بهممها العالية والطموحة وذلك من أجل الإنسان السعودي، وكذا الإنسانية جمعا لتحقيق الرفاهية بعصرنة رقمية مواكبة للحياة على مدها الزمني القادم إذا أخذنا بعين الاعتبار تسارع التقنية كونها ستطال كل مجالات الحياة، وكما هي إشارة فارس المشروع في تسارع التقنية وتبايناتها النوعية لكل منتج حينما رفع ما يمثل ذلك التسارع بين هاتفين قديم وحديث وقال: (هذا ما سوف نعمله في داخل نيوم وأن لدينا فرصة أن ننتقل إلى جيل جديد) ودون أدنى شك لدينا الفرصة لنتموضع ضمن العالم في القرية الكونية وما أشار إليه -يحفظه الله- مثال حي وماثل في الوجود بين زمني الاتصال الرقمي والتقليدي، ما يعني أن الحياة في الأعوام القليلة القادمة سنعيش فيها تلك الأبعاد من خلال التقنية الحديثة وفي كل المجالات، وعلينا أن نبدأ فمحطة الانطلاق بدأت بقوة الإرادة السياسية الحكيمة، ليكون نيوم هو القلب النابض لرؤية المملكة 2030 نحو عالم متطور وحديث. إلى لقاء. عوضة بن علي الدوسي