ضمن فعاليات الشريك الأدبي أقيمت في مقهى دفعة 89 أمسية تحت عنوان "المشي والسقوط من الأسطورة إلى الشعر الغنائي" قدمها الدكتور معجب العدواني، وأدارها الأستاذ سعد الأنصاري. تناول العدواني في هذه الأمسية منظورا فلسفيا ربط فيه بين الفعل البسيط للمشي اليومي المعتاد مع نمط تغير الحياة ورحلة التقدم والسقوط، فالخطوة الأولى تحيل إلى السقوط، ولكن الخطوة التي تليها تتمسك بمفهوم الثبات واستقامة المشي واستمراره، وهكذا فعل المشي بين سقوط وتماسك وتوازن، مما يعكس طبيعة الحياة بالمجمل ومسيرة الإنسان الحياتية. كما استحضر الدكتور العدواني الأسطورة الشعبية والشعر الغنائي والفلسفة من خلال إيراد أسطورتين مختلفتين، أسطورة أوديب والمشي حتى السقوط، وأسطورة سيزوف الشقاء الأبدي، ووضع ضمن سياق عام يخدم فكرة الأمسية ويعزز من الرؤى والأفكار المطروحة حول الموضوع المتناول والفكرة التي سعى العدواني لتبسيطها وإيصالها مع بعض المفارقات التي تطلبها طبيعة الطرح وفكرة الموضوع. واستشهد العدواني بنصوص مغناة من إشعار الأمير الراحل بدر بن عبدالمحسن والأمير الراحل محمد العبدالله الفيصل - رحمهما الله - وغيرهما؛ تناولت فكرة المشي وتضمينه في قضايا الشعر. كما أوضح بالمجمل ما يميز الشعر الغنائي عن الشعر القصصي أو الأساطير في كون الشعر الغنائي يعبر مباشرة عن مشاعر المتحدث وأفكاره تعبير ذاتي، وذلك رغم أنه يحول التجربة الذاتية إلى تجربة فنية باستخدام لغة الشعر وهي لغة الإيقاع والتصوير والتركيب وعلاقتهما الارتباطية. وبعد التقديم الشامل الذي عرضه الدكتور العدواني فتح الأستاذ سعد الأنصاري المداخلات التي أثرت الموضوع وسلطة الضوء على جوانب مختلفة للأفكار التي تناولها العدواني أثناء حديثه، وكان من ضمن المداخلين الدكتور خالد خضري والأستاذ أحمد السماري والأستاذ عبدالله الحسني الذي قدم عرضا تنوعت فيه القصائد التي تناولت المشي تصريحا أو بشكل ضمني رمزي، ومن ضمنها قصيدة "لو حبّت النجمة نهر" حيث أشار لمقطع فيها يتعلق بالمشي وهو: أمشي ولا ودّي لو تمسكي يدّي لا ضيع في أمواج البحر ويضيع ميعادي وأردف بنص آخر وهو: وترحل صرختي يا خطوة ما غدت تقوى على الخطوة على همّ السنين ولفت الحسني إلى أن المشي يتجاوز معناه المؤطر الضيّق وأحال إلى كتاب مهم وهو "المشي فلسفة" تأليف فريدريك غرو وترجمة سعيد بوكرامي من أجواء الكتاب يقول المؤلف: "ستكتشف أن المشي لا يتطلَّب أيَّ تعليم، ولا تقنية، ولا مال. يتطلب فقط جسدًا وفضاءً ووقتًا. ستُدرك أنَّ حياةً أُخرى أرحب وأعمق وأغنى، توجد في الجوار، ولا تحتاج فقط إلا إلى الخروج في نزهة ومغادرة الفضاءات المغلقة والضيقة وتكسير قيود البيت والعمل والارتباطات الاجتماعية. ويستمدّ المؤلِّف مظانَّ كتابه من الأدب والتاريخ والفلسفة. وبذلك فهو يُقدِّم أطروحة فلسفية وتعريفًا لفن المشي مُستعيدًا الأسلوب الأصيل للفلسفة التأملية التي ترافق حركة الجسد وتسبر مشاعره تجاه الفكر والطبيعة وكل مصادر النور والإشراق والحياة. ومداخلة الأستاذة بدور المالكي واختتمت الأمسية بمداخلة الدكتورعبدالله العمري التي تناولت الشكل الفلسفي الضمني لبعض الأساطير وتوظيفها في جوانب علمية ومنهجية وأدبية. لقطة جماعية للحضور عقب الأمسية