طرح أحد الأصدقاء تساؤلاً للحاضرين عن أبرز ملامح التغيير التي لمسوها منذ إطلاق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - رؤية 2030، لتنطلق قافلة الآراء ما بين ملاحظ للتقدم التقني الهائل، والتحسن المستمر في مستوى الطرق، ومبادرة السعودية الخضراء والمشاريع العملاقة مثل نيوم والقدية والمربع وغيرها، واستمرت الملاحظات والمشاهدات حتى وصلني طابور الآراء، فكانت إجابتي: «الذائقة البصرية»، لتنطلق خلف هذه الإجابة تساؤلاتهم مطالبين بمعرفة ما وراء هذه الإجابة! والحقيقة وراء هذه الإجابة أن الرؤية لم تقتصر على تحقيق الأرقام فقط، بل أصبحنا نشاهد انعكاساتها واضحة في كل شارع وزاوية، فقد صنعت بصمة جمالية ملفتة، وتجلت بكل وضوح في الذائقة البصرية حولنا، حيث ألقت هذه القوة التحولية للرؤية بظلالها على المشاريع التجارية والمشاريع العقارية والبيئة العامة، فجمالية المشاريع والأفكار الجديدة للرؤية دفعت الشركات والمؤسسات وحتى الأفراد إلى مواكبة هذا الإبداع لإرضاء الذائقة السعودية المتجددة التي استلهمتها من روح رؤية 2030، حتى أنه لم يعد كافياً أن تفتح مشروعاً تجارياً في مكان مميز لترضي عملائك، بل أصبح من المهم أن تراعي جوانب الابتكار البصرية والإضاءة في التصميم، وهذا ما نشاهده اليوم واقعاً مع كل مشروع جديد يتم افتتاحه في المملكة عموماً وفي الرياض خصوصاً، ففي المشاريع العقارية على سبيل المثال، رفعت المشاريع الكبرى مثل «روشن» من معيار الجودة والابتكار والأنسنة في التصميم، وجعلت بقية المطورين العقاريين يرفعون من مستوى الابتكار في التطوير العقاري لمواكبة طموح المستفيدين. ولأن المملكة العربية السعودية تهدف أن تكون وجهة عالمية، وتستعد لاستضافة أحداث عالمية ضخمة أبرزها معرض إكسبو وكأس العالم، تظهر أهمية ما يسمى ب»رحلة العميل» والتي ربما نطلق عليها هنا «رحلة السائح»، وهو مساره منذ إطلالته على الرياض من نافذة الطائرة قبل هبوطها وحتى المغادرة، حيث تمثل هذه الرحلة فرصة لاستثمار المكاسب السريعة في تحسين التجربة البصرية من خلال توظيف الابتكار التصميمي والجمال والإضاءة المبتكرة جنباً إلى جنب مع النواحي الوظيفية ومعايير الاستدامة والأنسنة والتنوع البيولوجي والهوية الثقافية، وذلك في كل زاوية يمر بها، ليعيش تجربة لا تنسى، فالسائح يسمع قبل وصوله عن التطورات وقد يقرأ الأرقام والمنجزات، لكن دهشة المنظر وتفاصيل الجمال وروح المكان المستمد من تاريخه وثقافته هي المحكّ في تجربته، وهذه التفاصيل الجمالية تضمن له تجربةً ثرية بشكل «محسوس» تنقلها عدسته للعالم أجمع عبر منصات التواصل. إن «مؤشر الذائقة البصرية» إن صح التعبير في طريقه ليمثل بصمة عالمية في الهوية البصرية السعودية، فقد زاد الطموح والتفاؤل مع عمل الهيئات الملكية للمدن على اعتماد هوية معمارية وطراز مميز لكل مدينة، يستلهم جوهره من الهوية السعودية والميز التاريخية والثقافية لكل مدينة، ليؤسس للمشاريع الخاصة والتجارية والسكنية مساحة للإبداع ضمن نطاق هوية المدينة، ويحد من التشوهات التي تفصل هذه المشاريع عن محيط المدينة وطرازها المعماري. كل هذه التفاصيل التي تصاحب تحولات المشهد هي جزء من رحلة بلادنا المستمرة نحو الريادة العالمية، برؤية استثنائية صنعت هذا الإلهام، عرابها سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مسيرتها قائمة على سواعد أبناء وبنات هذا الوطن، لتمثل دليلًا ملموسًا على أمة تعيش في خضم التحول، شعارها البداية من حيث انتهى العالم، ونهجها قائم على الإبداع والابتكار. * مستشار تطوير أعمال، باحث دكتوراه في الاتصال التسويقي
