توحيد جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة تغير المناخ يمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجيتها الشاملة للحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، تأتي هذه الجهود في سياق الاهتمام المتزايد بتحديات التغير المناخي وأثرها على الاقتصاد والبيئة والصحة العامة، تعتبر المملكة من بين أكبر منتجي النفط في العالم، ومن هنا فإن دورها في تقليل الانبعاثات الكربونية يلعب دورًا مهمًا في الساحة العالمية. تعمل المملكة على تعزيز الاستدامة في قطاع الطاقة من خلال التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، مثل: الطاقة الشمسية والرياح، والاستثمار في تطوير التكنولوجيا النظيفة. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة إلى تحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية والمنازل، من خلال تطبيق أنظمة وتقنيات جديدة للحد من الانبعاثات وتوفير الموارد. من خلال مبادرات مثل "رؤية المملكة 2030"، تسعى السعودية إلى تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة تأخذ بعين الاعتبار الحفاظ على البيئة والحد من التلوث. واحدة من الخطوات الرئيسة في هذا السياق هي غرس الملايين من الأشجار لتعزيز التنوع البيولوجي واستيعاب الانبعاثات الكربونية. تلعب المملكة دورًا نشطًا في المشاركة في المؤتمرات الدولية حول تغير المناخ، حيث تعمل على تبادل المعرفة والتجارب مع الدول الأخرى وتعزيز التعاون الدولي لتحقيق أهداف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بتغير المناخ. بالإضافة إلى الجهود الحكومية، تلعب الشركات والمؤسسات الخاصة دورًا مهمًا في دعم مبادرات الاستدامة وتطوير تقنيات جديدة للحد من الانبعاثات. يتمثل التحدي الرئيس أمام المملكة في تحقيق توازن بين تحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، وهو تحدٍ يتطلب جهوداً مستمرة وتعاوناً دولياً لمواجهة تحديات تغير المناخ والحفاظ على كوكب الأرض للأجيال القادمة. شهدت تقنية الاستمطار نمواً وتطوراً ملحوظين في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت جزءاً أساسياً من استراتيجية البلاد لتحقيق الأمن المائي وزيادة الإنتاج الزراعي في ظل التحديات المائية المتزايدة. تعتمد عمليات الاستمطار في المملكة على تقنيات حديثة تشمل تجميع البخار وتحويله إلى ماء، سواء من خلال أنظمة تجميع الندى أو استخدام محطات الاستمطار الضبابي. تمتلك السعودية مشروعات كبيرة للاستمطار، وتعتبر المناطق الجبلية في جنوب غرب البلاد، مثل: منطقة عسير والطائف، مناطق مثالية لهذه التقنية بسبب وفرة الضباب في تلك المناطق. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام تقنيات الاستمطار في بعض المزارع والمناطق الصحراوية لتحسين ظروف الغرس وزيادة الإنتاجية الزراعية. تمثل التقنيات المتقدمة للاستمطار جزءًا مهمًا من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستدامة البيئية وتحقيق الأمن الغذائي في المملكة، وتعكس التزام السعودية بتبني التقنيات الحديثة والمستدامة لمواجهة التحديات البيئية والمائية. ومن المهم أن نذكر مبادرة السعودية الخضراء وهي مبادرة شاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة في المملكة العربية السعودية. تم الإعلان عن هذه المبادرة في مارس 2021، وتعتبر جزءًا من رؤية المملكة 2030 لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة وتنويع مصادر الدخل. تشمل مشاريع مبادرة السعودية الخضراء العديد من المجالات، من بينها: 1. الطاقة المتجددة: تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتوليد الكهرباء بشكل نظيف ومستدام، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويقلل من انبعاثات الكربون. 2. الغرس المستدامة: دعم تطوير الغرس المستدامة والفعالة في استخدام الموارد المائية والتقنيات الحديثة، وتحقيق الأمن الغذائي وتعزيز الإنتاجية الزراعية. 3. التحول الرقمي: تعزيز استخدام التقنيات الرقمية والذكاء الصناعي في مختلف القطاعات لتحسين الكفاءة وتقليل الاستهلاك الزائد للموارد الطبيعية. 4. الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي: حماية البيئة الطبيعية والتنوع البيولوجي من خلال مشاريع للحفاظ على المناطق الطبيعية وتوعية المجتمع بأهمية الحفاظ عليها. 5. تعزيز الاستدامة في القطاعات الصناعية: تشجيع الصناعات على اعتماد ممارسات صديقة للبيئة وتطوير تقنيات لتقليل الانبعاثات الضارة. قامت المملكة بجهود كبيرة ومتعددة في مجال تغيير المناخ والحفاظ على البيئة وتعزيز القطاع الزراعي، من بين أبرز هذه الجهود: 1. الاستثمار في الطاقة المتجددة: قامت المملكة بتوسيع قاعدة الطاقة المتجددة بشكل كبير، وذلك من خلال مشاريع ضخمة في مجال الطاقة الشمسية والرياح. هذه المشاريع تهدف إلى توليد الكهرباء بشكل نظيف وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري. 2. تحسين كفاءة استخدام الطاقة: قامت المملكة باتخاذ إجراءات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والسكنية، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية. 3. غرس الملايين من الأشجار: تقوم المملكة ببرامج واسعة لغرس الملايين من الأشجار، وذلك للمساهمة في استيعاب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتعزيز التنوع البيولوجي. 4. المشاركة في المؤتمرات الدولية لتغير المناخ: تلعب المملكة دوراً فاعلاً في المؤتمرات والمفاوضات الدولية حول تغير المناخ، حيث تعمل على تعزيز التعاون الدولي وتبادل المعرفة والتجارب في هذا المجال. 5. تحسين جودة الهواء والمياه: تضمنت جهود المملكة تنفيذ برامج للحفاظ على جودة الهواء والمياه، وتقليل التلوث البيئي من خلال تطبيق معايير صارمة للصناعات ومراقبة الانبعاثات. تلك هي بعض الجهود التي قامت بها المملكة العربية السعودية في مجال تغيير المناخ والحفاظ على البيئة وتعزيز القطاع الزراعي، وتظل مستمرة في العمل على تطوير وتعزيز هذه الجهود من أجل مستقبل أفضل للمواطنين والبيئة. مبادرة السعودية الخضراء تعتبر خطوة مهمة نحو تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية في المملكة، وتعكس التزام السعودية بالمساهمة في جهود مكافحة تغير المناخ والحد من التلوث البيئي على الصعيدين الوطني والعالمي. إلى جانب المشاريع المذكورة، تشمل مبادرة السعودية الخضراء أيضًا جهود لتحسين جودة الهواء وإدارة النفايات بشكل فعال، من خلال تنفيذ مبادرات لتقليل انبعاثات الملوثات الهوائية وتعزيز عمليات إعادة التدوير والتحلل الحيوي للنفايات. كما تركز المبادرة على دعم البحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مجالات الطاقة النظيفة والغرس المستدامة وتحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية. تعزز هذه الجهود الابتكار وتشجع على تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية والمحافظة على البيئة بشكل شامل. بالإضافة إلى ذلك، تشمل مبادرة السعودية الخضراء العديد من البرامج التوعوية والتثقيفية لرفع الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وتشجيع المجتمع على اتخاذ إجراءات للمساهمة في الحفاظ على البيئة وتحسين جودة الحياة. وقال عبد السلام السلمان عضو مؤسس جمعية آفاق خضراء وعضو مؤسس جمعية سدير الخضراء، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية سدير الخضراء في الدورة الأولى: إن جهود المملكة في مجال مكافحة التغير المناخي والاحترار العالمي جهود كبيرة وعظيمة جدا، بل إنها تعتبر جهوداً غير مسبوقة، حيث أعلن سمو ولي العهد -حفظه الله- عن مبادرة غرس 10 مليار شجرة محلياً و50 مليار شجرة بالشرق الأوسط، وقد بدأت نتائج هذه المبادرة تتضح من بدايتها حيث انخفضت معدلات العواصف الغبارية بشكل ملحوظ جداً وبدأت تتغير معالم السعودية فضائياً من خلال وضوح رقعة المساحة الخضراء التي تمثل الغطاء النباتي، ومما يبهج الخاطر هو تعاون المواطن في كافة أرجاء مملكتنا الغالية من خلال تأسيس العشرات من الجمعيات البيئية والتي تعتبر ذراعاً عملياً في عمليات التشجير والتثقيف البيئي. وعد طارق بن إبراهيم الحسين رئيس رابطة تبوك الخضراء والممثل الإقليمي للجمعيات البيئية بوكالة التنمية المستدامة في وزارة الاقتصاد والتخطيط، التأثير الاقتصادي والاجتماعي لمشروع السعودية الخضراء أبرز النجاحات التي بدأت ملامحها ترى النور حيث تنمية الغطاء النباتي قاعدة الهرم البيئي يشكل أساسيات في الاقتصاد الأخضر عبر الاستثمار في منتجات الأشجار البرية الغذائية والصناعية مع تعدد يحدث في مواسم المراعي للنحل الذي يعد أهم الملقحات وأساس حفظ التنوع البيولوجي والاستخدام المستدام لمكوناته كعناصر مهمة في مبادرة المملكة للحفاظ على التنوع البيولوجي CBD ما يكفل تحقيق الاستدامة البيئية وما ستوفره الأشجار المحلية عند إدخالها بمشاريع التشجير داخل النطاقات العمرانية من تحسين مستويات تنقية الأجواء والحد من التلوث البيئي من خفض للغازات الدفيئة وتوفير الظلال وحسين المشهد المنظر في الميادين العامة والطرق الرئيسة والشوارع ما يسهم يتغير الحالة الصحية والنفسية للسكان وتسهم في تحقيق كفاءة استهلاك الطاقة وزيادة العمر الافتراضي للأجهزة والمعدات والأدوات نتيجة انخفاض درجات الحرارة في مناطق الظلال مع دورها المحوري في تحقيق جودة الحياة ونحن نشاهد الحالة المزاجية وكيف تتغير بمجرد وجود شجرة، والجميع -بفضل الله- لاحظ نتائج جهود حكومتنا الرشيدة في بداية التحسن في الغطاء النباتي وما صاحبها من أعمال بيئية قام بها المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية مع وقف التجاوزات السلبية ذات الأضرار بالمكونات الأحيائية للمحيط البيئي. أما من حيث الاستثمارات للمملكة في الطاقة المتجددة، تعد ركيزة في المسار البيئي للرؤية المستقبلية للمملكة 2030 وأهدافها البيئة وخفض الانبعاثات الكربونية لعل من أولها مشروع الطاقة المتجددة بمحافظة دومة الجندل بمنطقة الجوف، وهناك العديد من المشاريع ضمن مبادرة السعودية الخضراء التي بدأت بالفعل من عام 2021م ليكون لدينا الآن "زيادة السعة الإجمالية لمشاريع الطاقة المتجددة إلى 2.8 جيجاوات توليد طاقة كهربائية تكفي لأكثر من 520 ألف منزل وهناك عدد من مشاريع الطاقة المتجددة قيد الإنشاء بسعة 8.4 جيجاوات، بالإضافة إلى مشاريع بسعة 3.3 جيجاوات في مراحل مختلفة من التطوير، ستسهم في توليد طاقة كهربائية تكفي لاحتياجات 2 مليون منزل". وفيما يتعلق بتأثير الاستمطار على تحسين الأمن الغدائي والزراعي وتحسين المناخ، فهو لا يعدو كونه أحاديث لا تستند لأسس علمية أو معايير عملية متحققة فلا يوجد أي تأثير كون الاستمطار ذو محدودية زمانية ومكانية ولا يمكن تغطية أجواء المملكة حتى وإن كانت مئات من الطائرات وهي تجارب يتم إجرائها الآن عبر 4 طائرات فقط ولا يمكن الاعتداد بها في جوانب ضمان أو حتى ضمان الأمن الغذائي وتحسن المُناخ. وبدورها قالت نوال البلوي من رابطة تبوك الخضراء: إن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر تقدم خارطة طريق طموحة وواضحة لتسريع العمل المناخي الإقليمي والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية والآثار الاقتصادية الخطيرة التي تسببها قلة الأمطار من خلال عدة مبادرات، منها مبادرة البرنامج الإقليمي لاستمطار السحب، وهي تقنية لزيادة كمية ونوعية الأمطار من خلال بذر مواد دقيقة صديقة للبيئة في أماكن محددة وبنسب معينة بتقنيات حديثة عن طريق (الطائرات، المولدات الأرضية، الدرونز) يقوم فيها مجموعة من الخبراء يشاركهم نخبة من العلماء السعوديين، في خمسة مناطق في السعودية منها: الرياض والقصيم وحائل وعسير. إن برنامج الاستمطار ليس ترفًا إنما هو حل لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري ومكافحة التصحر والتخفيف من آثار العواصف الترابية التي تقدر التكلفة الاقتصادية لها إلى أكثر من 13 مليار دولار سنوياً في منطقة الشرق الأوسط، لجأت إليه كثير من الدول ومنها السعودية التي قلّ فيها معدل الأمطار خلال 5 سنوات من 100 ملم إلى 80 ملم. يتمثل إسهام مبادرة الاستمطار الصناعي هذا في تحقيق أهداف مبادرة الشرق الأوسط الأخضر من خلال زيادة هطول الأمطار من 10 إلى 20 ٪ من النسبة الأصلية، وتحقيق الاستدامة البيئة. المملكة تمتلك كنزاً مائياً من السحب التي تمر عليها وخاصة على منطقة عسير التي تمر حالياً في فترات جفاف وبسبب قصور في العوامل الفيزيائية مما يؤدي لعدم سقوط الأمطار. ولكن بعد بذر السحب ارتفع معدل الأمطار إلى 4 مليارات متر مكعب في المملكة، إن الإجراءات المتخذة تحت مظلة المبادرة تساعد في إحداث أثر إيجابي على البيئة، بالإضافة إلى تعزيز التنويع الاقتصادي، وتوفير فرص العمل وبناء القدرات البشرية وتأكيد تأثيرها على البيئة المحيطة. إن التثقيف المستمر في وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الرسمية مع وجود حكومة فاعلة، تعمل بشفافية ومسؤولية، وتشجع المجتمع بجميع فئاته من مواطنين وقطاع خاص وقطاع غير ربحي على القيام بدورهم، وأخذ زمام المبادرة ساعد في تكوين رؤية واضحة لإفرادها التي تمضي بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحاتها المناخية الوطنية فيما يتوافق مع رؤية 2030. في دراسة قامت بها جامعة الملك سعود عام 2022 ونشرت في مجلة البحوث الإعلامية، توصلت إلى أن 67 ٪ من الشعب السعودي يتابع التغطية الإخبارية لمشروع الاستمطار في المملكة العربية السعودية مع وجود علاقة إيجابية تجاه المشروع. "إن العمل لمكافحة التغير المناخي يعزز القدرة التنافسية ويطلق الملايين من الوظائف، ويطالب اليوم الجيل الصاعد في المملكة وفي العالم بمستقبل أنظف وأكثر استدامة، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك" صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. وتطرقت ليلى عبدالله المهتمة في مجال الغرس إلى جهود المملكة ومبادراتها في تحقيق التنمية المستدامة في البيئة، قائلة: "لا يخفى علينا جهود مملكتنا الحبيبة في أي مجال للازدهار والنمو خاصة في مجال الزراعة واستعادة مساحاتها الطبيعية الخضراء وحماية مواطنيها وأجيالها القادمة حيث تبنت مبادرة السعودية الخضراء تشجير ما يقارب 10 مليارات شجرة في جميع أنحاء المملكة ودعمت الحكومة قروضاً بدون فوائد للمزارعين وأطلقت العديد من البرامج لدعمهم كريف ومنصة مزارع كلها في سبيل أرض مملكتنا وغيرها الكثير وما حققته على مدار الأعوام يثبت لنا أن حلم رؤية المملكة 2030 واضح، الشكر لله ثم لحكومتنا الرشيدة". باختصار، تمثل مبادرة السعودية الخضراء جهداً متكاملاً وشاملاً لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة في المملكة العربية السعودية، من خلال مجموعة متنوعة من المشاريع والبرامج التي تغطي مختلف الجوانب البيئية والاقتصادية والاجتماعية. طارق الحسين