شارك الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب امس الأربعاء في أول تجمّعين انتخابيين منذ بدء محاكمته في نيويورك قبل حوالى أسبوعين، مغتنماً استراحة قصيرة من جلسات الاستماع للتوجّه إلى ولايتي ويسكونسن وميشيغان. وستشهد ويسكونسن الواقعة في شمال البلاد إحدى أهم المنافسات مع الرئيس الديموقراطي جو بايدن، خلال الانتخابات الرئاسية التي ستجري في الخامس من نوفمبر. بعد ذلك، شارك دونالد ترمب في التجمّع الثاني الذي تمّ تنظيمه على مدرج مطار ميشيغان . ويتيح هذا النوع من الفعاليات للمرشّح الجمهوري، الهبوط مباشرة على المدرج بطائرته الشخصية بينما يتمّ تشغيل موسيقى ذات إيقاع وطني قبل بدء الحدث، الأمر الذي يحبّذه مناصروه. ووفق فريق حملة ترمب، فإنّ هذين اللقاءين الانتخابيين يحملان فرصاً مهمّة تتيح لترمب "إلقاء الضوء على التناقض" بين ولايته الأولى "والرئاسة الفاشلة" لمنافسه الديموقراطي. كما يسمحان للرئيس السابق بأن يتحرّك بحرية بعيداً عن محكمة مانهاتن، حيث يحاكم منذ أسبوعين في قضية دفع مبالغ مالية لنجمة أفلام غير شرعية مقابل شراء صمتها بشأن علاقة خارج إطار الزواج. من المؤكد أنّ محاكمة ترمب تاريخية، رغم أنّ دخول وخروج الرجل السبعيني من قاعة المحكمة صار أمراً مألوفا. غير أنّ ذلك لم يمنع المرّشح الجمهوري من أن يبدأ كلّ جلسة استماع ويختمها بتصريحات مباشرة، يبدي خلالها انزعاجه عند استحضاره انتكاساته القانونية والوضع الاقتصادي في الولاياتالمتحدة وعيد ميلاد زوجته ودرجة حرارة غرفة المحاكمة "الجليدية" على حدّ تعبيره. بعد ذلك، يدخل رجل المنابر المعروف بتصريحاته اللاذعة قاعة المحاكمة عبر باب زجاجي محاط بحواجز معدنية، حيث يُضطر إلى الامتناع عن إبداء أيّ مشاعر أو عاطفة. ويبدو أحياناً كأنه يشعر بالملل، في مواجهة الشهود، ليصل به الأمر إلى أن يغفو في بعض الأوقات. في هذه الأثناء، بدأت تظهر بعض التصدّعات في محيطه الذي كان متّحداً في السابق، إذ لم يحضر سوى ابنه إريك ليدعمه في المحكمة. ويقول المتخصّص في علم السياسة لاري ساباتو، إنّ ترمب "يكره أن يكون في المحكمة، حيث يصبح مجرّد متهم بين متهمين آخرين"، مشيراً إلى أنّه هناك "لا يسيطر على الأمور"، وهو ما لا ينفكّ يذكّره به القاضي خوان ميرشان. من جهة أخرى، كانت لانتكاسات الملياردير فائدة كبيرة لفريق حملة جو بايدن الذي بات يُطلق على الجمهوري لقب "دون النائم"، في ردّ على فريق ترمب الذي كان يطلق على منافسه الديموقراطي لقب "جو النائم". ويأتي ذلك بينما تتزامن هذه المحكمة مع تقدّم بايدن في استطلاعات الرأي منذ مارس، وتقارب نتائج المرشحين. غير أنّ دونالد ترمب وأنصاره يأملون في الاستفادة من الاهتمام الإعلامي المحيط بمحاكمته الجنائية، مستندين إلى واقع أنّها توفّر له منصّة واسعة لحملته الانتخابية. ومن هذا المنطلق، يتوجّه الجمهوري إلى ويسكونسن وميشيغان الأربعاء، متسلّحاً بهذه الفكرة. فمنذ بدء محاكمته، لم ينظّم دونالد ترمب أياً من تجمّعاته الرمزية المعروفة، في حين تمّ إلغاء التجمّع الوحيد الذي كان يخطّط له بسبب الطقس. ومن المعروف أنّ دونالد ترمب (77 عاماً) يستمدّ طاقته من لقاءاته الحاشدة. فعندما يتواجد على المنصّة يبدأ في إلقاء خطابات لاذعة، ويؤدّي حركات يحبّذها مؤيدوه، منها رمي قبعاته الحمراء الشهيرة على الجمهور. وخلال إحدى هذه المناسبات، سخر ترمب من عمر منافسه على الرغم من أنّ أربع سنوات فقط تفصل بينهما، كما قلّد جو بايدن المنهك والمضطرب وغير القادر على النزول عن المسرح. وتعدّ هذه طريقة "ترمب المتهم"، للتذكير بأنّ منافسه يواجه أيضاً نصيبه من الصعوبات وإن كانت مرتبطة بكبَر سنّه. إلى ذلك فرض قاض على دونالد ترمب الثلاثاء غرامة مالية قدرها تسعة آلاف دولار لانتهاكه أمراً قضائياً يمنعه من توجيه انتقادات علنية لشهود ومحلّفين في إطار محاكمته بقضية جنائية في نيويورك، محذّراً إيّاه من أنّه إذا كرّر ازدراءه للمحكمة فقد يضطر لسجنه. وجاء في نص القرار الذي أصدره القاضي خوان ميرتشان أنه "تم تحذير" دونالد ترمب "من أن المحكمة لن تتسامح مع استمرار الانتهاكات المتعمدة لأوامرها، وأنها إذا لزم الأمر وكان مناسباً، ستفرض عقوبة بالسجن". ومع دخول جلسات المحاكمة أسبوعها الثالث، فرض القاضي على ترمب الذي كان حاضراً في القاعة غرامة قدرها ألف دولار عن كلّ من الانتهاكات التسعة التي أدين بها، وهو الحدّ الأقصى الذي يسمح به القانون. ولم يستبعد دونالد ترمب احتمال وقوع أعمال عنف من جانب مؤيديه إذا لم ينجح في الانتخابات ، بحسب ما نقلته شبكة (سي إن إن). وقال ترمب، خلال مقابلة مع مجلة "تايم" الأمريكية نشرت الثلاثاء: "أعتقد أننا سنفوز، وإذا لم نفز، كما تعلمون، فالأمر يعتمد دائما على نزاهة الانتخابات". وقلل ترمب خلال المقابلة، التي جرت خلال جلستين في وقت سابق من هذا الشهر، في البداية من احتمال وقوع أعمال عنف مماثلة للهجوم الذي وقع في 6 كانون الثاني/ يناير2021 على مبنى الكابيتول، بحسب (سي إن إن). وكان ترمب جمع أنصاره في واشنطن قبل الهجوم، بعد هزيمته في الانتخابات التي أجريت 2020، قبل الهجوم، ثم رفض في البداية دعوتهم إلى مغادرة مبنى الكابيتول. وخلال المقابلة قال: "أعتقد أننا سنحقق نصرا كبيرا ولن يكون هناك عنف"، لكن عندما ضغطت المجلة عليه في مقابلة هاتفية لاحقة، كان ترامب أقل تحديدا بشأن المستقبل، وبدلا من ذلك، واصل الترويج ل"مؤامرات كاذبة" في انتخابات 2020، والتي قال إنها أثارت الغوغاء العنيفين، وقال: "لا أعتقد أنهم سيكونون قادرين على القيام بالأشياء التي فعلوها في المرة الأخيرة". وطوال حياته السياسية، رفض ترمب بانتظام قبول نتائج الانتخابات أو الإقرار بالهزيمة، وبعد حصوله على المركز الثاني في ولاية أيوا في عام 2016 خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، اتهم ترامب سيناتور تكساس تيد كروز بالاحتيال ودعا إلى انتخابات جديدة، وفقا ل (سي إن إن). وفي مقابلته، أكد ترمب أيضا على وعده بالعفو عن مئات الأشخاص المحكوم عليهم لارتكابهم جرائم ارتكبت في هجوم الكابيتول، ووصف ترمب هؤلاء الأفراد بأنهم "رهائن"، على الرغم من أن العديد منهم أقروا بالذنب في جرائم عنيفة أو أدانتهم هيئات المحلفين. وخلال حديث حول هذه القضية، سألته مجلة "تايم": "هل تفكر في العفو عنهم؟"، ورد ترامب: "سأفكر في ذلك، نعم بالتأكيد".