اطلعت على ما كتبته أ. د. فتحية حسين عقاب، أستاذة التاريخ القديم للجزيرة العربية بجامعة الملك سعود - قسم التاريخ تحت عنوان (الكتاب مدونة البشرية وقنطرة الحضارة)، وذلك في عدد الرياض رقم 20394 بتاريخ 16 شوال 1445 هجرية، حيث تطرقت الكاتبة حول ما تقاس به الأمم والشعوب والمجتمعات من خلال ما تقدمه بحضارتها من علوم ومعارف وآداب وفنون وخبرات وتجارب وما تنتجه من مصادر ومؤلفات وكتب، وكلما زاد معدل إنتاج الكتّاب والمؤلفين ودور النشر زاد الناتج العلمي والفكري والثقافي والحضاري والاقتصادي للمجتمع. كما تطرقت الكاتبة الكريمة إلى تطور هذه المنظومة لتصبح سلسلة دولية مرتبطة بمنظمات عالمية تُعنى بتسجيل وحفظ هذا المخزون الثقافي والعلمي ووضع مرجعيات بحثية وعلمية مسجلة في المكتبات العالمية التي تقوم برصد تلك الكتب والبحوث في سجلاتها الدولية التي يمكن الرجوع لها وحفظ حقوق أصحابها. وحيث إني أحد قراء هذه الصحيفة المتميزة بالانتقاء والطرح المميز فقد رأيت أن أتحدث حول هذا الموضوع باختصار وهو أن الكتاب سيظل متماسكاً ومدافعاً عن نفسه رغم كل الظروف المحيطة به بعد ظهور الأجهزة الذكية التي بدأت تسحب البساط من تحته لكنه ظل متماسكاً قوياً ظاهراً للناس وأثبت توازنه وثباته رغم كل هذه الظروف، والدليل على ذلك عندما نسمع بمعارض الكتب التي يتم الإعلان عنها بين فترة وأخرى فتجد في موقع المعرض إقبالاً وزحاماً شديداً من الناس على اختلاف فئاتهم وأعمارهم وجنسياتهم رغم توسع تلك المعارض في كل عام. يظل الكتاب العنصر المهم للقراء لأنه يصاحبك أينما كنت وتحمله معك أنيساً وصاحباً كما قال الجاحظ في وصف الكتاب: (الكتاب نعم الذخر والعقدة، ونعم الجليس والعدة، ونعم النشرة والنزهة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم الأنيس لساعة). وقال الشاعر المتنبي: أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب ومهما تدخلت التقنيات الحديثة في حجب الكتاب فإنها لن تستطيع إلى ذلك سبيلاً، وأسوق على ذلك عدة شواهد وأمثلة منها: أولاً: تجد الكتاب في يد أغلب المسافرين على الرحلات الطويلة. ثانياً: في صالات الانتظار في معظم الدول تجد الكتاب بين يدي المنتظرين وهم لا يرفعون رؤوسهم عنه. ثالثاً: المكتبات المنتشرة في معظم الأحياء بعدما كانت محصورة في وسط المدينة فقط نجدها الآن في الشوارع الرئيسة، وكذلك دور النشر. رابعاً: المراجع في الكتب تم وضعها من خلال المتصفح بصورتها الأصلية من الورق من خلال الأجهزة الذكية، وأنا من الذين يعشقون تصفح الورق وخاصة صحيفة «الرياض» رغم من يستغرب مني ذلك، ثم بعد فترة يسألني عن موضوع معين ويقول لعلك ترسل لي صورة من موضوع كذا وكذا في النسخة الورقية، ثم أقول له ابحث عنها في النسخة الإلكترونية، ولكنه يرد بقوله: الورقية أفضل وأوضح، هكذا هو الورق، وهكذا هو الكتاب، فهو الموروث الثقافي والمجتمعي والعلمي، وهو تاريخ الدول والحضارات المتعاقبة. شكراً للكاتبة الكريمة وشكراً لصحيفة «الرياض» على هذه الصفحة الشيقة التي نطالعها كل يوم في ثوب جديد وتألق مستمر.