القيادة الأميركية تحت قبة الكونغرس تضع النقاط على الحروف وتكشف عن حقيقة موقفها من الصراع في أوكرانيا، والذي كان في السابق مشوشا ومتأرجحا. خلال الأسبوع الماضي وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع قانون يسمح بنقل الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا، ومن الممكن أن تتلقى أوكرانيا ما يقرب من 8 مليارات دولار بموجب هذا الإجراء. يعد هذا إنجازًا كبيرًا لأوكرانيا، وقد يمهد الطريق لمطالبة بقية الحلفاء لفعل الشيء نفسه، وبحسب المراقبين يمثل هذا القرار منعطفًا تاريخيًا في الصراع الروسي الأوكراني ونقطة تحول في قواعد المواجهة بين الدول العظمى يعتبره كثير من الخبراء خطًا أحمر يجب عدم تجاوزه، وفي هذا السياق كتب السياسي المخضرم كريستوفر كالدويل مقالًا افتتاحيًا في صحيفة نيويورك تايمز، قال فيه: "إن مصادرة الأموال الروسية "فكرة سيئة" لأن الدول الأخرى قد تتوقف عن الاستثمار في الولاياتالمتحدة، مما قد يؤثر سلبًا على الاقتصاد على المدى الطويل". وهذا يؤكد بأن القيادة الأميركية عازمة على قلب الموازين داخل الصراع الروسي الأوكراني مهما كلف الأمر. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحكومته استثمروا بكثافة في اليورو والدولار على مر السنين للحفاظ على استقرار الروبل، وتقدر قيمة تلك الاستثمارات نحو 300 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية. في أوائل عام 2022، بعد بدء الصراع الروسي الأوكراني، اجتمعت جميع دول مجموعة السبع (G7) بما في ذلك الولاياتالمتحدة والمملكة المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان معًا وجمدت كل الاموال التي تقدر ب300 مليار دولار من العملات الأجنبية الروسية.واشنطن بقيادة الكونغرس لم تتوقف عند هذا الحد فقط -بالرغم من حدة الاستقطاب بين الحزبين في واشنطن- بل إن كلا الطرفين اجتماعا تحت راية واحدة ضد روسيا لتبني مشروع قانون تقديم المساعدات لأوكرانيا، والذي يوفر مبلغ 60.84 مليار دولار لمعالجة الصراع فيها، بما في ذلك 23 مليار دولار لتجديد الأسلحة والمخزونات والمرافق الأميركية. كان هذا التطور الكبير في الأحداث والدعم السخي لحكومة كييف مصدر ابتهاج للرئيس زيلينسكي الذي قال بكل ثقة: "بعد الدعم الأميركي سأضع نهاية لحرب روسيا". يتوقع المراقبون أن تساهم خطوة القيادة الأميركية المتعلقة بنقل الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا في تشجيع جميع أعضاء مجموعة السبع نحو اتخاذ نفس الخطوة وقد أبدت المملكة المتحدة استعدادها لمثل هذا الموقف.القيادة الروسية أمام خيارت صعبة وحرب الاستنزاف دخلت مرحلة خطيرة وغير مسبوقة تتطلب من موسكو إعادة تقدير المرحلة المقبلة من عمر المواجهة مع أوكرانيا، هذه المواجهة التي كانت من بدايتها تسودها الأحداث المتصاعدة نحو تضييق الخناق على روسيا من قبل الغرب.