يحتفل المجتمع الدولي بفعاليات يوم التراث العالمي وهو 18 أبريل من كل عام بعد أن أقرته منظمة اليونسكو في المؤتمر العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم في باريس 1972م، وبهذه المناسبة تحتفي هيئة التراث السعودية في هذا اليوم بفعاليات تراثية وثقافية متنوعة في الرياض انطلاقاً من استراتيجيتها الوطنية في حماية وصون التراث المادي وغير المادي تحقيقاً لأهداف رؤية 2030، فالمملكة العربية السعودية تزخر بكنوز متعددة ومتنوعة ذات أبعاد حضارية تعكس عمق الهوية الوطنية وتساهم في إثراء جوانب متعددة في المجتمع السعودي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، حيث ترتكز على عمقها التاريخي الذي يعود لأكثر من مليون سنة، وهو ما تؤكده الشواهد الأثرية والتراثية المنتشرة في أرجاء مملكتنا الحبيبة إثر قيام ممالك ودول أسهمت في مسيرة الحضارة الإنسانية، وهذا الموروث الحضاري لا يمكن أن يظل حبيس الماضي وذكراه، بل تعد حمايته والحفاظ عليه في الحاضر والمستقبل قيّمة مضافة للاقتصاد الوطني لعدة أسباب: 1- السياحة: فالتراث الثقافي يعتبر وجهة جذب سياحية، يقصده السياح من جميع أنحاء العالم لاستكشاف المواقع التاريخية والمعالم الثقافية الفريدة. يعمل السياح على تحفيز النشاط الاقتصادي في المنطقة من خلال الإقامة في الفنادق، وتناول الطعام والتسوق واستئجار السيارات، وشراء الهدايا والسلع التذكارية. 2- الوظائف والنمو الاقتصادي: يؤدي الحفاظ على التراث الثقافي إلى إنشاء فرص عمل وتوفير دخل للسكان المحليين؛ فعندما يتم استثمار التراث الثقافي وتطويره، يكون هناك حاجة إلى العديد من الأشخاص المهرة في مجالات مثل الحرف اليدوية التقليدية، وتقديم الأطعمة والرقصات والأهازيج الشعبية، والترجمة، والتوجيه السياحي، وترميم المعالم التاريخية. يمكن أن تؤدي زيادة الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بالتراث الثقافي إلى نمو الاقتصاد المحلي وتعزيز فرص العمل. 3 - التنمية المستدامة: يمكن أن يكون الاستثمار في التراث الثقافي جزءًا من استراتيجية التنمية المستدامة؛ من خلال الحفاظ على المواقع التاريخية والتقاليد الثقافية، يمكن للمجتمع المحلي تطوير مصادر دخل مستدامة على المدى الطويل على سبيل المثال، يمكن تنظيم الفعاليات والمهرجانات المحلية لتعزيز الثقافة المحلية وجذب السياح وزيادة الإقامة والإنفاق في المنطقة. 4- التوعية والتعليم: يعزز التراث الثقافي التوعية والتعليم لدى الأجيال الشابة والمجتمعات المحلية. يعمل على نقل المعرفة والتأكيد على القيم والممارسات التقليدية والحكمة المكتسبة عبر الأجيال. يمكن أن يكون للتعليم في مجال التراث الثقافي أثر إيجابي على التفكير الابتكاري وتنمية المهارات الفردية والاجتماعية، مما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. على الرغم من أهمية التراث الثقافي في الاقتصاد، يجب أن يتم التعامل معه بحذر وتوازن. يجب الحفاظ على التراث الثقافي بطرق تحافظ على تكامله وأصالته، مع ضمان استدامته في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية. يجب أيضًا توجيه الاستثمارات والجهود نحو تنمية البنية التحتية وتعزيز الوعي والتثقيف حول التراث الثقافي، بما في ذلك حماية المواقع التاريخية والتقاليد الشفهية والحرف التقليدية. خلاصة القول: يعد التراث الثقافي موروثًا ثمينًا يجب الحفاظ عليه وتنميته بطرق تعزز التنمية الاقتصادية المستدامة وتعزز الهوية الثقافية، وتوفر فرص عمل وتعزز السياحة وتعزز التواصل والتفاعل الثقافي بين الشعوب والثقافات المختلفة. * أستاذة التاريخ القديم في جامعة الملك سعود