( وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرْتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُون) امرأة فرعون إحدى أعظم المؤمنات في التاريخ، رغم أنها كانت زوجة أحد أشهر الكفار في التاريخ، وهي إحدى أربع نساء بلغن الكمال، فقد قال سيد البشر محمد صلى الله علية وسلم: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع، مريم ابنة عمران وآسيا زوجة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»، الواضح في الآية، أن فيها إحدى أشهر فراستين في التاريخ، الفراستان كانتا لنساء، والأمر الآخر أن الفراستين كانتا في شخص واحد هو موسى عليه، أما الفراسة الأولى فقول آسيا (وعَسَى أَنْ يَنْفَعْنَا)... فكان موسى عليه السلام ابنها، ونبيها، الذي آمنت به وأوصلها إلى الجنة، وليس بعد الجنة منفعة، أما الفراسة الثانية فكانت لابنة الرجل الصالح، حين قالت له ابنته بعد أن سقى لها ولأختها ماشيتهم (يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرَهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ)، فكان موسى عليه السلام نِعْم القوي، ونِعْم الأمين، قدر الله نافذ لا محالة. انظروا إلى فرعون ذبح آلاف الأطفال قبل ميلاد موسى عليه السلام؛ لأن المعبرين أخبروه أن تأويل رؤياه ولد لبني إسرائيل يكون زوال ملكه على يديه، ولكنه في المقابل رقّق قلب آسيا على موسى عليه السلام، فتربى في بيت فرعون. ذبح آلاف الأطفال خوفاً من مجيء الطفل صاحب الرؤيا ولما جاء صاحب الرؤيا موسى رباه في بيته. ما كتبه عز وجل واقع لا محالة، وما قدره كائن لا شك، ولكنه سبحانه جعل هذه الدنيا دار أسباب نأخذ بالأسباب لأنها واقعة في قدره، ولكننا لا نجعل يقيننا على السبب، بل على من سببها.