تسعى الدول المتقدمة في فعلها الحضاري والثقافي إلى تعزيز تواصلها مع بعضها البعض على اعتبار أن هذا التقارب يلعب دوراً مهماً في تعزيز التفاهم والتعاون بين الشعوب والثقافات المختلفة، كما أنه يسهم في تبادل المعرفة والتجارب وتعزيز الابتكار والإبداع، ويتيح للأفراد والمجتمعات فرصة لاكتشاف واستيعاب وتبني أفكار وتقنيات جديدة من خلال التفاعل مع ثقافات مختلفة؛ فضلاً عن إسهامه في التقليل من التحيزات والتصورات النمطية مما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تبادل الخبرات والممارسات الناجحة بين الثقافات المختلفة. بالأمس أعلن سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل فرحان بدء جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين المملكة والصين أعمالها. وهذا الحدث لا شك أنه يمثل تجسيداً لمضامين رؤية 2030 وأهدافها المتعددة التي تشكّل الثقافة بعضاً من ملامحها؛ فالجائزة التي أطلقتها وزارة الثقافة في فبراير 2019م، وتمنح للأعمال الإبداعية بمجالاتها المختلفة، تعتبر أيقونة ثقافية ستعزز التقارب الثقافي بين المملكة والصين، كما أنها تمثّل تواصلاً حقيقياً مع الماضي، وتأكيداً للحاضر واستشرافاً للمستقبل بينهما؛ سيما وأن العلاقة بين البلدين راسخة ومتينة، وقد تنامت في العقود الماضية بشكل لافت، وعززت تدشين حقبة جديدة وغير مسبوقة من العلاقات التاريخية الودية والاستراتيجية والعمل المشترك معاً على الصعد كافة، وكما يشير المراقبون بأنها تأتي مسترشدة برؤية المملكة 2030 التي تتيح فرصاً كبيرة وواعدة لتعميق التبادل الاقتصادي والشراكة الاقتصادية مع الصين، جنباً إلى جنب مع نماء العلاقات الإنسانية والثقافية، وكذا رؤية الحزام والطريق الصينية، الرامية لبناء شبكة التجارة العالمية التي تربط آسيا بأوروبا وأفريقيا من خلال إحياء مسارات التجارة القديمة لتحقيق المصالح المشتركة للجميع. وتأتي أهمية تفعيل هذه الجائزة كونها ستدعم التقارب الثقافي والحضاري بين البلدين، والتعريف بالمملكة وثقافتها ومنجزاتها في الأوساط الثقافية والشعبية الصينية، وتعزيز التواصل بين الشعبين في المجالات الثقافية، والتعريف برؤية السعودية 2030 واستثمار القواسم المشتركة بينها وبين الرؤية الصينية (الحزام والطريق).