في عالم يزداد ترابطًا وتعقيدًا يومًا بعد يوم، تبرز الأيام الدولية كاستراتيجية فعالة في تعزيز الوعي وتحفيز العمل والتعبئة حول موضوعات حيوية تخص المجتمع المحلي أو العالمي بأكمله. هذه الأيام تشكل فرصاً لتسليط الضوء على القضايا العالمية، مثل: تعزيز التعليم والمعرفة، وحشد الجهود من أجل التغيير الإيجابي. يمكن ملاحظة هذا بوضوح في القضايا البيئية، حيث تُظهر المناسبات العالمية مثل اليوم العالمي للبيئة تأثيراً ملموساً في تعزيز العمل البيئي على مستويات مختلفة. تتيح الأيام الدولية الفرصة للحكومات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والأفراد لتنظيم الأحداث والأنشطة المتعلقة بموضوع اليوم. يمكن أن تتراوح هذه الإجراءات من المؤتمرات وورش العمل والبرامج التعليمية إلى العروض الثقافية وخدمة المجتمع وحملات التوعية. ويلعب الاحتفال بالأيام الدولية دورًا حاسمًا في تعزيز التعاون الدولي من خلال الجمع بين مختلف أصحاب المصلحة، بما في ذلك وكالات الأممالمتحدة والحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص، للعمل على تحقيق أهداف مشتركة. ويعد هذا الجهد التعاوني ضروريًا لمعالجة التحديات العالمية المعقدة التي لا يستطيع أي كيان منفرد أن يحلها بمفرده. فاليوم الدولي للتعليم، على سبيل المثال، يؤكد على الدور الحاسم للتعليم في تحقيق التنمية المستدامة ويعزز العمل الجماعي لضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع. وكذلك يمكن للأيام الدولية أن تؤثر على صنع السياسات على المستويين المحلي والعالمي من خلال لفت الانتباه إلى قضايا محددة، يمكن لهذه الاحتفالات أن تؤدي إلى مناقشات وحوارات تمهد الطريق لتغيير السياسات والإجراءات التشريعية. وعلى سبيل المثال لا الحصر يعد الاحتفال باليوم الدولي للتنوع البيولوجي (IDB) في 22 مايو من كل عام بمثابة دعوة عالمية للعمل من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي الهائل للأرض، فمنذ اعتماد اتفاقية التنوع البيولوجي (CBD) في 22 مايو 1992، تطور اليوم الدولي للتنوع البيولوجي ليصبح منصة قوية لرفع مستوى الوعي وحشد العمل بشأن قضايا التنوع البيولوجي في جميع أنحاء العالم. حيث يؤكد موضوع عام 2023، "من الاتفاق إلى العمل: إعادة بناء التنوع البيولوجي" From Agreement to Action: Build Back Biodiversity ، على الضرورة الملحة لتنفيذ إطار كونمينغ-مونتريال Kunming-Montreal العالمي للتنوع البيولوجي الذي تم تبنيه في المؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة بشأن التنوع البيولوجي (COP 15). ويعد الاحتفال بهذا اليوم بمثابة نقطة الاتزام ومراقبة سنوية لتذكير الجهات الحكومية والمجتمع الدولي بالتزاماتها وضرورة ترجمة هذه الاتفاقيات إلى سياسات وإجراءات ملموسة. في بلادنا الحبيبة تمثل المبادرة السعودية الخضراء (SGI) جهداً وطنياً شاملاً يهدف إلى معالجة تغير المناخ، وتحسين نوعية الحياة، وحماية البيئة للأجيال المقبلة. تم إطلاق هذه المبادرة كجزء من رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وتؤكد التزام البلاد بالحفاظ على البيئة وانتقال الطاقة. وتشمل الأهداف الرئيسة إنتاج أكبر مشروع للهيدروجين النظيف في العالم في نيوم بحلول عام 2026، وحماية 30 % من المناطق البرية والبحرية في المملكة العربية السعودية، والهدف الطموح لزراعة أكثر من 600 مليون شجرة. بالإضافة إلى ذلك، تهدف المبادرة إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار 278 مليون طن سنويًا. يعتبر 27 من مارس وهو اليوم الخاص لمبادرة السعودية الخضراء (SGI) مثالًا بارزًا على كيفية استخدام الأيام الدولية لتعزيز الوعي والعمل بشأن قضايا محددة. من خلال تخصيص يوم رسمي للاحتفال بهذه المبادرة، تُظهر المملكة العربية السعودية التزامها بمواجهة تغير المناخ وحماية البيئة للأجيال المقبلة، وكذلك والتذكير بدورها في المجتمع الدولي ليس فقط من خلال تعزيز المحافظة على توازن البيئة بل من خلال دورها كلاعب مهم في قطاع الطاقة العالمي.